×
محافظة المنطقة الشرقية

العسعوسي: مخزون محطات الكهرباء خفّض أرباح «البترول الوطنية» | النفط

صورة الخبر

تؤكد الإحصاءات على عدد الشباب السعودي الذي سهل غسل أدمغتهم وتحويلهم من صغار سن أبرياء إلى أحزمة ناسفة، وقنابل موقوتة، وتشير هذه الإحصاءات كذلك إلى سهولة انخراط الشاب السعودي على وجه الخصوص في نسيج التنظيمات المارقة، حين تجذبه إليها باسم الدين، وبهدف محاربة الكفار، وتحت ذريعة تخليص الإسلام مما شابه من خزعبلات وبدع، ومع أن مثل هذه المبررات والشعارات عارية عن الصحة، ومخادعة ورنانة إلا أننا نجد شبابا ينساقون بقناعة غريبة عجيبة إليها، ويسلمون أنفسهم أداة سائغة في أيدي القائمين على مثل هذه التنظيمات، وهنا يأتي السؤال الأليم المفحم لنا جميعا: لماذا يسهل توظيف شبابنا السعودي خاصة؛ ويسهل خداعه وتجنيده خدمة للإرهاب والترويع، على نحو ما تبين لنا في أحداث كثيرة آخرها فاجعتا مسجدي «القديح» و«العنود»؟ تبدو الإجابة عن مثل هذا السؤال العميق متشعبة، يتداخل فيها الديني بالاجتماعي بالنفسي بالتعليمي بالأسري، وتكتسب بُعداً فلسفيا عميقا للغاية، ولكنها مجتمعة تشير إلى خلل اغترفناه جميعا في حق هذا المجتمع، ونتحمل مسؤوليته دون استثناء، أسرة ومدرسة وجامعة ومؤسسات ثقافية ومؤسسات دينية، إذا ما نظرنا إلى الحواضن التي تتلقف الشاب السعودي منذ طفولته حتى يتشكل يافعا يمكن الاعتماد عليه. إحدى الدراسات الأكاديمية تناولت كيفيات تشكل الإرهابي، وحصرت الأسباب في عوامل نفسية واجتماعية وتعليمية واقتصادية، وسوف استثني الاقتصادية في الحالة السعودية، وسأبقي على الأسباب الأخرى، فالباحث يرى أن من أهم الأسباب الحياة الروتينية وما تؤدي إليه من ملل يدفع إلى مثل هذا الهرب، وتربط ذلك كله بالعزلة التي يعيشها الشباب في بداية دخولهم إلى التدين غير المستنير، الذي يأخذهم حتما إلى الانغلاق التام، ثم التطرف، مما يساعد على الدخول في دائرة التضليل من قبل أمراء الإرهاب. ولكن علينا أن نتساءل بداية لماذا يدخل الشاب السعودي في دوامة العزلة والانغلاق، لابد من وجود أسباب اجتماعية ضاغطة، قد تكون ناتجة عن صرامة التقاليد والعادات، التي بلغ بعضها حدّ البِلى واللامعقولية، وهي قد تبدو بسيطة في نظرنا ولكنها كفيلة بخلق قنابل موقوتة، كمظاهر الفرح والبهجة التي خنقناها بمبررات المحافظة والتشدد، حتى استحالت بفعل هذه الضغوط المجتمعية الصارمة إلى خوف وتوجس ورعب حتى من مجرد الابتسامة، اضف إلى هذا وذاك حالة الرقابة التي تلاحق الشاب في الشارع والسوق والمدرسة وكل مكان، وتحيله متهما قبل أن تثبت عليه التهمة. خلايا نائمة سلمنا إليها شبابنا بنوايا حسنة منا، فنمت دون رقابة تحت مظلة الكتب التكفيرية والأحاديث المزيفة، والمقولات العنيفة، والتي كبرت وكبرت وحملت فكرها المدمر باسم الدين وبكل أسف، تركنا هذه الخلايا تعبث في أنشطة المدارس اللاصفية، وتركنا الشاب عرضة لمناشط شبابية مجتمعية استبدلت الفرح بالرؤى السوداوية للحياة، وبالفكر الإقصائي؛ وعلينا أن نحسب ونحسب؛ كم وكم هيأت هذه المناشط من شاب سعودي وأعدته دون قصد، فغادر ليعود حزاما ناسفا يفجر وطنه وأهله ونفسه!. نعم بكل تأكيد لدينا قصور كبير في العناية بالفعاليات الشبابية، التي يدخل في إطارها أشكال الترفيه والفنون وحواضن الثقافة والأدب، أو حتى تلك الهوايات المقربة التي يحبها الشباب، وبالتالي فشبابنا يعيش أزمة فرح وأزمة انفتاح على الآخر، وأزمة خنق للفن والحياة الرحبة، مما جعله عرضة لتبني العمليات الانتحارية الإرهابية وكأنه يُفرغ فيها حمولة طاقاته ومواهبه، في ظل أناس خدعوه باسم الدين والجنة والحور العين.