كعادتهم كان الزملاء في «الحياة» يمتلكون حساً مهنياً عالياً، وهم يضعون خبر الرقم الجديد للمصابين بالسكري من السعوديين على الصفحة الأولى يوم السبت الماضي. يقول الخبر: «قلل إحصاء رسمي أعلنته وزارة الصحة السعودية من حجم الإصابة بمرض السكري، معلنة أن معدل انتشاره بين المواطنين يقدّر بـ13.4 في المئة، وهو ما يخالف أرقاماً سابقة أُعلنت عن حجم انتشار هذا المرض، قدّرت أن 30 في المئة من السعوديين مصابون بالمرض. كما أعلنت وجود حالة أو حالتي بتر يومياً في المستشفيات الرئيسة في المملكة، تراوح بين بتر لجزء، أو بتر كامل لقدم أو ساق مريض بالسكري. وقدّرت كلفة علاج مضاعفات مرض السكري بما يتجاوز بليون دولار شهرياً (4 بلايين ريال)، وهي مرشحة للتصاعد خلال الأعوام الثلاثة المقبلة». الوزارة أعلنت من خلال بوابتها الإلكترونية نتائج دراسة مسحية نفذتها العام الماضي، بالتعاون مع معهد القياسات الصحية والتقييم في جامعة واشنطن الأميركية، كشفت هذا الرقم الجديد، والجيد، إن كان دقيقاً. حسناً، ماذا يعني هذا الرقم؟ هو يعني إما أن السعودية ممثلة بوزارة الصحة نجحت في خفض نسبة المصابين بالسكري، وإما أن الإحصاء القديم لم يكن دقيقاً. وينبغي للوزارة التي تشكر على هذه الإفصاحات أن تشرح لنا أكثر عن هذه النسبة التي تشكل انخفاضاً إلى النصف تقريباً عن النسبة السابقة، وهل هذا الإحصاء خاص بمستشفيات وزارة الصحة لوحدها، أم يشمل القطاعات الصحية العسكرية، والقطاع الخاص؟ سيكون التفصيل مهماً جداً هنا. وزير الصحة الجديد في فريق خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز هو أحمد بن عقيل الخطيب، وهو - كما يعرف الكثيرون - رجل يأتي من عمق القطاع الخاص، بل إن منجزاته وتاريخه كان أكثر في القطاع المصرفي والمالي والاستثماري، حتى أسس وترأس إحدى أكبر الشركات الاستثمارية المعروفة في المملكة، ومثل هذا الرجل سيكون دقيقاً جداً في ما يتعلق بالأرقام، وسيكون واضحاً جداً كما هي معادلات الإدارة المالية والاستثمارية، ولعل بعضكم لاحظ عودة إحصاءات «كرونا» والإفصاح عنها بالأرقام الحديثة هذا الأسبوع، مما يعطي مؤشراً مطمئناً. رجل بهذه الخلفية لا بد أنه يعرف ماذا يعني هذا الرقم، ومن أين أتى في الأساس، لأنه سيبني عليه قرارات وأرقام أخرى، وسيغير خريطة العمل في ملف مرض السكري، شفى الله الجميع منه، والأهم أن سياسات الإحصاء ثم الإفصاح عن الإحصاءات في الوزارة ستعتمد كثيراً على صدقية ودقة مثل هذه الأخبار. ستكون بشرى كبيرة، ومفاجأة أكبر لو نشرت تفاصيل هذا المسح وأثبتت الوزارة صحته، وستكون بشرى بالصدق والمصارحة والمكاشفة لو قالت الوزارة إن هذا الرقم كان خطأ صحافياً، أو أنه يتعلق بدراسة سريعة لمنطقة ما، أو عينات معينة. إذا تغيرت نسبة المصابين بالسكري هكذا، ستتغير معها نسب كثيرة في حياة الناس، وفي ملفات الوزارة، وإذا كان الرقم القديم مبالغاً فيه ولم يكن دقيقاً، فهذا يعني أن هناك «لوبيّاً» استفاد من هذا التضخيم، وفي الحالين يجب أن نعرف جميعاً الحقيقة. mohamdalyami@