×
محافظة المنطقة الشرقية

جمعية «إيثار» تنظم حملة للتبرع بالدم في مجمعات الشرقية

صورة الخبر

«العمال يهربون من المركب الغارق»... عنوان مثير نشرته جريدة «موسكوفسكي كومسوموليتس» الشعبية، لتلفت الأنظار إلى أحد تداعيات الأزمة الاقتصادية التي تضرب روسيا، وتدهور سعر صرف الروبل. وبعيداً عن الإشارة «غير الموفقة»، كما وصفها بعضهم، إلى مسألة «غرق المركب» التي يعترض عليها كثيرون، تحولت ظاهرة «الهروب الطوعي» من روسيا للعمال الآسيويين الوافدين إلى مصدر قلق جدي، خصوصاً أنها شلّت قطاعات حيوية، على رأسها قطاع البناء. والهروب كان بالإمكان اعتباره «محموداً» لو جاء على هوى التيارات القومية المتشددة التي لم توفر مناسبة لتنبّه فيها إلى العمال الوافدين بغزارة خلال السنوات القليلة الماضية، وخطرهم على «التركيبة القومية والدينية لروسيا». بل أن تلك التيارات حركت «مجموعات الضغط» الموالية لها في البرلمان ووسائل الإعلام وداخل الأحزاب، لتأليب المواقف ضد اليد العاملة الرخيصة التي «لا تحمل لروسيا إلا الشر والجريمة المنظّمة ناهيك عن أخطارها الديموغرافية»، وفق التحذيرات التي كانت تطغى بمناسبة ومن دونها لدى التطرق إلى أي مشكلة اجتماعية أو اقتصادية في البلاد. وكانت النتيجة استصدار سلسلة من القوانين المتشددة مع الوافدين، باعدت بينهم وبين إمكان حصولهم على الجنسية أو الإقامة الدائمة في روسيا، ورفعت فوق رؤوسهم هراوة أمنية دائمة، زادت صعوبات عيشهم. فجأة، انقلب السحر على الساحر، وبدأ العمال الوافدون من طاجيكستان ومولدافيا وأوزبكستان وغيرها يغادرون البلاد في شكل مكثف، لأن ما يتقاضونه لم يعد يجدي في الإنفاق على المعيشة وإرسال ما تيسّر إلى ذويهم. وكانت قطاعات حيوية تعتمد على « اليد العاملة الرخيصة» الوافدة من مناطق آسيا الوسطى وجنوب القوقاز، أبرزها قطاع البناء بنسبة تصل إلى 90 في المئة، وخدمات المرافق العامة بنسبة مماثلة، والنقل بنسبة أقل وعدد كبير من مجالات العمل الأخرى بشقيها الحكومي والخاص. يقول رئيس رابطة المغتربين الأجانب محمد أمين إن نسبة من فضّل الرحيل من روسيا بسبب الظروف الجديدة، بلغت بداية السنة ثلاثة أضعاف مقارنة بنسبة من فضّلوا تحمّل مشقات العمل وقلة المردود، على أمل أن يكون الآتي أفضل. ولم تنعكس الظاهرة الجديدة على سوق العمل وحده، إذ امتدت لتطاول سوق تأجير العقارات السكنية الذي كان مزدهراً بفضل العمال الوافدين، على رغم قلة حيلتهم ومواردهم. ففي موسكو مثلاً التي كانت تضم أكثر من أربعة ملايين عامل آسيوي، تقلّص سوق تأجير الشقق «الشعبية» بمقدار يفوق الثلث، وكانت العادة أن يقيم عدد كبير من العمال في شكل جماعي في شقة مستأجرة، لتقليص نفقاتهم. ومع الرحيل الجماعي خسر السوق قطاعاً مهماً من زبائنه، ما أضاف إلى همومه عنصراً موجعاً بعدما فَقَدَ سوق «الشقق الراقية» جزءاً مهماً قاربَ وفق تقديرات خبراء نصف حجمه، بسبب رحيل عدد كبير من الشركات الأوروبية بموظفيها، وقسم من المستثمرين الغربيين للأسباب الاقتصادية وضعف الروبل، إضافة إلى البُعد السياسي للأزمة الذي لم تكن تأثيراته أقل حدة. ولأن «مصائب قوم عند قوم فوائد»، فإن النتيجة حملت تراجعاً في إيجارات العقارات من الفئتين الشعبية ودرجة رجال الأعمال، ما انعكس خيراً على من فضَّل البقاء، وانتظار تحسُّن الظروف وخروج روسيا من عنق الأزمة.