ضمن خطواتها التطويرية التي تخطوها وزارة العدل قرأت في الصحف أخيراً أن الوزارة ستعمل على إلغاء كتابة عدل الثانية التي تصدر منها الوكالات وتحويل العاملين فيها للعمل في المحاكم وأن هذه الخطة سوف تتم بالتدريج، وأنه سيعهد إلى موثقين رسميين ثقات وإلى مكاتب محاماة مهمة إصدار الوكالات بدلا من كتابة عدل الثانية التي سيتم إلغاؤها تماماً بعد نجاح تجربة إصدار الوكالات من قبل المحامين والموثقين. إن هذه الخطوة حتى لو أدت لقيام الموثقين المحامين بالحصول على رسوم معينة مقدمة من قبل من يحتاج إلى وكالة شرعية يوكل بموجبها من يثق به في إنجاز بعض أمور حياته الخاصة أو تجارته أو حقوقه المالية، ستكون خطوة جيدة لأن عملية التوكيل تكون أسهل من حيث الحصول على موعد مسائي من مكتب الموثق أو المحامي، مع إمكانية استدعائه إلى دار الموكلين إن كان من بينهم عجزة أو مرضى أو تكون ظروفهم الاجتماعية أو العملية لا تسمح له بالمثول أمام كاتب عدل في الإدارة لتوكيل شخصٍ في شأن من شؤونه الخاصة، كما أن الخطوة نفسها ستدعم العمل في كتابة عدل الأولى لأن العاملين في كتابة عدل الثانية من كتاب عدل وموظفين سوف تنقل خدماتهم إلى كتابة عدل الأولى أو يحول بعض كبار كتاب العدل إلى قضاة تستفيد من عملهم المحاكم العامة والجزائية ومحكمة الاستئناف ومحكمة تنفيذ الأحكام الشرعية. ولعل ما نشر مناسبة للعودة إلى ما سبق لي طرحه حول كتابات عدل الأولى التي تطورت كما هو الحال في كتابة عدل الأولى بمكة المكرمة، وأصبحت خدماتها مميزة والمبايعات والحصول على صك جديد سهلة جداً بعد أن أصبحت الصكوك تصدر «الكترونياً» وقد تتم المبايعة وتنظيم الصك ونقل الملكية ومسح الأوراق لتحفظ في الملفات وجهاز الحاسب الآلي خلال يوم واحد أو يومين على أكثر تقدير وقد جربت ذلك بنفسي عند مراجعتي لكتابة عدل الأولى بمكة المكرمة، ومع ذلك فإن المعمول به في دول العالم المتحضر هو أن تتم عملية نقل الملكية من شخص لآخر عن طريق مكاتب توثيق مكلفة تقوم بجميع الأدوار التي تقوم بها كتابة عدل الأولى من تسجيل للمبايعة بعد التأكد من الأبعاد والمساحات والمواصفات، وتلك المكاتب التي سبق لي التعامل معها في أمور لصالح عملي برابطة العالم الإسلامي تحصل على رسوم معينة متفق عليها لإجراء عملية التوثيق لتسجيل المبايعة رسمياً لدى أمانات المدن وأقسام الأراضي بها وتسليم ذلك كله بعد إكماله إلى المالك الجديد، ولعل الرسوم التي تتقاضاها أقل من الرسوم التي يتقاضاها سماسرة العقار والمعقبون وغيرهم، فلو فكرت وزارة العدل في إنشاء مكاتب توثيق للمبايعات العقارية تعمل تحت إشرافها متدرجة في التطبيق بحيث تظل اختيارية لخمس سنوات قبل أن تصبح إلزامية وبرسوم رمزية أو مناسبة فإن مثل هذه الخطوة ستجعل البائعين والمشترين للعقارات يختارون الوقت الذي يناسبهم ويضعون رِجلا على رِجل وهم يشاهدون بسرور عملية ترتيب نقل الملكية العقارية ومنهم إن كانوا بائعين وإليهم إن كانوا مشترين، وأن العملية تتم في الوقت الذي يرتاحون إليه صباحاً أو ظهراً أو مساء وحسب ظروف البائع والمشتري ووقت عمل الموثق الذي عادة ما يمتد من الصباح الباكر إلى المساء الهادر وليس محدداً بساعات دوام وظيفية لا تزيد على ست ساعات.