أكد الفنان فرات قدوري ، مدير مهرجان الشارقة للموسيقى العالمية ، أن المهرجان نجح في تحقيق واحدة من صور الحوار الحضاري الذي تضعه الشارقة ضمن رؤيتها الثقافية، فلم ينجح في جمع فرق من مختلف بلدان العالم بألوان وتجارب متنوعة، وحسب، وإنما حشد جماهير الإمارات من مختلف الجنسيات على الفن والموسيقى، فكانت المسارح تعج بالمستمعين والمتذوقين من مختلف الأمزجة، غربية، وعربية، وهندية، وآسيوية، ولاتينية، وغيرها من الأمزجة التي جمعتها لغة الموسيقى العابرة للهويات والقوميات، والبلدان. وأضاف: إن النجاح الذي حققته الدورة الرابعة للمهرجان، يدفع بنا لنعمل جاهدين في تحضيرات الدورات المقبلة، لنظل عند أمل المتابعين، والمستمعين، فما يراكمه المهرجان اليوم، يحسب للساحة الثقافية، والمشروع الإبداعي الذي تقوده الشارقة، فنتمنى أن تحمل الدورات المقبلة مزيداً من النجاح، وتبقى الموسيقى لغة السلام والمحبة والحوار السامي. وعلى مدار 9 أيام من العزف والغناء قدّم المهرجان أكثر من 20 حفلة فنية، شارك فيها 24 فناناً وفرقة موسيقية من 14 دولة عربية وأجنبية، جمعت الموسيقى الشرقية، مع مختلف أشكال الموسيقى العالمية على مسرح المجاز، ومسرح جزيرة العلم، ومسرح القصباء. وشهدت أيام المهرجان الذي ينظمه مركز فرات قدوري للموسيقى، برعاية هيئة الشارقة للاستثمار والتطوير شروق، حالة من الحوار الإبداعي الثقافي، تجلت في التفاعل الموسيقي الذي عرضه المهرجان في أروقه القصباء وعلى المسارح، فاحتشد الجمهور حول فرق الغناء، والعزف التي عرضت تجارب متفردة في الموسيقى الشرقية، والغربية. وفتح المهرجان نافذة من الحوار مع المستمعين والجمهور العابرين في أروقة الأماكن السياحية في الشارقة، إذ قدمت نخبة من الفرق الفنية عروضاً موسيقية في ساحات وممرات واجهة المجاز المائية، والقصباء، ليكون الجمهور على موعد مباشر مع الموسيقى والغناء، فقدّمت فرق الثلاثي آليجريا، والشارع اللاتينية، ونينا وعازفة الجيتار، مقطوعات فنيّة دمجت بين موسيقى الجاز، والتانغو، والمقطوعات الشرقية الأصيلة إضافة إلى الموسيقى الكاريبية التي تشتهر بها دول أمريكا اللاتينية. وجاء انطلاق المهرجان بحفلة النجمين، الفنان الإماراتي الدكتور حسين الجسمي، والفنانة المصرية شيرين عبد الوهاب، حضرها الشيخ سلطان بن أحمد القاسمي، رئيس مركز الشارقة الإعلامي، رئيس مؤسسة الشارقة للإعلام، والشيخة بدور بنت سلطان القاسمي، رئيسة هيئة الشارقة للاستثمار والتطوير شروق، وجمعت الجمهور على أشهر أغاني الفنانين في مسرح المجاز. وكان الجمهور في اليوم الثاني للمهرجان على موعد مع أمسية حملت عنوان أسطورة العود، أطل فيها أربعة من مبدعي العزف على العود، على جمهور مسرح جزيرة العلم، فشارك فيها كل من: الفنان العراقي نصير شمة، والفنان السوري حسين سبسبي، والفنان العراقي خالد محمد علي، والفنان التركي نجاتي تشيليك، ليلخّصوا سيرة