بدأت وزارة الدفاع الاميركية (بنتاغون) امس برنامج تدريب وتسليح افراد مختارين من «المعارضة السورية المعتدلة» لتحقيق ثلاثة اهداف بينها «التوصل الى حل سياسي» في سورية، في وقت لا يزال الرئيس الاميركي باراك اوباما «يقاوم» الضغوط الكبيرة من مسؤولين في ادارته ومن دول اقليمية حليفة لتوفير «حماية جوية» لهذه القوى لدى نشرها في الاراضي السورية ضد هجمات محتملة لقوات النظام السوري. وقال مصدر ديبلوماسي غربي لـ «الحياة» ان مسؤولين في وزارتي الدفاع والخارجية وهيئة الاركان الاميركية والمسؤول عن «برنامج تدريب وتسليح» المعارضة الجنرال مايكل ناغاتا طلبوا من اوباما الموافقة على «توفير حماية جوية من مقاتلات التحالف الدولي - العربي ضد داعش، لدى نشر مقاتلي المعارضة في سورية ضد أي هجمات بما فيها من قوات النظام السوري، لكن اوباما لا يزال يقاوم اتخاذ قرار كهذا»، فيما اشارت مصادر أخرى الى «تخوف اوباما من احتمال تأثير اي قرار كهذا على المفاوضات الجارية مع ايران في شأن البرنامج النووي وعلى وجود حوالى الفي خبير وعسكري اميركي في العراق». وكانت السفارة الاميركية في دمشق بثت امس على صفحتها في «فايسبوك» ان «قوات اميركية ومن دول حليفة بدأت تدريب الدفعة الاولى من متطوعي المعارضة السورية المدققين أمنياً في شكل مناسب لدعم الجهود الرامية الى الحط من قدرة تنظيم «داعش» الارهابي وهزيمته في نهاية المطاف»، مضيفة: «هذا البرنامج متعدد الجنسيات والوكالات تشارك في تنفيذه قوات عسكرية من التحالف ووزارات خارجية واجهزة استخبارات ودوائر تحقيق مدنية، وان منهاج التدريب مصمم لتلبية حاجات محددة لقوات المعارضة السورية ويمكن ان يكون مصمماً لملائمة متطلبات محددة بالنسبة للمهمة والافراد». وتشمل التدريبات العسكرية التي تأجلت بعد اقرارها في الكونغرس الاميركي بداية العام لفترة مطولة برامج مشابهة في تركيا والسعودية وقطر والاردن. ونقلت «فرانس برس» عن وزير الدفاع الاميركي اشتون كارتر لصحافيين في»بنتاغون» في واشنطن: «هناك حوالى 90 متدرباً في الوحدة، ونتوقع بدء تدريب وحدة أخرى الاسبوع المقبل». وبحسب مصادر مطلعة ومسؤولين في وزارة الدفاع الاميركية، فان اكثر من 3750 سورياً تطوعوا للمشاركة في التدريبات تم اختيار 400 منهم قبل التدقيق في هوياتهم، علماً ان الخطة التي اقرها الكونغرس تضمنت تدريب حوالى خمسة الاف سنوياً بموازنة قدرها نصف بليون دولار اميركي. ومن المتوقع ان يساعد حوالى الف جندي اميركي في العملية. كما سبق ان انتشر حوالى 450 عنصراً من التحالف بقيادة اميركية لهذا الغرض. وشهدت خطة تشكيل قوة معتدلة من المعارضة السورية خلافات بين واشنطن والحلفاء في المنطقة، اذ ان انقرة تريد اعطاء اولوية لمحاربة قوات النظام السوري وتنظيم «الدولة الاسلامية» (داعش) وتوفير مناطق آمنة لقوات المعارضة، فيما تمسكت ادارة اوباما بـ «اولوية محاربة داعش». ولاقناعهم بجدوى البرنامج، ابلغ مسؤولون اميركيون حلفاءهم ان مهمة «المعارضة المعتدلة» تشمل ثلاثة اهداف، هي: «محاربة داعش، والاحتفاظ بالاراضي التي تتم السيطرة عليها، والدفع باتجاه حل سياسي في سورية» ما يعني امكان تفسيره بـ «امكان الضغط على النظام السوري». وقال رئيس هيئة الاركان المشتركة الجنرال