في ظل غياب شبه مطلق لدوريات المرور في البلدات الصغيرة المتناثرة على الطرق السريعة في مختلف مدن المملكة، تستأسد الشاحنات التي تمثل رقماً كبيراً من السيارات السالكة للطرق السريعة، وتهيمن في أحيان كثيرة على كل مسارات الطريق الثلاثة في استغلال واضح من قبل قائدي تلك الشاحنات لغياب الضبط المروري والمحاسبة. ويشكل مرور الشاحنات بالبلدات الصغيرة والهجر والقرى الواقعة على الطرق السريعة رعباً لساكني تلك البلدات، خاصة وأن الطرق السريعة تضيق مساحاتها كثيرا حينما تمر بتلك البلدات حيث صممت الطرق بها منذ زمن بعيد، الأمر الذي جعلها ضيقة ومحاصرة بالمباني التجارية، وهو الأمر الذي يزيد الموقف تعقيداً. وتبدو الربكة واضحة، كلما تواترت أرتال الشاحنات لتشكل طوابيرا تتزاحم أمام إشارات المرور، التي يتم في الغالب قطعها، نظراً لعدم وجود حضور للمرور في تلك القرى والهجر الصغيرة، إضافة إلى أن شوارع تلك القرى الضيقة تعج بالسيارات التي يقودها صغار السن وكبار السن والعمال، والذين غالبيتهم لا يجيدون القيادة بشكل يمكنهم من التعامل مع زحام الشاحنات ورهبتها. وتبدو طبيعة تلك القرى والهجر مهيأة لعمل طرق تلتف حولها تمثل طريقاً للشاحنات، وللمسافرين بشكل يجنبها الازدحام، ومخاطر الحوادث وذلك من خلال الفضاء الكبير المحيط بمباني تلك البلدات الصغيرة، الأمر الذي سيشكل عامل أمان لسكان تلك القرى ولعابري الطريق، خاصة وأن مسافة عبور تلك البلدات لا يتجاوز في المتوسط أكثر 10 كم فقط. وقد شهدت بلدات صغيرة تقع على الطرق الرئيسية في المملكة حوادث مميتة، كانت الشاحنات طرفاً أساسياً فيها، الأمر الذي بات من خلاله تلك الشحنات تمثل رعباً حقيقياً لسكان تلك البلدات، خاصة وأن أقسام المرور التي بها -إن وجدت- لا تمارس أي دور يذكر سوى مباشرة الحوادث بعد وقوعها. هذا وقد بدأ المرور بتركيب كاميرات ساهر في بعض البلدات الصغيرة، كبلدة الصحنة جنوب الرياض الواقعة على طرق الرياض الجنوب حيث شوهدت عمليات تركيب أماكن الكاميرات تمهيداً لتشغيلها، وهو أمر سيحد من قطع الإشارة في تلك البلدات، لكنه سيمثل تهديداً جديداً لسكانها من خلال تلافي ساهر بالدخول في طرق الحواري لتلك المدن هروباً من الازدحام الذي سوف تسببه تلك الكاميرات عند تركيبها.