البسمة تكاد لا تفارق محياه، ما إن يقترب جمهور اللعبة منه حتى يجدوا هذا الشاب الذي يستقبلهم مُرحبا مهللا بهم، حتى يُركبهم اللعبة وهو لا يزال مبتسما ومشجعا، بل ومتسائلا عن مقدار المرح الذي سيسعدون به بعد قليل! كل ما سبق هي اللحظات التي تسبق الدخول لأي لعبة في أي مدينة ملاه في الولايات المتحدة. فالجميع مبتسم وفرح، والكل يجتهد في إثارة جو من المرح والمتعة والإثارة، والهدف بسيط وهو أن يشعر اللاعب -أي "الزبون"- أنه سعيد بما فيه الكفاية، وأن ماله قد صرفه على ما أبهج قلبه وأسعد روحه. العجيب في الأمر أن هذه الابتسامة لموظفي مدينة الملاهي تستمر من بواكير الصباح وحتى تطفأ الألعاب والمسارح والمطاعم أنوارها! فضلا عن الجهد البدني والحركة التي لا تكل لترتيب طابور الدخول، والأهم إشاعة روح البهجة في كل ركن. بالطبع هدف مدينة الملاهي هو إرضاء "الزبون" ومحاولة إعادته مرة أخرى، ولكن أليس السبب ثقافيا واجتماعيا كون الجميع "يعيش دوره" بكل صدق وكأنما يلهو بهذه اللعبة لأول مرة؟، أوليست تلكم الممارسة إحدى ميزات مجتمع "الغرب" حينما يعمل المرء بطاقته القصوى في عمله لينجزه بالشكل المتوقع، لأنه يعرف أن هناك من سيحاسبه إن قصر أو أخطأ، بل ولأنه يتوقع أن يحصل على المعاملة الكاملة نفسها حينما تنقلب الأدوار. والحقيقة أن المرء إذا عاش دوره بحذافيره فإن ذلك لا يسهم فقط في سعادته هو، إذ إنه يقوم بعمله على أتم وجه وبه يستغل وقته فيما ينفع ويسعد، بل سيسعد الآخرين ممن حصل على الخدمة الكاملة منه. وغني عن القول إن السعادة شعور معدٍ، لا تكاد تمنحه للآخرين حتى يرتد إليك وبشحنة أكثر مرحا وبهجة مما قدمت. فقط "عش الدور" أينما كنت ومهما كان دورك وستشعر بحقيقة ما أتحدث عنه.