×
محافظة المنطقة الشرقية

نور: بنسبة 80% سيتوج الاهلي بلقب "جميل"..وأول تغريدة لى بتويتر الأربعاء

صورة الخبر

«أحبك في الله يا شيخ»، و»أمانة أن تدعي لي يا شيخ» و»ممكن تشرفني أحصل على رقمك»، هذا كلام سمعناه منذ زمن من متصلين ببعض الشيوخ، و»المتشيخين»، الذين شاخوا على طاولات الفضائيات، في فترات مضت، ولا يزال من الرعيل بقيةٌ متمسكون بتمجيد المتصلين لهم، وباحثون عن مجد المشيدين بهم، يردون بلطف على مَنْ يمدحهم، وبلؤم على مَنْ يضيِّق عليهم بالأسئلة المحرجة، وهنا أستثني عدداً نادراً من المشايخ، وأجمع معظم مَنْ تسلموا راية الالتزام القديم، وهم فئة الملتزمين، الذين ظلوا يسيرون في مسارات محصَّنة من التعنُّت، والتشدد، والبحث عن الأمجاد الشخصية، وألفاظ من مثل الأستاذ، والشيخ، والعالم، والعلامة. ولا ضير في تمجيد الملتزم الفضائي سواء كان مدرس تاريخٍ، أو أستاذ جامعة، أو محاسباً، أو أستاذاً مفصولاً من جامعة، أو محاضراً، أو متقاعداً، أو طبيباً، المهم أن يكون شيخاً فضائياً، ومنظِّراً للجهاد، يعمل على تصنيف البشر، وشحذ عقول الشباب بالحماسة الفارغة، والبحث عن صكوك الغفران، ورميهم في متاهات فتاوى سيد قطب، والبنا، ورعيل منظري السبيعنيات، والثمانينيات. هؤلاء الملتزمون تحولوا مع ثورة المجتمع، وارتفاع الوعي فيه، وكشف خبايا، وخفايا جيلهم، ونتائجه، إلى جيل رابض، وعتيق من المتأزمين القدامى، الذين هبت عليهم رياح التطوير فكشفت حالهم، ومالهم، وخططهم. منذ حوالي خمس سنوات ظهر لنا جيل جديد من الملتزمين، وهم على صنفين، الأول ملتزمون تخرَّجوا على يد الملتزمين القدامى ضماناً لهوية، وملامح التشدد، وأصول العهود القديمة مع الجماعات المحظورة، والأحزاب المتطرفة المنصرفة نحو الفرقة، والضلال، والفتن، ويظن هؤلاء أنهم مؤتمنون على الأمة، وأنهم رافعوا رايات سابقيهم، ونجدهم يتساقطون يومياً في ساحات معارك «داعش» السخيفة، وفي معسكرات «القاعدة» السفيهة، وفي أي معركة ضلال تحدث على خارطة العالم. وهولاء الثلة سقطوا باكراً حتى إن ظل يظهر منهم الجنود، والمبايعون، والقتلة إلا أن أعدادهم تنقص، وتزيد وفق حجم الالتزام، وظروفه، خصوصا أنهم يَرَون أن الموت من ضروريات الالتزام الخاص بهم. أما الصنف الثاني فهم الملتزمون الجدد، وهم مَنْ تحتاجهم المرحلة، شباب حيويون يَرَون في الالتزام معنى، وقيمة روحية، ونفسية، وإنسانية، يلبسون العقال، ويحددون اللحى، و»يشذبونها» بشكل جمالي، يعكس جوهر الإسلام، وجمال المنظر، ويجعلون الثوب فوق الكعب، وليس إلى تحت الركبة، كما كان يفعل المتأزمون القدامى، وخريجوهم المهاجرون إلى الموت. هؤلاء يتحدثون بلسان عربي، وعقل ديني موضوعي، يحوي كل الأراء، ويتقبل النقد، ويقبل الانتقاد، يعيشون في المجتمع برقي، ويتعايشون مع الحضارة برقي أيضاً، يَرَون أن الالتزام منهج حياة، وأسلوب عيش، ويؤمنون بأن الاختلاف نقطة مهمة نحو التوافق، يوظفون السلام، والوئام، ويؤمنون بأن الالتزام هو النظام الديني الحياتي، والانتظام باسم العقيدة الحقة، هؤلاء، مع الأسف، قلة وهم في البدايات، تتجاهلهم القنوات العتيقة، المتعاهدة مع الجيل القديم من الملتزمين، ويخشون على وضعهم المستقبلي من ثورات المحتسبين، ومن جيوش تتخفى وراء ثكنات مواقع التواصل الاجتماعي، ويتحاشون حرباً مع الجيل القديم من المتأزمين، ومع أجيالهم من الملتزمين بفكر، ومنطق، وتوجه أساتذتهم، رغم مرور عقود من الزمن. نحتاج في هذه الفترة تحديداً إلى جيل جديد من الملتزمين، ونتطلع إلى إلغاء النظرة السائدة، وتحويلها إلى بائدة فيما يخص المناهج العتيقة، والموروثات التنظيرية، التي خلَّفتها أجندات الإخوان، والجماعات الدينية، والأحزاب «المتحزبة» ضد العقل، والمنطق، والسلم، والعلم. ومن الضروري رفع الوعي لوقف تلك الإشادات، وتبجيل مشايخ لم يزدهم المدح إلا قدحاً للاعتدال، وكل مَنْ يختلف معهم، أو يناقشهم. ونأمل في أن يستوعب المجتمع أننا في حاجة إلى ملتزمين جدد معتدلين في فكرهم، وتعاطيهم، نريدهم جزءاً من منظومة المجتمع، نحتاجهم مشاركين في التطوير، يصنعون الوئام، ويمنعون التشدد في مسائل الدين، نحتاج ملتزمين صادقين ليغيروا صورة المحتسبين الذين يختلسون ذرات العفوية لتحويلها إلى فتن في الدين، نتطلع إلى ملتزمين جدد، يواجهون المتشددين بالحكمة، والعلم، والفكر الديني، يمحون الصورة المضللة، التي رسمها الملتزمون القدامى، كي نخلق جيلاً متزناً متوازناً، يوظف الالتزام الديني كعقيدة، وفكر، وبحث، وتطوير، ومنهج، ومستقبل. الالتزام من القلب، وهو من الالتزام الذاتي المبني على الموضوعية، والفطرة، وتبلوره دوافع، واتجاهات، تعرف معنى الدين، وتفهم واقع الحياة، ومستقبلها. الالتزام مسؤلية ذاتية، ومجتمعية، ونهج قويم، وليس مجرد حفظ فتاوى، والتفوه بها على رؤوس الأشهاد، أو إلقاء فتوى فتنة تنتقل من جيل إلى آخر، أو تشدد يشد إلى النار، نحن في حاجة إلى تغيير، وتطوير النظرة السائدة نحو الالتزام، وفي حاجة ماسة إلى عدم الالتفات إلى الملتزمين المتأزمين من الجيل القديم، أو تلامذتهم الدمويين، نحن في حاجة إلى ملتزمين جدد، واقعيين متعلمين، يجيدون الالتزام بمعناه الحقيقي، والهادف دينياً، وحياتياً، وإنسانياً.