العزف على العود بكامل مدارسه التقليدية والحديثة والمعاصرة. وحلّت كوكب الشرق، أم كلثوم، ضيفة على المهرجان بروحها وأغنياتها، فقدمت الفنانة ريهام عبد الحكيم وأوركسترا دار الأوبرا المصرية بقيادة المايسترو محمد الموجي على مسرح جزيرة العلم بالشارقة، ليلة طربية من ليالي المهرجان ، سهر خلالها الجمهور مع الفنانة، إحياءً لذكرى سيدة الغناء العربي. وفي أمسية فنية حملت عنوان الجاز يحاور السيتار الهندي، أطلت على جمهور مهرجان في مسرح القصباء، الفرقة الهولندية ثلاثي مايك ديل فيرو، بمشاركة الموسيقار الهندي المعروف نيلادري كومار، ومغنية الجاز الأمريكية الشهيرة ديبورا كارتر، ليقدموا مزيجاً متناغماً يجمع موسيقى الجاز وأغانيه بالموسيقى الهندية الكلاسيكية. واستعاد الموسيقي دانيال ميل، وفرقته الخماسية، تاريخ عازف الأكورديون الأرجنتيني العالمي آستور بياتزولا على مسرح القصباء، عارضاً مزيجاً فريداً من الموسيقى تقودها آلة الأكورديون، وتتبعها آلات التشيللو والدبل باص، فجاءت الأمسية بعنوان طعم باريسية، لتشكل منفذاً على أجواء روح المدينة الأوروبية الكلاسيكية. واستحضر سفراء الفلامنكو؛ ديفيد دورانتس ومارينا هيريديا، في حفلهما، الروح المشتركة بين الموسيقى الإسبانية والشرقية، فتعالى صوت الجمهور في مسرح القصباء، مع المغنية ذات الصوت المتفرد هيريديا وهي تردد (آوليه). ولم تكتفِ الفرقة الموسيقية الفرنسية شيكو والغجر بتقديم أجواء الفرح، والتراث الشعبي الغجري على مسرح القصباء، وإنما خلقت مزيجاً موسيقياً مع الموسيقى الشرقية، فقاد الفنان فرات قدوري عدداً من المقطوعات الموسيقية برفقة الفرقة على آلة القانون، ليترك روح الموسيقى العربية تمتزج بتاريخ موسيقى الغجر، ومجموعة آلات الجيتار. وعلى مسرح جزيرة العلم، أحيت الفنانة اللبنانية العالمية هبة طوجي والموسيقار اللبناني أسامة الرحباني، الليلة قبل الأخيرة لفعاليات مهرجان الشارقة للموسيقى العالمية، مستعيدة تاريخ المدرسة الرحبانية بكامل تجربتها المتفردة، ومقدمة مزيجاً من الأغنيات التي تعكس روح الموسيقى الشرقية، وتجليات الإيقاع الغربي. وعلى إيقاع الدفوف الإماراتية، والتخت الشرقي، اختتم الفنان جاسم محمد، وفرقة نغم الإمارات على مسرح جزيرة العلم، فعاليات المهرجان مساء الأحد الماضي في ليلة موسيقيّة غنائية، جمعت تراث الغناء الخليجي، ومقطوعات من كلاسيكيات الموسيقى العربية، مقدماً كل منهما هويته الفنية بسلسلة من المعزوفات والأغاني. ويسعى مركز فرات قدوري للموسيقى، الذي يتخذ من القصباء مقراً له، من خلال إقامة هذا المهرجان، الأول من نوعه في إمارة الشارقة، إلى تعزيز الحضور الثقافي والفني للشارقة ولدولة الإمارات العربية المتحدة، بالإضافة إلى تعريف المجتمع الإماراتي بمختلف الثقافات الموسيقية من جميع أرجاء العالم، فضلاً عن إثراء رصيد إمارة الشارقة بعناصر الجذب الثقافية والفنية والسياحية.