×
محافظة المنطقة الشرقية

إنجاز مشاريع لدرء أخطار السيول بـ343 مليونا

صورة الخبر

في معرضه الأبطال الخارقون يحطم الفنان محمد المهدي أسطورة البطل الخارق، ليؤكد ليس هناك أبطالا خارقون في هذا العالم، لا فرداً ولا قوة عظمة!، هناك حقيقة؛ أحلام تنتظر التحقق، وأماني هي أشبه بالمستحيلات، لكن الأبطال الخارقين في منظوره، هم من يسقطون في أفخاخ هذه الحياة، فيعجزون عن فعل كل شيء، وحتى عن أبسط الأشياء؛ حل مشاكلهم الزوجية! في هذا الحوار، يكشف لنا المهدي هذا الوهم الذي سكن عقلهُ خلال مرحلة الطفولة، حتى بلوغه سن الرشد، وبالتالي سن المسؤولية الذي تحطمت عنده ذاكرة الطفولة، لتتحول إلى ذاكرة، يحييها بسخرية وتهكم، وتحل مكانها تلك الأماني والأحلام الواقعية، التي تتتمثل في تلبية الاحتياجات الحياتية! أبطال خارقون لكنهم عاجزون! يقر المهدي بأن معرضهُ هذا يحمل أسماً يختلف عن المضمون، فالمضمون عبارة عن أمنية لطفل، وبينما يكبر، ويخوض معترك الحياة، يجد أمانيه وأبطاله الخارقين قد عجزوا عن فعل أي شيء! فالأمنية التي كبرت مع هذا الطفل تبدو طوباوية، لا يمكن تحققها على أرض الواقع، لكنها تأخذ مسارات جديدة، حيثُ تتحول أمانيه إلى أمانٍ متفقة مع متطلبات الحياة، وعلى رأسها الحصول على سكن، وهذا ما تعاني منهُ شريحة واسعة من الناس، ولهذا أعكسهُ بزخمه في مجمل أعمالي التي احتواها المعرض. يتوقف المهدي ليؤكد الاسمنت هذه المادة الحلم، والتي ترمز للسكن، وظفتها لتحاصر أولئك الخارقين، ليتساءل المتلقي؛ هل باستطاعة هؤلاء الأبطال أن يتحرروا من هذه المادة الصلبة؟ وبالتالي هل باستطاعتنا نحن البشر فعل ذلك؟. السخرية من الوهم يسرد المهدي في حديثه مراحل إدراك الوهم الذي يسكنُ عقول الأطفال، ذلك الوهم الذي يجعل منهم مؤمنين بأبطال يستطيعون فعل كل شيء، لكنهم ليسوا إلا وهماً، ولهذا حاولت أن أسخر من هؤلاء الأبطال، عبر تحويلهم لشخصيات كاريكاتورية، هزلية، عاجزة أمام فعل أي شيء، وقد تعمق محمد في تبيان هذا العجز، موضحاً جسدت في أعمالي أولئك الأبطال وهم يقفون عاجزين عن حل أبسط المشاكل التي تواجههم، فكيف بمشاكل الناس، كما تصور لنا الأفلام الكارتونية، والسنمائية؟. وتعريجاً على مشاكل الناس، وقفت مع المهدي حول الواقع العربي، المليء بالصراعات والحروب، وكيف انعكس ذلك على أعمالهُ في هذا المعرض، ليقول جسدتُ انعكاس هذا الواقع عبر إحدى الأعمال التي صورت فيها جنوداً ملثمين، يحملون رؤوسا مقطوعة، وعلى يسارهم طفلة تنظر من نافذة منزلها، فتهاتف البطل الخارق الذي يغط في نومه، وأحلامه السعيدة، تاركاً الواقع غارقاً في فوضويته وبذلك يؤكد محمد بأن العالم يخلو من الأبطال الخارقين، سواء على نطاق الأفراد، أو على نطاق القوى العظمة، التي تتصدر دور البطل الخارق الذي سيحرر العالم! توقفت عند ذلك لأسألهُ عن سبب كون مجمل هؤلاء الأبطال الذين صورتهم أشتغالاته، هم أبطال غربيون، ليعقب على ذلك الواقع هو ما يفرض ذلك، إذ أن مجمل الأفلام الكارتونية أفلام أجنبية، وأنا عبر معرضي هذا، أسلط الضوء على التأثير الغربي الذي مارس طغيانهُ علينا عندما كنا أطفالاً، ويمارس في الوقت الحالي ذات التأثير على أطفالنا!. بين المسكن ومادته! لماذا لجأ المهدي إلى الأسمنت كمادة تعبيرية احتوت عليها العديد من أعماله، يخبرنا حول ذلك الأسمنت يمثل لغة فرضها الموضوع، فالموضوع هو من يفرض المفردة والخامة، وبالتالي استخدامي للأسمنت، عبر تداخله مع الكولاج، وألعاب الأطفال الجاهزة، وذلك في تجربة جديدة أخوضها للمرة الأولى، إلى جانب الأدوات التقليدية، ورقائق الأوراق الذهبية التي استخدمها لأول مرة في هذا المعرض. ولهذا ارتباط بما يعيشه المهدي من حلم، حيثُ البيت هو الأمنية التي تسكنهُ فالسكن من المشكلات الصعبة التي تواجه شريحة واسعة، وهذا الواقع ينعكس في لوحاتي بكثافة، وأنا بذلك أربطها بالأبطال الخارقين، لأتساءل؛ هل يستطيع هؤلاء الأبطال أن يخلصوا أنفسهم من سطوة الأسمنت؟ وهل نحنُ اليوم -أسرى هذه المدة ورهناؤها- أن نتخلص منها عبر تحقيق أمنياتنا؟. المتلقي ورسالة الفنان ومناهجنا! للخروج من أجواء الأبطال الخارقين، عرجنا على المتلقي، ورسالة الفنان، إذ يقف المهدي موقفاً من المتلقي، حيثُ يقسمهُ إلى متلقٍ إيجابي، وآخر سلبي، فالأخير هو ذلك الذي ينظر للعمل بوصفه ديكور، أما الأول فهو الذي يقرأ العمل بكل مكوناته، ليدرك رسالة الفنان، ويوضح محمد بأن واقعنا العربي مليء بالمتلقي الذي ينظر للعمل بالشكل الثاني، فيما المتلقي الغربي يقرأ العمل قراءة مفاهيمية، يحاول فيها إدراك مغزى الفنان. ويجناح المهدي في لوم مناهجنا التي تخلو من تعليم التلاميذ قراءة العمل الفني، وتركز مناهج التربية الفنية على تعليم الطالب الرسم، في الوقت الذي يتوجب أن نتوقف عن تدريس الفن كما يحدث الآن، ويجب أن تدرس كيفية قراءة الأعمال الفنية، وتخريج ملتقيٍ قادر على إدراك رسالة الفنان. وفي سياق متصل سألتُ المهدي عن جنوحه إلى التجريد في لوحاته، في الوقت الذي يميل فيه إلى رسم بعض الأشكال بشكلها المباشر، وعلق على ذلك بالقول التجريد هو لحظة التعبير عن الحالة الوجدانية الحادة التي أعيشها، فكما يجنحُ الطفل المشرد حين يمسك قلماً لرسم الخطوط الحادة، التي تعكس حالتهُ الداخلية، أجنحُ أنا لفعل ذلك في بعض المواضع. يذكر أن معرض الأبطال الخارقون يستمر حتى أواخر يونيو الجاري، في جاليري الرواق للفنون.