عند الحديث عن المستشفيات الخاصة والمستشفيات الحكومية والملاحظات التي على كل طرف يحصل خلط عجيب في الأوراق ودفاع مستميت عن الأخطاء والتجاوزات حتى تساءل أحدهم قائلا: لماذا لا تغلق وزارة الصحة مستشفياتها عند حصول أخطاء طبية بها وتفعل ذلك مع المستشفيات الخاصة ولماذا تطبق أعلى المعايير على القطاع الصحي الخاص ولا تطبقها على القطاع الصحي الحكومي. ومثل هذه الأقوال تحمل في مضمونها دعوة لعدم محاسبة القطاع الصحي الخاص على أي تجاوز بحجة أن زميله القطاع الصحي الحكومي معفي من المحاسبة تماما.. ولي أمام هذا الخلط العجيب للأوراق بعض الوقفات منها ما يلي: أولا: كم عدد المستشفيات الخاصة التي أغلقت خلال الأعوام الخمسة الأخيرة وما هي نسبة المغلقة إلى المفتوحة في الفترة نفسها لأن من يسمع الأحاديث أو يقرأ عن إغلاق المستشفيات الخاصة يظن أن ذلك يحصل بالمئات أو العشرات سنويا، مع أن العدد كان محدودا وبعد أخطاء طبية مدانة أدت إلى وفيات ومآس وفواجع أسرية فهل كان المطلوب من الوزارة أن تغمض عينيها عن تلك الأخطاء التي دفع أبرياء حياتهم بسببها بعد أن دفعوا عشرات الآلاف طلبا للعلاج الباهظ التكاليف بحجة أن المستشفيات الحكومية تحدث فيها أخطاء ولا تغلق وهل يجوز تبرير الخطأ بالخطأ إن هذا لشيء عجاب. ثانيا: هل صحيح أن القطاع الصحي الحكومي معفي من المحاسبة كما يزعم المدافعون عن القطاع الصحي الخاص وأن معايير الجودة لم تطبق على المستشفيات الحكومية أم أن الأمر مجرد مقارنات هدفها الدفاع عن المستشفيات الخاصة مع وجوب التأكيد على أن مستوى كبريات المستشفيات الحكومية أعلى بكثير من مستوى معظم المستشفيات الخاصة بل إن كوادرها لا سيما من السعوديين أفضل من كوادر المستشفيات الخاصة. ثالثا: ليس صحيحا أن إجراءات وزارة الصحة ضد المستشفيات الخاصة قاسية إلى حد جعل المستثمرين ينصرفون عن الاستثمار في هذا القطاع لأن الحاصل على أرض الواقع أن نسبة ما أنشئ من مستشفيات ومستوصفات خاصة خلال ربع قرن زادت أضعافا مضاعفة لا سيما في المدن والمحافظات الكبرى وما أنشئ منها قبل ذلك التاريخ توسع من حيث الأبنية والمساحة وعدد العاملين إلى عشرة أضعاف ولو أن هذا المجال الاستثماري غير مربح لما زاد الإقبال عليه ولانصرف المستثمرون عنه. رابعا: إن أهم سبب لإقبال القادرين وشبه القادرين من الناس على مراجعة المنشآت الصحية الخاصة مع توفر العلاج نفسه في المستشفيات المجانية الحكومية هو تباعد المواعيد وطول مدة الانتظار خلال مراجعة العيادات الخارجية وربما بعض الخدمات الفندقية المدفوعة الثمن في المستشفيات الخاصة ولا شيء غير ذلك. إن وجود تقصير في خدمات بعض المرافق الصحية الحكومية أمر ثابت ولكن علاجه لا يكون بالدعوة إلى غض النظر عن مخالفات المستشفيات الخاصة، بل بالدعوة إلى الارتقاء بالجانبين معا. وأخيرا فإن الشكوى من الأخطاء الطبية وإقامة دعاوى قانونية أمر موجود في كل مكان في الدنيا والغرامات الموقعة في دول الغرب ضد أي خطأ طبي ثابت تصل إلى الملايين وقد تقصم ظهر المستشفى الذي وقع فيه الخطأ بينما تحتسب غرامات الأخطاء لدينا وفق منظور إرث الجراح والديات فلا تكفي بعض تلك الغرامات لعلاج ضحية خطأ أصيب بعاهة دائمة لمدة شهر ومع ذلك نجد من يتباكى على فرض تلك الغرامات البسيطة على مستشفى خاص من المستشفيات ولو كان من وقع عليه الخطأ الطبي ابنا أو قريبا للمتباكي لربما كان له موقف آخر!؟.