جاء الإعلان عن قرار المملكة العربية السعودية إعادة هيكلة الإدارة العليا لشركة أرامكو السعودية في نهاية أيام عمل الأسواق الجمعة ليتركها تهضمه على مدى عطلة نهاية الأسبوع قبل افتتاحها الاثنين. وإن كانت الأسواق لا تتوقع أن يؤثر التغيير على سياسة الإنتاج النفطي للمملكة إلا أن دوائر المال والأعمال تتحسب لتبعات تلك الخطوة على سوق الطاقة المحلي السعودي وسياسات المملكة الاقتصادية في المرحلة المقبلة. وكان العاهل السعودي أصدر أوامر ملكية بفصل أكبر شركة للطاقة في العالم عن وزارة البترول السعودية وتعيين الرئيس التنفيذي خالد الفالح رئيسا لمجلس إدارتها وتشكيل مجلس أعلى للشركة برئاسة ولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان. وجاء التغيير ضمن عملية تغيير واسعة بدأت في المملكة تدفع بقيادات شابة إلى صدارة الحكم وتعزز من سلطات تلك القيادات. لكن ما يهم العالم في إعادة هيكلة أرامكو هو سوق النفط ومستقبل الخطط الاقتصادية للملكة، التي تعد عائدات النفط الذي تبيعه أرامكو مصدر تمويلها الرئيسي. بالنسبة لسوق النفط، لا يتوقع الخبراء تغييرا في السياسة السعودية التي أدت إلى عدم تدخل منظمة الدول المصدرة للبترول (أوبك) العام الماضي وخفض إنتاجها مع تراجع الأسعار بمقدار النصف تقريبا. وحتى التكهنات التي تشغل الأسواق باحتمال تغيير وزير النفط السعودي المخضرم على النعيمي لا تثير أي قلق بشأن السياسة النفطية للملكة. لكن للتغيير الذي حدث تبعات أخرى تثير اهتمام كثيرين خارج المملكة، أولها أن أرامكو منذ خصخصتها في الثمانينات وصلت لأن تكون أكبر شركة طاقة في العالم، وإذا حدث وطرحت في الأسوق فستكون أكبر شركة في العالم على الإطلاق (تتجاوز قيمتها تريليون دولار). وتنتج أرامكو 10 ملايين برميل من النفط يوميا، وتشكل عائداتها القدر الأكبر من الدخل القومي للمملكة. ويرى محللون سعوديون ومن خارج المملكة أن إعادة هيكلة الشركة سيعني ضبط سوق الطاقة المحلي واستغلال العائدات في تنويع اقتصاد المملكة أكثر، والاستثمار أيضا في مجالات الطاقة المتجددة. كما أن فصل الشركة عن وزارة البترول يهدف إلى أن تعمل الشركة على أساس تجاري كفؤ بعيدا عن البيروقراطية الحكومية. ويقول محللون سعوديون إن وضع الأمير محمد بن سلمان، الذي يتولى إلى جانب وزارة الدفاع رئاسة المجلس الاقتصادي في المملكة، يهدف إلى زيادة الكفاءة للشركة ووقف الهدر وإمكانية اتخاذ خطوات جريئة على صعيد الاستفادة من عائداتها.