العلاقات الراسخة؛ ليست هي التي تقام على أساس مصالح وقتية، أو التي تبنى من منطلق سلطة القوي على الضعيف. عندما تبني المملكة العربية السعودية علاقاتها فإنها لاتنطلق من ذلكما المنطلقين. بل على أساس ديمومة المصالح المشتركة (الخيّرة) فالمملكة لاتشترك في عمل لايوجد فيه خير للمواطن السعودي والعربي والمسلم والبشر أجمع. ولا تبني علاقاتها من منطلق الأضعف. المملكة لها كيانها المستقل، وقوتها الاقتصادية، وأخيرا ظهر للعالم مدى قدرتها وقوتها العسكرية.. التي لم ولن تستعملها الا من أجل الدفاع عن الوطن والأمة ولخير العالم أجمع. وقبل كل ذلك مكانتها في العالم الاسلامي كقائدة مستحقة، لتطبيقها الشريعة الاسلامية الصحيحة ولرعايتها الحرمين الشريفين، وفيهما وبهما تظهر مدى هذه القوة بقدر الإعمار والرعاية وخدمتهما إلى مستوى يفوق التصور. وهي خدمة نابعة من مسؤولياتها العميقة وبما تفرضها الشريعة الاسلامية، التي اختار الله تعالى قادتها ليقوموا بهذه المهمة بكل شرف واقتدار. ما منح المملكة عظيم الاحترام والتقدير. الحاضر امتداد للماضي.. من الملك عبدالعزيز إلى عهد الملك سلمان للأسباب الآنفة، ولأن المملكة اتخذت منهجها الصادق في علاقاتها مع دول العالم، صارت محل ثقة، وفي كل يوم تزداد وتتجلى ثقة دول العالم واحترام الشعوب للمملكة العربية السعودية.. ويمكننا اختصار الأسباب في جملة: (السعودية تحترم الانسان، وتحترم الدول، وتعمل للخير، وصادقة في سياساتها..همها الاستقرار في العالم والسلامة للشعوب والرخاء للبشر). التأسيس مع التكوين.. من روزفلت وتشرشل إلى أوباما و كاميرون أعلن تأسيس المملكة العربية السعودية عام 1351ه الموافق 1932م. وقد استطاع الملك عبدالعزيز آل سعود – رحمه الله -، وهو الباني والمؤسس لهذا الكيان الكبير، وسار من بعده على نهجه ونظام حكمه أبناؤه البررة؛ أن يقودوا بنجاح متميز؛ سياسة المملكة الخارجية في عالم تعقدت فيه العلاقات الدولية، وتميزت بالصراعات والمنازعات والمتناقضات. وبقيت السعودية راسخة في سياساتها من منطلق عقيدتها الاسلامية الصافية. أسوق هنا بعض المؤشرات، منها ما جاء عن الكاتب المصري ممدوح الشيخ وهو يحاول الإجابة على السؤال التاريخي " هل كان لقاء الملك عبدالعزيز – طيب الله ثراه – والرئيس الأمريكي روزفلت حدثا تاريخيا؟ " واشنطن ولندن تقدران مواقف المملكة وتعاملها مع الأحداث.. وتؤكدان على دعم التعاون .. نقل الكاتب في كتابه "القمة الأمريكية السعودية الأولى: القمة بين الملك عبدالعزيز آل سعود والرئيس روزفلت (1945)" وينقل عن واحد من أهم السياسيين في القرن العشرين هو لي كوان يو (رئيس وزراء سنغافورة في الفترة 1959 1990)، يقول "التفاهم الذي توصل إليه روزفلت والملك عبدالعزيز على ظهر السفينة الحربية كوينسي، لم يكن قليل الأهمية، فقد كان أساس الاستقرار في الخليج، وهي منطقة مضطربة ولكنها حيوية.. وفضلا عن أهميتها الاستراتيجية اكتسبت هذه القمة أهمية رمزية كبيرة حتى بعد مرور أكثر من نصف قرن عليها، وفي الذكرى الستين لانعقادها أقامت "جمعية أصدقاء السعودية" حفلا حضره حفيد الرئيس الأميركي روزفلت وعدد من بحارة السفينتين "يو اس اس كوينسي" و"يو اس اس ميرفي" الذين شهدوا اللقاء. وألقى الرئيس الأميركي السابق بيل كلينتون كلمة وصف فيها القمة بأنها وضعت "بذرة علاقات الصداقة بين البلدين". الاستمرارية واتصال الرئيس الأمريكي الحالي بارك أوباما المستمر وآخره نهاية الأسبوع الماضي ليؤكد للملك سلمان أن النهج لم يتغير، وأن الولايات المتحدة الأمريكية تقف مع المملكة بقوة. ورغم السنوات الطوال – منذ لقاء الملك عبدالعزيز والرئيس الأمريكي روزفلت، بقيت العلاقات كما غرسها الزعيمان، وحافظت عليها المملكة بإرادتها، وصدقها، وحرصها على الأصدقاء الصادقين، وبما يتماشى مع المنهج السعودي المرسوم منذ عهد المؤسس إلى أبنائه حتى عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان – حفظه الله. كما حافظ عليها كل الرؤساء الامريكان. أما العلاقة مع بريطانيا، فقد بدأها المؤسس الملك عبدالعزيز – رحمه الله – ضمن أولويات العلاقات التي حرص على تشكيلها وتثبيتها – بعد التأسيس، تجلى ذلك بشكل أكبر بلقائه التاريخي – رحمه الله - برئيس الوزراء البريطاني ونستون تشرشل في الرابع من ربيع الاول سنة 1364ه الموافق السابع عشر من شهر فبراير 1945م في فندق أوبيرج الفيوم المطل على بحيرة قارون في مصر.. ومنذ ذلك اللقاء تشهد العلاقات السعودية البريطانية تطورا مستمرا في جميع المجالات بما يحقق المصالح المشتركة للبلدين. والاتصال الهاتفي الذي تلقاه خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان -حفظه الله - من رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون؛ هو دليل على استمرار هذه العلاقات مترسخة والمتطورة. المشهد الأخير في المنطقة، وتحديدا حرب " عاصفة الحزم " والتي تقودها المملكة هو محور الاتصال، كما هو الحال في أي حدث يحتاج للتشاور وتأكيد التعاون بين البلدين. وبين المملكة وكل الأشقاء والأصدقاء. اتصال كاميرون بالملك سلمان تطرق فيه إلى تطورات الأحداث في اليمن، وتأكيده التزام بريطانيا دعم المملكة الكامل، واستمرار التنسيق بين الدولتين الصديقتين في كل ما من شأنه تحقيق الاستقرار والأمن في المنطقة. وقد شكر خادم الحرمين - حفظه الله - رئيس الوزراء البريطاني، مؤكداً متانة العلاقات واستمرار التنسيق بين البلدين الصديقين، ودعمه كل الجهود التي توفر السلام في المنطقة والعالم. ثبات الموقف السعودي.. يؤكده الملك سلمان تأكيد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز لرئيس وزراء بريطانيا، هو ذات التأكيد من الملك عبدالعزيز لونستون تشرشل، كما تأكيده – حفظه الله – لباراك أوباما هو نفس ما أكد عليه الملك المؤسس لفرانكلين روزفلت. هي المصداقية السعودية، والثبات، والحكمة والحزم. التي جعلت العالم يحترم هذه الدولة.. ويقف معها وخلفها داعمين كل توجهاتها، واثقين من أن الهدف الذي تنشده القيادة السعودية هو من أجل السلام في المنطقة والعالم.