عندما يتعرض أحد مرتادي المطاعم للتسمم بسبب وجبة ملوثة في أغلب دول العالم يتم إيقاع العقوبة على المطعم، وتغريمه مبالغ تذهب للمتضرر (الزبون). وفي هذا الأمر ردع لأصحاب المطاعم بعدم التساهل والتلاعب في صحة الناس، وذلك بخلاف القضايا التي يستطيع المتضرر رفعها على صاحب المطعم، وتغريمه مبالغ لم تكن في حسبانه؛ ولذلك تجد أصحاب هذه المنشآت يحتاطون كثيراً في وسائل السلامة لمعرفتهم بخطورة ما يترتب على تقديم أطعمة ملوثة للزبائن. أما لدينا هنا، وعند تقديم شكوى على أحد المطاعم، فنجد أن البلدية عندما تباشر المشكلة وتتأكد منها تقوم بفرض غرامة مالية لصالح البلدية، ولا ينال الزبون المتضرر أي شيء سوى الاتصال على الإسعاف ونقله إلى مستشفى حكومي، وأغلبهم إذا استطاع يذهب بنفسه، وإذا لم يجد مكاناً في المستشفى الحكومي ذهب للعلاج على حسابه في مستشفى أهلي! والغرامة عادة عبارة عن مبالغ بسيطة، وربما تصل في أحيان قليلة إلى الإغلاق ليوم أو يومين. هذا التساهل في العقوبات هو ما أدى إلى انتشار المطاعم غير الصحية. ولو طبقنا مبدأ تجيير الغرامة للمتضرر، ورفع قيمتها، مع إمكانية رفع شكوى على صاحب المطعم، والمطالبة بتعويض كبــير، لحققنا بذلك مكاسب عدة، منها: * رفع مستوى الرقابة الذاتية من قِبل أصحاب المطاعم على ما يقدمونه من وجبات لمعرفتهم الضرر المادي الكبير الذي يقع عليهم بسبب تقديم أطعمة ملوثة. * سيتفاعل الكثير من المتضــررين مع هذا الأمــر لو تم تطــبيقه، ويقومون بالإبــلاغ عــن المطاعم المخالفة؛ فالمقابل المــادي حــافز حقــيقي للتفاعل. * ستنخفض الشكاوى من هذا القبيل كثيراً، وربما يغلق الكثير من المطاعم غير المؤهلة؛ لأن الغرامات ستصبح أكبر من الربح. ليس الهدف من هذه الإجراءات مادياً، وإنما بالتأكيد ستردع العقوبات المادية العابثين بصحة الناس على حساب الكسب المادي، وهذا أكبر رادع لهم. أتمنى أن يشمل التطبيق أيضاً أصحاب البقالات والسوبر ماركت الذين يبيعون مواد منتهية الصلاحية؛ لتعم الفائدة.