في الخريف الماضي عندما بدأ سعر النفط يتراجع توقع كريج هودجز أن ينتعش الخام في 2015 وبدأ يشتري أسهم الشركات التي اعتقد أنها تلقت صفعة لا تستحقها مثل شركة الإنشاءات "بريموريس سرفيسز كورب" و"إيجل ماتريالز"، التي تنتج الرمال المستخدمة في الآبار التي خضعت لعملية التصديع. الآن بدأ هودجز، الذي يدير صندوق هودجز للشركات الصغيرة البالغة قيمته 2.1 مليار دولار يقر بأن أسعار النفط ستظل منخفضة لعام أو أكثر بسبب تخمة المعروض العالمي، حسبما ورد في تقرير نشرته وكالة رويترز أمس. وحتى الغارات الجوية على اليمن، التي أدت لارتفاع سعر النفط 5 في المائة في يوم واحد الأسبوع الماضي لا تشير، حسبما قال هودجز، إلى ارتفاع قابل للاستمرار. وتراجع النفط 6 في المائة في اليوم التالي إلى نحو 48 دولارا للبرميل. وبدلا من انتظار الانتعاش هذا العام يقتنص هودجز الآن الشركات القادرة على الاستفادة من تدني الأسعار والقوية بما يكفي لتحمل عام أو أكثر من الانتظار إلى أن يصبح النفط أكثر ربحية للمنتجين. وقال إن الأمر قد يستغرق عامين أو ثلاثة أعوام قبل أن يعود النفط فوق 70 دولارا للبرميل. وفي حين أن صندوقه متخم بشركات مثل "أمريكان أيرلاينز جروب" و"شو كارنيفال" للأحذية الرخيصة وهما شركتان تستفيدان من أسعار البنزين المنخفضة. وهو أيضا يشتري حصصا في شركات من "ثل ماتادور ريسورسز"، وهي شركة طاقة تستغل تباطؤ السوق للتفاوض على عقود بأسعار مخفضة مع مورديها بهدف تقليص التكاليف. وانخفضت أسهم "ماتادور" 16 في المائة على مدى الأشهر الستة الأخيرة لكنها مرتفعة على مدار عام حتى يوم الخميس. وسهم "بريموريس سرفيسز" منخفض 24 في المائة هذا العام في حين أن سهم "إيجل ماتريالز" مرتفع نحو 8 في المائة. وصندوق هودجز مرتفع 2.7 في المائة هذا العام وهو أداء أفضل من 62 في المائة من نظرائه. وبالمقارنة، فإن مؤشر "ستاندرد آند بورز 500" القياسي شبه مستقر منذ بداية العام. وقال هودجز "قد يظل النفط منخفضا لفترة أطول مما توقعه أي أحد". وبدأ الشراء في سهم شركة التنقيب والإنتاج "كومستوك ريسورسز" بعد أن تراجع من نحو 28 دولارا في تموز (يوليو) إلى أربعة دولارات أوائل آذار (مارس). وقال هودجز إن الشركة غيرت خططها وأوقفت الحفر في حقولها الأعلى تكلفة للتركيز على رقع منخفضة التكلفة وعلى الغاز الطبيعي. وقال إن إصدارا حديثا من السندات بقيمة 700 مليون دولار يمنح الشركة أيضا الدعم المالي اللازم لمواصلة العمل حتى 2019 على الأقل. تخمة مستمرة وتتنامى قناعة مديري الصناديق بأن تخمة المعروض النفطي لن تنتهي عما قريب. وعلى سبيل المثال كان توماس أوهالوران من شركة "لورد أبيت" يصف العام الماضي أسهم شركات التصديع المائي بأنها من أعمدة صندوقه ديفلوبنج جروث البالغة قيمته 3.6 مليار دولار وهو من صناديق الشركات الصغيرة الأفضل أداء على مدى العشر سنوات الأخيرة. لكنه الآن يوجه مزيدا من الأموال إلى شركات الطاقة الشمسية. وقال أوهالوران "نعتقد أنه سيكون هناك تراجع آخر" في أسعار