عرفت المدينة المنورة بسورها التاريخي القديم ومن أشهر أبواب هذا السور باب العنبرية الذي ظل موجودا حتى وقت قريب ويقع في الركن الجنوبي الغربي من سور المدينة القديم عند مسجد العنبرية في نهاية شارع العنبرية. ويؤدي باب العنبرية الى مكة المكرمة وجدة ومنه يدخل زوار المدينة القادمين من الغرب والجنوب والقادمون عن طريق البحر . وبني باب العنبرية مع بناء السور الثاني الذي بناه أهل المدينة عام 1220هـ زمن السلطان محمود خان الثاني، ثم جدده السلطان عبد الحميد عام 1305هـ وزاد في السور من تلك الجهة، فسمي بالباب الحميدي نسبة إليه، ثم عمل له السلطان رشاد ـ آخر سلاطين بني عثمان ـ بعض الإصلاحات فسمي بالباب الرشادي، وظل على هذا الوضع حتى أزيل ضمن مشروع إزالة سور المدينة الذي بدأ حوالي عام 1370هـ ويقول اللواء الدكتور أنور عشقي مدير مركز الشرق الأوسط للدراسات الإستراتيجية أن باب العنبرية كان يستقبل الركب المكي القادم لزيارة مسجد رسل الله السلام عليه ويخرج أهالي المدينة لإستقبالهم من باب التكريم لهم مضيفا أنه يتم اغلاق الباب مساءاً ويمنع دخولها لغير المضطر لأن النبي الكريم كان يحبذ أن يأتي الرجل أهله في البيت نهارا وكان المسافرون وقتها ينتظرون دخول النهار في قهوة ابار علي لكي يسمح لهم بدخول المدينة في النهار . وتشير بعض الأقاويل إلى أن سبب تسمية العنبرية بهذا الاسم يعود إلى رائحة طيبة كانت قديما تلف هذه المنطقة كل مساء وهي تشبه إلى حد بعيد رائحة العنبر إلا أن الدكتور عاصم حمدان أستاذ الأدب العربي في جامعة الملك عبدالعزيز بجدة الذي درج أيام طفولته في أحضان العنبرية نفى تلك الأقاويل في كتابه«رحلة الشوق في دروب العنبرية» وأرجع سبب هذه التسمية إلى أن أرض العنبرية التي كان اسمها سابقا «بلاد النقا» كما عرفت أيضا باسم «الدوس» كان يملكها في أيام الأتراك والعثمانيين رجل اسمه عنبر آغا ومن هنا جاءت تسمية العنبرية. وأشار الدكتور عاصم في كتابه إلى أن من أبرز المعالم التي اشتهرت العنبرية بها «دكة الترجمان»، حيث في تلك الدكة كان يقوم كتاب المعلمة «زينب مغربل» رحمها الله ويعود لها الفضل الأول بعد الله في تعليم سيدات المجتمع المديني القراءة والكتابة والكثير من العلوم الأخرى وذلك قبل إنشاء مدارس نظامية لتعليم البنات. وإلى جانب هذه الدكة تقع التكية المصرية والاستطيون «محطة سكة الحديد» ومقر الجامعة الاسلامية التي كان السلطان عبد الحميد ينوي انشاءها ولكنها عوض عن ذلك أصبحت مقرا لثانوية طيبة وأيضا فرن العم حجازي الذي انتقل صاحبه فيما بعد الى حارة الاغوات ليعيش هناك بقية حياته وحيدا بعد ان توفيت رفيقة عمره وهي في ريعان الصبا. ومما ذكره حمدان أن العنبرية في الماضي كانت مكانا للعديد من الأزقة والأحواش أشهرها حوش الجوهري والراعي وابوجنب وسنان وأبو ذراع والهاشمية والسلطان وقد سكنها بعض أفراد قبيلة حرب العريقة وأتباعهم، وكذلك تضم العنبرية مسجد الغمامة ومسجد العنبرية الشهير ومسجد بلال ومبنى الهاتف، وتوجد بها بيوت الخريجي الحجرية والثكنة العسكرية المسماة بـ «القشلة» والكاتبية «السنوسية» التي تقع بالقرب من حوش صغير يعرف بـ «معيركة» ويعرفه أهل المدينة جيدا وسكان العنبرية تحديدا. المزيد من الصور :