لي صديق لا ينفك عن البحث عن التسلية وما "يوسّع الصدر" من مواقف كوميدية، ورسائل "واتسية" ومشاهد "يوتيوبية"، وبدا أنه يتلذذ بمتابعة التعليق على الأحداث، أكثر من اهتمامه بالأحداث والأخبار نفسها. في الآونة الأخيرة، وتزامنا مع المنصورة بإذن الله "عاصفة الحزم"، بدا أن هذا الصديق قد اتخذ اتجاها آخر في البحث عن التسلية وما يذهب إلى تخصصه الأساسي من ردة الفعل على الأخبار تلك التي تشرح صدره، إلا أن المفاجأة أنه حتى وهو في قمة حماسه لعاصفة الحزم ودعائه الدائم لها بالنصر، إلا أن متابعاته لا تخص وسائل الاتصال والقنوات الموضوعية عن عاصفة الحزم، بل إنه اندفع كثيرا مع تلك القنوات التلفزيونية التي تعلن ضديتها لها، وبالتحديد تلك التي تمولها إيران وتدقها كإسفين وسط القنوات العربية. لم يهتم صديقي باندهاشي، ولم يكترث بمطالباتي بأن أخبارا في قناة العربية أو ما شابهها تستحق المتابعة لموضوعيتها، بل بدا متهكما من قوله أن ليس لي حاجة بتلك الأخبار ما دامت أمورنا وقواتنا وعاصفتنا بخير.. الأمر الذي زاد من عجبي وغضبي في آن! لم يهتم لغضبي حينما بدا مستكينا مطمئنا، بل زاد على ذلك برفع صوت برنامج في إحدى القنوات التي تنتمي إلى إيران فكرا وتمويلا، ليلحظني بعين المستغرب قائلا: إذا أردت أن تضحك بملء فمك فلتترك عنك أولئك الجادين وما عليك إلا متابعة هؤلاء، فلديهم من الكوميديا التي صنعتها الآلة الإعلامية الكاذبة الكثير مما يوسع الصدر، وأضاف -ضاحكا- هل بلغتك أخبار أن الحوثيين اقتربوا بجيشهم من الخليج العربي؟! أو معلومة أن جيش صالح والحوثي قد فرض سيطرته على باب المندب، لم تصلك؟! وأردف قائلا: يبدو يا صديقي أنك غائب عن الأحداث: فأميركا قد جثت على ركبتيها للحوثي لأجل أن يسمح لسفنها بالعبور، بل إن العالم يطالب الحوثيين وصالح أن يكونا رحيمين بعشرات الطيارين المأسورين! هل تريد أكثر -قالها بسخرية- هناك يا صديقي قناة أخرى أستمتع بها حد الاستلقاء على ظهري من شدة الضحك، لا سيما أن هناك اقتتالا في الشوارع وحربا أهلية قائمة في أبوظبي والرياض! ومراكز الشرطة قد احتلت والغضب سيمتد لكل بلدان الخليج. أي سيناريو كوميدي حد الصفاقة تريد أكثر من ذلك؟! ألا يحق لي أن أستمتع وأضحك، بل وأبحث عمن يمنحني مثل ذلك. نعم، ستقول إن هذا الإعلام المضاد لعاصفة الحزم متخلف، وأقول لك: نعم هو كذلك، لكنه ينتمي إلى كوميديا التخلف الفكري المأسوي التي أفضلها! في الختام.. أقول من حقك يا صديقي أن تضحك وتسخر، لأن ما يبثونه يحضر خلال العقد الثاني من القرن الحادي والعشرين. زمن المعلومة الحقيقية المتاحة للجميع، عصر الأقمار الصناعية المرتبطة بالإعلام التي تغطي كل شاردة وواردة. زمن التقنيات التي تعطيك الخبر في وقت حدوثه. لكن يبدو أن الآلة الإعلامية الإيرانية ما زالت تعيش عصور الظلام، ولم يخبرها أحد أن الزمن تغير، والمعلومة -حتى الحربية- باتت متاحة ولم يعد بالإمكان التحايل عليها وتبديلها.