النفط. وصندوقه مرتفع 4.1 في المائة هذا العام في أداء أفضل من 60 في المائة من نظرائه. وفي مؤسسة صندوق "جينس أتكينسون" ومقرها لندن يعمل مديرو الصندوق على زيادة انكشاف محافظهم على الغاز الطبيعي على أساس نظرية أن تراجع إنتاج النفط إثر انخفاض السعر سيؤدي تدريجيا إلى تعزيز أسعار الغاز الطبيعي. وتبقي الشركة على بعض الانكشاف النفطي في ضوء عوامل سياسية مثل الغارات الجوية في اليمن، لكنها لا تتوقع تعافيا بناء على العوامل الأساسية حتى نهاية العام على الأقل. وقال ويل رايلي أحد مديري المحافظ في صندوق "جينس أتكينسون جلوبال إنرجي" "قد يستغرق الأمر أكثر من ذلك". والصندوق منخفض 2.1 في المائة وهو بهذا أفضل أداء من 48 في المائة من نظرائه. وقال رايلي إنه يشتري في أسهم شركات الغاز الطبيعي مثل "ساوث- وسترن إنرجي" على أساس أن سعر الغاز الطبيعي سيرتفع مع تراجع كميات ما يسمى بالغاز المصاحب، الذي يخرج كمنتج ثانوي لآبار النفط الخام مع قيام الشركات بتقليص أعمال الحفر. وقال "تخمة المعروض في سوق الغاز الطبيعي الأمريكية ستنحسر بعض الشيء في وقت لاحق من العام الحالي". مسألة عوامل أساسية ويتزامن إذعان مديري الصناديق مع تفاوت في تنبؤات سعر النفط بين المستثمرين الأفراد والمحترفين. فالأفراد يضخون المليارات في صناديق المؤشرات، التي تقتفي أثر سعر النفط في محاولة للمراهنة على بلوغ الانخفاض مداه، بينما يقول المحترفون إن القاع ما زال بعيدا، وقد يظل كذلك لبعض الوقت. وجمع صندوق "أويل فند" الأمريكي وهو الأشهر بين عدة صناديق مؤشرات لها مراكز مراهنة على ارتفاع سعر النفط 2.1 مليار دولار جديدة من المستثمرين هذا العام، وفقا لبيانات ليبر متفوقا بذلك على كل الصناديق الأخرى عدا سبعة. ويبدو وفقا للمحللين أن معظم المال مصدره المستثمرون الأفراد والمضاربون في محاولة لاستشراف قاع أسعار النفط. والصندوق منخفض 15.8 في المائة هذا العام. وقال عدة محللين إن تناقص الطاقة التخزينية في الولايات المتحدة واحتمال رفع العقوبات بما سيجلب مزيدا من النفط من إيران أو روسيا إلى السوق قد يفضيان إلى زيادة تخمة المعروض. وأكد تشارلز سميث مدير المحفظة في صندوق "فورت بيت كابيتال توتال ريترن" "من يعتقدون أن هذه فرصة عظيمة لدخول مجال الطاقة يستبقون الأحداث بعض الشيء". وتوجد في محفظته شركة طاقة واحدة فقط هي "كيندر مورجان" للأنابيب ولا يرغب في إضافة المزيد، بل ينتظر تراجع أسعار النفط إلى أواخر العشرينيات قبل أن يشتري في القطاع. وقال عمر أجيلار مدير استثمارات الأسهم في "تشارلز شواب" لإدارة الاستثمار إنه ما لم يتحسن الطلب في الصين فقد يتراجع النفط إلى 20 دولارا للبرميل من سعره الحالي، ويبقى لفترة طويلة داخل نطاق الـ20 إلى 40 دولارا للبرميل. أما عن العودة إلى سعر 100 دولار للبرميل فيقول سميث إن تنامي الطاقة المتجددة مثل الطاقة الشمسية وطفرة التصديع المائي تجعل من ذلك أمرا مستبعدا. وقال "لا نتوقع رؤية 100 دولار للبرميل خلال السنوات العشر المقبلة".