قد تنبت الوردة من بين «مفاصل الصخور»، وقد «يطلع» العشب «عنيداً» ليفرض خضرته عنوة من بين مكعبات البلاط في حديقة نائية، وقد يظهر الظل أحياناً على طرف حافة مظلمة، فهناك أشياء تعلن سطوتها في منطقة اللامعقول، ودون أن تستأذن أحداً لتعلن فلسفتها الخاصة، لتتركنا مذهولين من لذة المفاجأة. ويحكى أن امرأة صينية مسنّة كانت تملك إناءين لنقل الماء أحدهما مشروخ، والآخر سليم، وفي كل مرة كان الإناء المشروخ يصل إلى نهاية المطاف وفيه نصف كمية الماء، ولمدة سنتين كانت المرأة تصل إلى منزلها بإناء واحد مملوء، والآخر فيه نصفه، وبالطبع، كان الإناء السليم «مزهوَّاً» بعمله، والإناء المشروخ محتقراً نفسه، وبعد سنتين من المرارة، والإحساس بالفشل، تكلم الإناء المشروخ مع السيدة، وقال: أنا خجل جداً من نفسي لأنِّي عاجز، فابتسمت المرأة، وقالت: ألم تلاحظ الزهور على جانب الطريق، أنا أعلم تماماً عن الماء الذي يُفقد منك، ولهذا الغرض غرست البذور على طول الطريق من جهتك حتى ترويها في طريق عودتك إلى المنزل، ولمدة عامين، وأنا أقطف من هذه الزهور الجميلة لأزين بها منزلي، ما لم تكن أنت بما أنت فيه ما كان لي أن أجد هذا الجمال يزين منزلي. ذلك درس آخر للحياة، التي نتعلم منها أن لا نستهين بشيء، مهما كان بسيطاً، فقد يصنع لنا مفاجأة القدر، التي تأتي دون تخطيط منا. إنها معطيات التجارب، التي تصقلها الأيام كقطع الماس «الشهية»، فتعلمنا أن لا قانون يحكم الطبيعة، التي تفرض روعتها، وتعلمنا ألا نستعجل النهايات، التي يمكن أن تُنجب من رحم الألم حياةً، وفرحاً، وتقول لنا إنه لا مستحيل مع إرادة الإنسان، وأنه ستظل في أوراقنا مساحة بيضاء، ستكتب يوماً بلا حبر، فكل الاكتشافات، والاختراعات، التي نشهدها في الحاضر، تم الحكم عليها قبل اكتشافها بأنها مستحيلة، ولكن الحياة تثبت لنا في كل يوم أنها حالة من المفاجآت عندما تتجاوز حدود العقل، ونقاط الضعف، لتُنبت في آخر النفق المظلم ضوءاً، يُشرق في أيامنا. سُئِل نابليون: كيف استطعت أن تولِّد الثقة في نفوس أفراد جيشك؟ فأجاب: كنت أرد بثلاثة على ثلاثة.. من قال لا أستطيع قلت له.. حاول، ومن قال لا أعرف قلت له.. تعلم، ومن قال إنه مستحيل قلت له.. جرِّب!