×
محافظة المنطقة الشرقية

الفيحاء.. مسيرة الريادة وسيرة الرواد

صورة الخبر

تركت فرانسي يعقوب منزلا كبيرا جديدا مليئا بالمؤن وهربت الى لبنان بعد هجوم تنظيم (داعش) على بلدتها الاشورية في شمال شرق سورية، وهي اليوم تعيش مع ابنها وزوجها وآخرين في منزل صغير لا تملك ثمن ايجاره. في حي الاشوريين في منطقة سد البوشرية شرق بيروت تستعيد المرأة الخمسينية وهي تنتظر دورها لتلقي مساعدات من هيئة غير حكومية اميركية لبنانية، تفاصيل الهروب تحت القذائف من تل نصري في محافطة الحسكة منتصف الاسبوع الماضي. وتقول لوكالة فرانس برس "تركنا البيت مملوءا بالاغراض. لماذا علينا ان نقف على باب الكنيسة؟" لتلقي المساعدات. وتضيف بتأثر "خرجنا بثياب النوم... خرجنا حفاة (...) لم نعرف من اين كان يأتي القصف. لم يكن امامنا الا الهرب، لأن اولادنا هم الاهم". وفرانسي لاجئة من نحو 300 اشوري قدموا الى لبنان منذ مطلع الشهر الحالي. وتجمع عدد كبير منهم في دار المطرانية الاشورية في سد البوشرية ظهر الثلاثاء للحصول على مساعدات وزعتها "هيئة الدفاع عن المسيحيين" (آي دي سي) وشملت اربعة الاف عائلة كلدانية من العراق واشورية من سورية. ودفع هجوم تنظيم (داعش) في 23 فبراير على منطقة الخابور الاف الاشوريين الى النزوح. وتمكن التنظيم من السيطرة على 11 قرية اشورية خطف منها 220 شخصا، افرج في وقت لاحق عن عدد منهم. ولا تزال منطقة تل تمر ذات الغالبية الاشورية تشهد معارك بين قوات اشورية وكردية من جهة والتنظيم المتطرف من جهة اخرى. ويقول المسؤول في المطرانية الخور اسقف يترون كوليانا لفرانس برس "قرى الخابور اليوم فارغة الا من بعض المقاتلين"، مشيرا الى ان 75 عائلة نزحت من المنطقة الى لبنان الذي يضم اقلية اشورية وحيث للبعض صلات قربى. وبحسب الشبكة الاشورية لحقوق الانسان، تعرضت القرى الاشورية التي استولى عليها تنظيم (داعش) لعمليات نهب وسلب منظمة. وذكرت في تقرير نشرته اخيرا ان "شاحنات من نوع قاطرة ومقطورة شوهدت وهي تغادر عددا من البلدات الاشورية (...)، محملة بالمفروشات والمقتنيات والأدوات المنزلية وغيرها مما تم الاستيلاء عليه من منازل النازحين". وكان عدد الاشوريين الاجمالي في سورية قبل الحرب حوالى ثلاثين الفا من 1,2 مليون مسيحي، ويتحدرون بمعظمهم من القرى المحيطة بنهر الخابور في الحسكة، واكبرها تل تمر التي تضم احياء يسكنها عرب واكراد. ويقول سمعان (50 عاما) القادم من بلدة تل هرمز "هجرونا من قرانا. اخذوا منازلنا ولم يبق احد. لم يبق لنا شيء. دمروا الكنسية وفجروها في اليوم التالي لقدومهم، ثم بدأوا بالمنازل.. وحاليا الله اعلم". ويضيف بغضب "كل العالم، من الامم المتحدة والولايات المتحدة وروسيا والدول، يتحمل مسؤولية ما حصل، بدأوا (داعش) في الموصل (العراق) دمروا اثارنا.. ثم انتقلوا الى سورية، دمروا الحضارة بالكامل و(...) العالم يتفرج علينا". وعن وضعه الحالي، يقول الرجل "من يعيش على المساعدات كيف يكون مرتاحاً؟". ويقول ابراهيم جاجاغورو (45 عاما) المتحدر من بلدة ام غرقان من جهته انه يعيش مع والدته وزوجته واولاده في منزل شقيقه المقيم في لبنان، مشيرا الى انهم احضروا معهم من سورية "بعض الحقائب التي وضعنا فيها الاغراض المهمة فقط". ويضيف الرجل الذي كان عامل اجرة في بلاده بحسرة "لا افكر بالعودة الى بلدتي. لا نعرف ماذا سيحصل. ربما يهجمون علينا". لكن البقاء في لبنان ليس بالامر السهل. على الرغم من ان السلطات منحت اذونات استثنائية للاشوريين لدخول البلاد. لكن البلد الصغير ذي الموارد الاقتصادية المحدودة ينوء تحت عبء اكثر من 1,1 مليون لاجىء سوري، ما دفعه الى اقفال حدوده امام مزيد من اللاجئين وفرض قيود على الموجودين فيه. وتقول فرانسي يعقوب التي تقيم عائلتها مع عائلة اخرى من خمسة افراد في منزل واحد، "قيمة الايجار بين 500 الى 600 دولار، ونحن نموت جوعا. اطلب من اللبنانيين ان يخفضوا الايجارات لا نريد شيئا منكم الا تيسير امورنا (...) هناك تأثرنا، فلا تفعلوا بنا ما فعلوه"، في اشارة الى التهجير. ورفض معظم الموجودين في باحة الكنيسة التواصل مع وسائل الاعلام، بسبب استمرار احتجاز اقارب لهم لدى تنظيم (داعش)، وايضا بسبب الشعور "بالذل" لاضطرارهم لتلقي مساعدات، وهو امر لم يعتادوا عليه من قبل. ويقول ألكسي مكرزل، ممثل هيئة الدفاع عن المسيحيين التي وزعت اربعة الاف حصة غذائية ومئات الفرش للنوم، "العالم لا يولي هذه الجماعات التي هجرت قسرا القدر الكافي من الاهتمام.. والدول تتغاضى عن هذه المأساة. هؤلاء اضطهدوا بينما كان دورهم فاعلا في محيطهم العربي بحمل حضارتهم من اكثر من الف سنة". ويقلق نزوح الاشوريين من سورية الكنيسة الاشورية. ويقول كوليانا "اطلب من شعبنا الاشوري الموجود في لبنان اليوم الا يتوجه الى السفارات، وان تبقى العودة الى الخابور في فكره لان الخابور ارضنا، وفيها رفات اجدادنا وشهدائنا". لكن يرجح الا تلقى هذه الدعوة صدى لدى كثيرين. ويقول رجل رفض الكشف عن هويته بمرارة "انتظر الحصول على لجوء مع عائلتي الى استراليا".