مارتن ديمبسي في واشنطن امس ان «قبضة (الرئيس بشار) الاسد على السلطة بدأت تتراخى. وهناك تباطؤ في اندفاعة النظام. وسأسعى لو كنت مكانه الى البحث عن فرصة للتفاوض» على حل سياسي. لكن العقدة التي لا تزال قائمة، تتعلق بتوفير الحماية الجوية لهذه القوة السورية لدى نشرها بعد بضعة اسابيع ضد غارات النظام. وقال المصدر الغربي ان انقرة وافقت على توقيع اتفاق اقامة معسكر للتدريب جنوب تركيا وقرب حدود سورية بعدما حصلت على ضمانات بينها المشاركة في اختيار الذين سيخضعون للتدريب وان يكون بين المتدربين مقاتلون تركمان يتخرجون في الدفعة الاولى، علماً انه كان لافتاً دور «الجبهة الاسلامية التركستانية» في معركة السيطرة على مدينتي ادلب وجسر الشغور في شمال غربي سورية. كما سعت انقرة الى الحصول على موافقة اميركية لرفع عدد المتدربين من خمسة الى عشرة الاف سنوياً، ما يعني احتمال رفع اجمالي عدد المتدربين الى ثلاثين ألفاً بدل 15 ألفاً خلال ثلاث سنوات كما كان مقرراً سابقاً. وقال وزير الدفاع ان من المنتظر ان تواجه القوة الجديدة «داعش»، لكن القوات الاميركية ستدعمها ان اصطدمت بقوات نظامية. وصرح: «سنسعى بالتاكيد لحمايتهم ربما بالدعم الجوي. الامر مرهون بمكان وجودهم». لكن المصدر الغربي قال انه الى الان لم يوافق اوباما على «توفير الحماية الجوية»، مشيراً الى ان «الامر الأكيد ان هذه القوة ستكون لديها الصلاحيات بالرد على هجمات داعش والدفاع عن اراضيها، بل والطلب من مقاتلات التحالف ضرب مواقع لداعش او مدرعات واسلحة ثقيلة خلال تقدمها (المعارضة المعتدلة) على الارض». من جهته، قال «الائتلاف الوطني السوري» المعارض في بيان امس ان «الإعلان عن بدء برنامج التدريب والتجهيز بحسب الاتفاق التركي - الأميركي، خطوة يمكن الافادة منها في تطوير قدرات الجيش الحر، خصوصاً أن هذا البرنامج يأتي في سياق إعداد مقاتلين مؤهلين للدفاع عن الشعب السوري في مواجهة إرهاب النظام أو اعتداءات تنظيم الدولة»، لافتاً الى اعلان الخارجية التركية من ان «تدريب مقاتلين سوريين يهدف لتحقيق تحول سياسي حقيقي على أساس بيان جنيف وتقوية الثوار في ما يتعلق بمحاربة الإرهاب والتطرف ومواجهة جميع العناصر التي تشكل خطراً على الشعب السوري التي يدخل النظام ضمنها، وتطوير إمكانات وقدرات الثوار». في المقابل، قالت السفارة الاميركية في بيانها ان «التدريب يهدف الى بناء قدرات المقاتلين السوريين المدققين امنياً كي يتمكنوا من الدفاع عن الشعب السوري ضد هجمات تنظيم داعش وتأمين الأراضي التي تسيطر عليها المعارضة السورية وحماية الولايات المتحدة واصدقائها وحلفائها والشعب السوري من التهديدات التي يشكلها الارهابيون وتهيئة الظروف الملائمة لتسوية سياسية تفاوضية تنهي النزاع الدائر في سورية» من دون اي اشارة الى النظام او «بيان جنيف» الذي نصّ على تشكيل هيئة حكم انتقالية بصلاحيات تنفيذية كاملة. واضافت ان «المجتمع الدولي يدرك حجم التهديد الكبير الذي يشكله تنظيم داعش وان مهمة التدريب والتجهيز جزء حيوي من الحملة ضد هذا التنظيم الارهابي، حيث يواصل اكثر من 60 شريكاً في التحالف الدولي جهودهم المتزامنة التي يعزز بعضها البعض من اجل كبح من قدرة هذا التهديد المشترك وصولاً الى هزيمة داعش».