جاء شاب إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله ائذن لي في الزنا، فأقبل القوم فزجروه، وقالوا: مه مه، فقال له: ادن – أي اقترب منى –، فدنا منه قريباً، قال: أتحبه لأمك؟ قال: لا والله، جعلني الله فداءك، قال: ولا الناس يحبونه لأمهاتهم. قال: أفتحبه لابنتك؟ قال: لا والله يا رسول الله، جعلني الله فداءك، قال: ولا الناس يحبونه لبناتهم. قال: أفتحبه لأختك؟ قال: لا والله، جعلني الله فداءك، قال: ولا الناس يحبونه لأخواتهم. قال: أفتحبه لعمتك؟ قال: لا والله، جعلني الله فداءك، قال: ولا الناس يحبونه لعماتهم. قال: أفتحبه لخالتك؟ قال: لا والله، جعلني الله فداءك، قال: ولا الناس يحبونه لخالاتهم. فوضع الرسول الحبيب يده عليه، وقال: "اللهم اغفر ذنبه وطهر قلبه، وحصن فرجه". فلم يكن بعد ذلك الفتى يلتفت إلى شيء. قاعدة نبوية عظيمة لو طبّقها مَن ينادي بالأفكار المنحرفة التي تتناقض مع ما يؤمن به داخلياً، لتراجع عن الكثير منها، لأنه ببساطة لا يتخيّل أن أفكاره التي يستميت في الترويج لها، قد تطبق على مَن يحبهم ويتمنى السعادة لهم. في أحد اللقاءات كان حديثنا يدور حول "ماذا تريد المرأة من الرجل؟"، وبدأت كل واحدة تبدي وجهة نظرها إما من واقع تجربة أو دراسة، ففوجئنا بإحداهن تقول بمنتهى الحماس "أنا عندي وجهة نظر يمكن تزعجكن، وهي أن الحرمة ما تمشي في الحياة حتى تكون فوق رأسها ضرة، وعشان كذا كل عيالي راح أزوجهم من حرمتين!". كان كلامها صادماً للجميع، ومؤلماً أكثر لوجود زوجة ابنها بين الحضور، لكني لم أفاجأ إطلاقاً، فمثل هؤلاء الأشخاص أصبحنا نراهم كثيرا في الحياة، فهم يؤمنون بأفكار معينة ويستميتون في تطبيقها والدفاع عنها، ولكن في لحظة الحقيقة الذهبية حين يكونون وجهاً لوجه أمام تلك الأفكار وهي تطبق على أحبتهم، فسنرى موقفاً مغايراً متناقضاً! بمنتهى البساطة سألتها "أترضين لأم زوج ابنتك أن تؤمن بفكرتك وتطبقها على ابنتك؟! وجاء الرد بسرعة البرق: "أعوذ بالله كل شيء عاد إلا بنيتي ينحرق قلبها". وخزة قاعدة محمدية ستجعل أصحاب الأفكار الهشة، يدركون كم أن العدل يقتضي أن تطبق على أحبتك ما تدعو إلى تطبيقه على الآخرين.