قصة قرأتها أخيرًا تتحدث عن تعرض صاحب مصنع صابون لمشكلة كبيرة كادت تعصف بسمعة مصنعه وتهدده بالإفلاس. فبعض علب الصابون الذي ينتجه تكون فارغة بسبب سرعة الماكينة أثناء التغليف. كان الحل الوحيد لهذه المشكلة -وفق رأي الخبراء- أن يأتي بماكينة ليزر بتكلفة 200 ألف دولار لمراقبة خط سير الإنتاج، وكشف كل علبة تمر، وهل بداخلها صابون أم لا؟! جلس صاحب المصنع في مكتبه يُفكِّر في تدبير المبلغ المطلوب لشراء الماكينة، وأثناء تفكيره دخل عليه عامل صغير فى مصنعه وقال له: سيدى أنت لست بحاجة لدفع 200 ألف دولار لشراء هذه الماكينة، فقط اعطنى 100 دولار وسأجد لك الحل!! فتعجّب صاحب المصنع من كلام العامل، وأعطاه المبلغ وفعلًا في الصباح أتى العامل بمروحة ووضعها أمام خط سير الإنتاج، وقامت المروحة بتطبير أى علبة فارغة ليس بداخلها صابون.. ووفر على المصنع وصاحبه الوقت والتكاليف الباهظة!! *** هذه القصة ذكّرتني بصاحب فكرة استخدام المياه لإزالة السد الترابي لخط بارليف «المنيع» في حرب أكتوبر/ رمضان 1973، الذي أقامه الجيش الإسرائيلي على طول الضفة الغربية لقناة السويس بعد احتلال إسرائيل لسيناء في حرب يونيو 1967. صاحب هذه الفكرة اللواء أركان حرب مهندس باقي زكي يوسف استحق لقب «قاهر المستحيل»، بعد أن حطّم أسطورة خط بارليف الذي لا يُهدم، وجيش إسرائيل الذي لا يُهزم، وكان بحق أحد صناع القرار لنصر السادس من أكتوبر العاشر من رمضان. *** البدائل التي تم اقتراحها لفتح الثغرات بالساتر الترابي، كانت كلها تدور حول استخدام المدافع والصواريخ لفتح الثغرات الأمر الذي يستلزم الجهد والوقت الكبير الذي قد يصل من 12 إلى 15 ساعة في أفضل الظروف ناهيك عن الخسائر الرهيبة المتوقعة واحتمال مؤكد لتدخل العدو لإحباط المخطط وإجهاض نجاحه. وقد تم عرض الفكرة على الرئيس جمال عبدالناصر، وذلك في أثناء اجتماعه الأسبوعي بقادة التشكيلات بمقر القيادة العامة، الذي اهتم بها وأمر بإعداد اللازم لتجربتها وإقرارها في حالة نجاحها مع ضرورة وضعها تحت بند سري للغاية. وقد أقرها الرئيس أنور السادات مع بدء حرب أكتوبر لاجتياز خط بارليف، وكانت من الأسباب الرئيسة لنصر أكتوبر. *** وللعلم فإن خط بارليف هو خط الدفاع الأول الرئيس الذي كانت تحتمي به إسرئيل، ويقع على شاطئ القناة تمامًا، ويتكون من حوالى 40 نقطة حصينة «دشمة» ويصل بين هذه النقط ساتر ترابي يُشكِّل حائطًا منيعًا على طول امتداد الضفة الشرقية للقناة مباشرة، وقد استغل في إنشائه ملايين الأمتار المكعبة من الرمال الطبيعية، وقد دعمت إسرائيل هذا الخط بإمكانيات عسكرية متنوعة ومتقدمة كحقول الألغام، ونطاقات من الأسلاك الشائكة لعرقلة أي تقدم للقوات المصرية علاوة على وضع قوات احتياطية من الدبابات والمشاة الميكانيكية على أعماق مختلفة للقيام بالهجمات المضادة بالتعاون مع الطيران والمدفعية. وقد استغرق بناؤه عدة سنوات بكُلفة فاقت كُلفة بناء السد العالي، وأصبح هذا البناء وتلك التحصينات تُشكِّل المانع الأكبر الذي يقف وراء مانع القناة المائي بغرض فصل سيناء والضفة الشرقية للقناة تمامًا عن مصر، ولقتل أي أمل لمصر في استعادة وتحرير أرضها. *** الحكمة هنا.. هي أن لا نستهين بأى شخص مهما كان بسيطًا، فربما لديه أفكار ليست لدى خبراء.. فالنجاح لا يحتاج دائمًا إلى عباقرة، والانتصار لا يحتاج دومًا إلى جنرالات، بل يمكن أن يُحقّقه جندي بسيط يحمل الحب لأرضه ووطنه وترابه! * نافذة صغيرة: (لقد كانت تحصينات الجيش الإسرائيلي مثل قطعة الجبن، بها من ثقوب أكثر ممّا بها من جبن).. مناحم بيغن. nafezah@yahoo.com nafezah@yahoo.com للتواصل مع الكاتب ارسل رسالة SMS تبدأ بالرمز (6) ثم مسافة ثم نص الرسالة إلى 88591 - Stc 635031 - Mobily 737221 - Zain