الضوء الذي نراه يبدأ من الأحمر حيث طول الموجة 620 إلى 760 ملي ميكرون، وينتهي بالبنفسجي حيث طول الموجة يتراوح بين 390 إلى 340 ملي ميكرون. وعيوننا تميِّز ما بين 128 لوناً أساسياً، وهو ما يسمى بالنغم اللوني. فإذا كان المليمتر هو واحد من ألف من المتر، فإن الميكرون هو واحد من الألف من الأخير؛ فالميكرون يصبح هكذا واحداً من مليون متر، فتصبح طول موجة الضوء على الملي ميكرون جزءاً من مليار، فتكون طول موجة اللون الأحمر 600 جزء من المليار من المتر الواحد؟!! وأصل الإدراك وإبصار الألوان يرجع إلى الطبقة الشبكية في العين التي ترقد في قعر العين مكونة من عشر طبقات مُنَضَّدة فوق بعضها البعض، ترقد في عمقها طبقة واحدة مكونة من مخاريط مثل الجزر وعِصِيٍّ. قد اختصت المخاريط بإدراك الألوان والنور المكثف، وعددها ثلاثة ملايين مخروط في كل عين. وإلى جانبها العِصِي الموزعة في محيط «الدش» العيني التي تدرك اللون العادي والضعيف، ويبلغ عددها مائة مليون، ومن هذا القعر «الراداري» الذي يشبه «ساتالايت» تَلَقِّي القناة الفضائية ينطلق «كابل» شريط مكون من حزمة تضم ما يزيد عن نصف مليون ليف بصري ينطلق على عَجَل إلى مركز الإدراك والتفسير البصري في المنطقة «القفوية» الخلفية في الدماغ بعد أن يتصالب في مقر الجمجمة؟! وندرك الألوان بتواترها، فكل لون له تواتر معين؛ أي عدد اهتزاز الموجات في الثانية الواحدة؛ فأعلاه البنفسجي حيث يصل إلى 780 مليون هزة في الثانية الواحدة، وكل تواتر يصيب العين يولِّد فيها إحساساً معيناً باللون، وبهذا نعرف أن الألوان في تواترها التي لا حد لها بين الأحمر والبنفسجي تؤلف عدداً غير نهائي من أطياف الألوان المرئية. وهكذا نتمتع بزرقة السماء وحمرة الشفق، بالمروج الخضراء والشلالات المتدفقة؛ فلا غرابة أن يستشهد بها القرآن تحت معنى الجمال سواء في الحيوانات «لتركبوها وزينة»، أو السماء «وزيناها للناظرين»، والثمرات «مختلفاً ألوانها»، والجبال «جدد بيض وحمر مختلف ألوانها وغرابيب سود»، والناس وسواهم «ومن الناس والدواب والأنعام مختلف ألوانه»، فلا غرابة أن تفضي محصلة هذه التظاهرة الكونية إلى إدراك العلماء السر الإلهي خلف كل هذا التنوع «إنما يخشى الله من عباده العلماء».