كتب أخي الكريم المحامي ماجد قاروب سلسلة من ثلاثة مقالات (إلى الآن) عن المادة الثامنة عشرة من نظام المحاماة، وحاول بكل جهد إقناع القارئ بحكمة إلزام المواطن السعودي التاجر والصانع اللجوء إلى محام مرخص في حالات المطالبة بحقوقه في محاكم الدولة، بغض النظر عن رأي أو رغبة طالب الحق في استخدام خدمة محام محترف. استند أخي ماجد قاروب أولا إلى المادة الثامنة عشرة من نظام المحاماة السعودي في أول مقال وذكر وجود بعض الاستثناءات عن الشرط الذي لا يخول لغير المحامي مباشرة أكثر من ثلاث قضايا عن ثلاثة أشخاص متعددين لا تقبل وكالته عن غيرهم. وقد استثنى هذا النظام الممثل النظامي للشخص المعنوي (وكيل الشركة) وسمح له بمباشرة أكثر من ثلاث قضايا في نفس الفترة. ولكن الأستاذ ماجد كتب أن الشخص المستثنى من محدودية مباشرة أكثر من ثلاث قضايا هو من ذكر اسمه في عقد تأسيس الشركة وليس الوكيل الشرعي عنها الموكل من قبل رئيس الشركة. واستند إلى هذا التفسير على ما ورد، حسب قوله، في أنظمة الشركات والسجل التجاري، والغرف التجارية ولوائحها التنفيذية، إلخ. مع كل احترامي للأستاذ ماجد، فلا توجد أي قراءة للأنظمة التي ذكرها تؤيد وجهة النظر هذه. ولكن، لماذا يبحث أخي ماجد عن تفسير لممثل الشخص المعنوي وقد أوضح نظام المحاماة نفسه من يقصد بالشخص المعنوي وممثله الشرعي في المادة 18/7 وهو المشار إليه في المادة الثامنة عشرة من نظام المرافعات الشرعية ولائحته التنفيذية. وبمراجعة النظام المذكور والصادر بالمرسوم الملكي رقم (م/21) وتاريخ 20/5/1421هـ يتضح في مادته 18/ج أن الممثل النظامي للشخص المعنوي بالنسبة لما يتعلق بالشركات والجمعيات والمؤسسات الخاصة هو مديروها أو من يقوم مقامهم أو من يمثلهم. بمعنى أن النظام لم يحصر تمثيل الشخص المعنوي على المدير أو من ذكر اسمه في عقد التأسيس. بل من يوكله المدير. والسؤال هنا لم لم يذكر الأستاذ ماجد هذه المادة التي أشار إليها نظام المحاماة بصفه مباشرة؟. ولم تفصل المادة 18/7 في نظام المحاماة بين الشخصية المعنوية العامة أو الخاصة إنما ذكرتهما معا. وهنا سؤال آخر لتجاهل الأستاذ ماجد ذكر هذه المادة تماما. إضافة إلى ذلك، أبدت هيئة التدقيق مجتمعة في قرار رقم (61) لعام 1428هـ الصادر في 11/5/1428هـ بمقر ديوان المظالم في الرياض ما ذكر في المادة 18/5 في نظام المحاماة وأجاز قرارها موظفو الأشخاص المعنوية الخاصة المفوضين من ممثلي هؤلاء الأشخاص الترافع عنها دون تحديد لعدد القضايا بعد استكمال الإجراءات النظامية. يبدو لي أن النظام واضح في هذا الصدد وأؤيد قرار ديوان المظالم. إذن لماذا هذا الإلحاح من قبل المحامي ماجد قاروب والإصرار على تنصيب مجتمع المحامين كأوصياء على الشعب السعودي، والذي حسب طلب الأستاذ ماجد لن يمكنه المطالبة بحقوقه الشرعية في أغلب الحالات إلا بالاستعانة بمحام (شاء أم أبى) وبغض النظر عن ضرورة الاستعانة بقانوني محترف لقضيته؟. إن أغلب القضايا التي تواجه عددا كبيرا من الشركات هي قضايا روتينية مثل تحصيل ديون أغلبها موثقة بسندات لأمر والتي لا تستدعي غير وكيل الشركة الشرعي لمتابعة تحصيلها. إن ما يطالب به الأستاذ ماجد هو إشراك المحامي في عمليات التحصيل وإعطاؤه نصيبه بغض النظر عن الحاجة لخدماته. هل نعتبرها ضريبة يسددها المجتمع السعودي لمجتمع المحامين لتحصيل حقوقهم؟ وهل الحل هو تعيين عدد إضافي من وكلاء الشركة الشرعيين ليكون مع كل موظف ثلاثة ملفات تحصيل فقط؟. إن كلا الحالتين غير منطقيتين وغير مقبولتين وسوف تضاعف تكلفة الإدارة المالية وتقود بعض المؤسسات والشركات إلى إعدام كمية كبيرة من حقوقها لأن تكلفة تحصيلها قد تفوق قيمتها. فأين الحرص على حقوق المواطن بالإصرار على تعين محامين هنا؟ هذا مثال واحد فقط من العديد من المواقف التي سوف تواجه مجتمع الأعمال إذا فرض النظام عليهم كما يريده الأستاذ ماجد. إن حاجتنا لمهنة المحاماة كبيرة كمجتمع، وبدون شك يلعب المحامي دورا كبيرا في كل مجتمع ليساهم في دعم النظام القانوني والشرعي ويؤدي دوره في الإسهام في تطبيق القوانين والأنظمة وحماية من يطالب بحقه ومن المظلوم من المطالبة. ولكن في نفس الوقت على مجتمع المحامين احترام حق كل مواطن أو كل شخصية معنوية أن يترافع ويدافع عن نفسه كيفما شاء وأن يقرر لنفسه متى يحتاج إلى خدمات قانونية مختصة لمعالجة قضيته ومتى يقرر أن يقوم بتمثيل نفسه أو عبر وكيل شرعي له. إن تنصيب المحامين أنفسهم على المواطن السعودي كحلقة الوصل بينه وبين حقوقه الشرعية يعتبر بحد ذاته انتهاكا لحقوق المواطن إن كان شخصا طبيعيا يملك مؤسسة تجارية فردية أو إن كان مساهما في شركة. أتمنى أن يستمر أصحاب الفضيلة القضاء رؤساء وأعضاء المحاكم والدوائر الشرعية بقبول وكالات موظفي الشركات دون النظر لعدد القضايا التي يمثلونها حفاظا على حقوق المواطن. * العضو المنتدب لشركة الحاج حسين علي رضا وشركاه عضو اللجنة التجارية لوكلاء السيارات