سؤال: متى تعرف أن شخصاً عندنا قد انتقل إلى رحمة الله، وعليك أن تبتهل إلى المولى بأن يتغمد روحه الطاهرة، وتبادر إلى البحث عن أرقام أولاده لتعزيتهم؟! الجواب: إذا سمعت كلمات المدح والثناء وذكر المحاسن تنهال عليه! ففي الغالب أن المبدع في مجتمعنا لا يُمدح ولا يُثنى عليه، بل ولا تلقى عليه التحية إلا بعد أن تخرج روحه من جسده! فعلاقتنا بالمبدعين علاقة مشوهة على الرغم من أننا بحاجة لمبدعين أحياء، يساهمون في رقي المجتمع بإبداعهم ويقدمون للأجيال الجديدة نماذج حقيقية للإبداع لا مزورة! لا أطالب بالانشغال بمدح الأشخاص، فالحي لا تؤمن عليه الفتنة، ولكني أطالب بالثناء على الإنجازات، فلا يفرح بالإنجاز إلا سليم القلب محب للوطن! المشكلة أيضاً أن هذه الأنانية تكون أكثر وضوحاً بين أهل التخصص الواحد، وأهل المدينة الواحدة، ولذلك نسمع كثيراً من المبدعين يكرر بإحباط عبارة أصبحت قاعدة: مزمار الحي لا يطرب! والأغرب من ذلك أن قلة الوفاء موجودة حتى عند من يشتكي من قلة الوفاء، فمن يشتكي من قلة وفاء غيره تجد كلامه عن أهل الفضل أمثاله لا يسر ولا يشرّف! بل إنه يسعى لتنقصهم والتقليل من إنجازاتهم بمناسبة وغير مناسبة، فكل كلام غير كلامه ساذج، وكل فعل غير فعله ناقص، يصرح بذلك ويخفي، فلديه اعتقاد شبه جازم أن دائرة الضوء لا يمكن أن تتسع إلا لشخص واحد هو شخصه الكريم، وبالتالي فهو يسعى في عبث غير منطقي لإزاحة كل مبدع غيره عن هذه الدائرة لكي يكون تحت الأنظار وحده! أذكر أني كنت في مكان عام مع أحد الأصدقاء ورأينا شخصية ناجحة لها تأثيرها الإيجابي في المجتمع، فقال الصديق: اعمل نفسك لا تعرفه! قلت: لماذا؟! قال: لكي لا يكبر رأسه علينا! قلت: بل نسلم ونثني عليه وندعو له بالثبات، وليكبر رأسه فالمكسب النهائي من كبر رأسه سيكون للمجتمع! نحتاج أن نتقي الله في الابداع والمبدعين، ولن يتحقق ذلك إلا بسلامة القلب والتواضع ورقي النظرة! متخصص بالشأن الاجتماعي