×
محافظة المدينة المنورة

أجواء «طيبة» تمنح عيد اللحم نكهة خاصة

صورة الخبر

أتفكر أحيانا في بعض صور الحياة القديمة التي كنا نعيشها فأجد فيها العجب العجاب! وإن أنسى فإني لا أنسى منظر حلاق الحي الذي يدور بحقيبته الجلدية ليحلق للناس بموس واحد وبلا أدوات تطهير أو نظافة وبلا معاجين حلاقة وإنما بالماء والصابون وتكون الحلاقة للأولاد عادة على الصفر لأن من يحلق قصات فإنه يقال فيه ما يقال، ولم يكن في أم القرى إلا دكاكين حلاقة محدودة العدد أما الباقي فيقوم به حلاقة الشنطة، والأفظع من ذلك أن الأطفال الذين يعانون من التهاب مزمن في اللوزتين فإن أسرهم تستدعي حلاق الشنطة فيقطعها بالمقص الصدئ الذي يدخله في حلق الطفل بلا مخدر ولا هباب.. وكانت اللوزتان تسمى الكلبتين أي أن الواحدة منها كلبة وهي أنثى الكلب كما تعلمون!، وكان الأطفال الذين تجرى لهم مثل هذه العمليات على قارعة الطرق يعيشون ــ حسب علمي ــ على الرغم من النزيف الحاد الذي يصاحب تلك العملية الهمجية، أما ختان الأطفال فإنه يتم أيضا عند الحلاق وقد يتأخر ختان الصبي حتى يبلغ السادسة أو السابعة من عمره فتصور ما يصاحب عملية الختام التي تتم بموس الحلاقة من آلام ومضاعفات؟! وكان الأطفال يمشون حفاة في الحارة فتدخل في أقدامهم مسامير صدئة ملوثة مسمومة فيتم نزعها وصفد قليل من الدم المنساب من الجرح ثم يضرب بحجر أو «مداس» أي «صرمة» بالشامي وحذاء بالعربي الفصيح وربما يملأ الجرح بعد ذلك بشيء من الرماد الحار أو البن المحمص المطحون! ولم يكن في تلك الأيام من ينهي الأطفال عن التقاط الطعام المنثور على الأرض لأكله خشية تلوثه، بل يترك ليلتقط الحلوى أو الكسرة من الخبز فلا يصاب بنزلة معوية ولا يحزنون أو أنه يصاب لكنه يقاوم ما يصاب به لوجود مناعة قوية لديه. وكانت الحقائب المدرسية تصنع من الحديد الخفيف «التنك» ثم تلون لتصبح زاهية الشكل أما الأحذية فقد كان الأخوة المهاجرون من آسيا الوسطى «البخارية» يصنعونها من كفرات السيارات حيث تباع عليهم تلك الكفرات من قبل أصحاب السيارات والبناشر بعد أن تصبح غير صالحة للاستعمال كإطارات للسيارات فتحول إلى إطارات لأقدام الأطفال والشبان والرجال!