بقلم : محمد بن علي الهرفي الذي أعرفه أن وزارة التعليم العالي هي الجهة التي تشرف على الجامعات، وأعرف أيضا أن الجامعات لها استقلالية في ميزانياتها وفي إدارة شؤونها التعليمية والإدارية وغيرها مما هي بحاجة إليه وهذه الاستقلالية مفيدة للجامعات إذ تسهل عليها سرعة وسهولة أداء أعمالها، ولكن ابتعاد الوزارة عن الجامعات ليس حسنا في جميع حالاته فهناك قضايا لا بد أن يكون للوزارة رأي فيها، ولا بد من متابعة الجامعات في بعض أوجه النقص التي توجد فيها، ولست أدري هنا كيف تجمع الوزارة بين القيام بدورها وبين استقلالية الجامعات في إدارة شؤونها!! من معلوماتي العامة أن الوزارة منعت الجامعات من التعاقد مع أعضاء هيئة التدريس في تخصصات اللغة العربية والعلوم الإسلامية نظرا لوجود سعوديين يمكنهم تغطية هذين التخصصين، ولكن الجامعات لم تلتزم بتعليمات الوزارة، وحسب معلوماتي فإن الوزارة لم تفعل شيئا إزاء تلك التجاوزات التي جاءت على حساب السعوديين !! إن الذي يتأمل الوضع في بعض جامعاتنا يشعر أن المواطن لا يعامل فيها مثل معاملة غير المواطن على عكس ما هو معروف في معظم دول العالم؛ فعلى سبيل المثال: يتم التعاقد مع متخرجين من جامعات لا تعترف بها الوزارة مثل: جامعة الفيوم والمنيا وأسيوط وغيرها من جامعات مصر وكذلك عدد من جامعات الأردن واليمن والسودان وغيرها من جامعات بعض الدول العربية وهذه الجامعات لو تخرج منها سعودي لرفضت شهادته ولما ووفق على تعيينه في أي جامعة في بلادنا وهذا لا يحقق العدالة فضلا عن أن المواطن يجب أن يكون هو المتميز وليس سواه، فإذا كانت هذه الجامعات ومن في حكمها لا تؤهل متخرجيها للتدريس في الجامعات بالنسبة للسعوديين فيجب أن تكون كذلك بالنسبة لغيرهم، كما أن نظام الجامعات يسمح بزيادة راتب المتعاقد إلى الضعف إذا كان متميزا في علمه وهذا أمر أشجع عليه خاصة في ظل التنافس الكبير بين جامعات الدول العربية وغيرها على كسب المتميزين فهم مكسب للطلاب ولكن هذا النوع من التشجيع يجب أن ينطبق على السعوديين سواء بسواء وإلا قد يتوجه هؤلاء خارج وطنهم للبحث عن فرص أفضل على غرار ما يفعله بعض الأطباء حاليا، أعرف أن هناك أنظمة وضعت قبل فترة قريبة تسمح بمكافأة بعض المتميزين ولكنها ليست مساوية لما هو معمول به لغير السعوديين كما أنها تخضع أحيانا لمزاجية صاحب القرار. إن الذي ذكرته سابقا تفعله كل الجامعات بحكم الأنظمة التي لديها إلا في بعض الحالات القليلة ! وهنا يأتي دور الوزارة لتتدخل وتضع قانونا يساوي بين المواطن وغير المواطن، وهناك أشياء أخرى تتفاوت فيها الجامعات في قضايا تفضيل غير المواطن على المواطن، فالمواطن يتقاعد في سن الستين الهجرية أي ما يعادل الـ(٥٧) عاما ميلاديا فإذا أريد التعاقد معه فبشروط فيها بعض الإذلال الذي لا يليق بأستاذ جامعي قضى معظم حياته في خدمة العلم وفي الجامعات مع أنه في سن تقاعده يكون في أوج عطائه العلمي والبحثي ويكون طلبته في أمس الحاجة إليه ومع هذا كله يتم الاستغناء عنه أو مضايقته حتى يترك الجامعة وهذا كما قلت يحصل في بعض الجامعات وليس فيها جميعا، أما المتعاقد فأموره ميسرة في مجملها ويعطى من التيسيرات ما لم يعطه زميله السعودي، ولا يفهم أحد أنني أطالب بالتضييق على غير السعوديين فالكفاءات مكسب للجامعات ولطلابها ولكنني أطالب الوزارة أن تتدخل لإنصاف السعوديين وعدم ترك الحبل على الغارب لمديري الجامعات فبعضهم يحكم أهواءه فيجعلها مقياسا في طريقة تعامله مع مواطنيه بل ومع بعضهم دون بعض أحيانا حيث يبرز دور القرابة أو الصداقة أو المنطقة أو الولاء والمداهنة في تقريب البعض وإبعاد البعض الآخر دون النظر إلى الكفاءة العلمية وهذا النوع من التعامل يتطلب تدخلا من الوزارة نظرا لخطورته على العملية التعليمية وعلى اللحمة الوطنية أيضا. شيء آخر بودي الإشارة إليه في معرض حديثي عن الوزارة والجامعات وهو طريقة تعيين رؤساء الأقسام وعمداء الكليات ووكلاء الجامعات، فهذا النوع من التعيينات تغيب عنه الكفاءة في بعض الأحيان وتبرز فيه المعايير الخاصة والولاءات الخاصة أيضا، ولو تأمل المختصون في الوزارة أسماء الذين لم يرشحوا وقارنوا بينهم وبين المرشحين لأدركوا أن بعض هذه الترشيحات تغيب عنها أدنى المعايير العلمية التي هي من أشد الضرورات بالنسبة لكل الجامعات، ولو قدر للوزارة أن تفعلها مرة وتحاسب عليها لاستطاعت القضاء على معضلة تكاد تفتك ببعض الجامعات، ولا يستطيع تصور خطورة هذه المعضلة إلا من عاش في الجامعة وشاهد ما يجري فيها ولاحظ أثره على الطلاب وعلى الأساتذة أيضا. أعرف حجم العمل الذي يقوم به معالي الوزير والفريق الذي يعمل معه من أجل تطوير الجامعات الحالية، وأسمع عن المشاريع الكبيرة التي يخططون لها من أجل الجامعات التي ستقوم مستقبلا، ولكن التعاطي مع الملاحظات التي أشرت إليها وربما غيرها مما أشار إليه زملاء آخرون من الضرورة بمكان لأن الاهتمام بالإنسان وهو صانع الجامعات أكثر أهمية من الاهتمام بالأنظمة والبنيان. نقلا عن عكاظ