يواجه وزراء المالية ومحافظو البنوك المركزية لدول مجموعة العشرين مهمة شاقة لتنسيق جهودهم لتحفيز النمو العالمي خلال الاجتماعات التي تعقد الأسبوع الجاري في ظل تباين وتيرة النمو والسياسات النقدية للاقتصادات الكبرى. وتستضيف مدينة إسطنبول التركية في اجتماعات مجموعة العشرين الدولية على مستوى وزراء المالية وبمشاركة محافظي البنوك المركزية في دول المجموعة على مدى يومين، فيما يرأس وفد السعودية في هذه الاجتماعات الدكتور إبراهيم العساف وزير المالية، ومحافظ مؤسسة النقد العربي الدكتور فهد المبارك. ويتضمن جدول أعمال الاجتماع مناقشة أوضاع الاقتصاد العالمي، وإطار النمو القوي المتوازن والمستدام، والقضايا المتعلقة بالاستثمار والبنية التحتية، والتحديات التي تواجه النمو، إضافة إلى مناقشة التطورات بشأن التشريعات المالية وإصلاحات البنية المالية الدولية والضرائب. وبحسب "رويترز"، فإن جدول أعمال محادثات المجموعة يتصدره اليوم وغداً القلق بشأن قدرة الولايات المتحدة على دعم الاقتصاد العالمي في حين تعاني معظم دول العالم من تباطؤ الاقتصاد. قادة مجموعة "العشرين" خلال اجتماعهم الأخير في برزبن الأسترالية. وتعقد الاجتماعات في وقت حرج إذ تلقي مشاكل اليونان بظلالها على أوروبا مرة أخرى، ويربك سعر النفط الرخيص التوقعات الخاصة بالتصخم والنمو، في حين يهدد ارتفاع الدولار اقتصادات الأسواق الناشئة. وقال علي باباجان نائب رئيس الوزراء التركي المسؤول عن الشأن الاقتصادي إن تركيا ستعطي الأولوية خلال رئاستها للمجموعة للتصدي لتباطؤ النمو العالمي وتعزيز دور الدول منخفضة الدخل، لكن تحقيق الأمر الأول أصعب مما توحي به الكلمات. وأشار جاك لو وزير الخزانة الأمريكي الأسبوع الماضي إلى أن الولايات المتحدة لا يمكنها أن تكون المحرك الوحيد للنمو وقال مسؤول أمريكي إن الرسالة التي تبعث بها واشنطن قبل الاجتماعات هي أن أوروبا لم تبذل جهدا كافيا. ومن جانبه، صرح جو أوليفر وزير المالية الكندي بأن تحفيز النمو العالمي سيكون محور اجتماع مجموعة العشرين وعلى رأس أولوياته، مضيفاً أن الأزمات السياسية في أوكرانيا والعراق وسورية تنطوي على مخاطر بالغة وتعقد جهود التعافي، ورغم أن أمريكا تدعم الاقتصاد العالمي في الوقت الحالي إلا أن هذا الوضع لا يمكن أن يستمر. وأفادت مصادر أوروبية مطلعة على جدول أعمال مجموعة العشرين بأنه من المرجح أن تدافع ألمانيا أكبر اقتصاد في أوروبا عن سجلها بأنها تبذل قصارى جهدها من خلال زيادة الطلب المحلي وخطط رفع الإنفاق العام. وإبان الأزمة المالية بين 2007 و2009 أفلحت جهود مجموعة العشرين حين أعدت حزمة تحفيز عالمية لكن الوضع أشد تعقيدا الآن في ظل تباين السياسات المالية الذي يعد أحد أسباب الاضطرابات العالمية. ويتجه مجلس الاحتياطي الاتحادي (البنك المركزي الأمريكي) لرفع أسعار الفائدة هذا العام على النقيض من تخفيضات مفاجئة من الهند إلى أستراليا ومن كندا إلى الدنمارك فضلا عن خفض الصين لنسبة الاحتياطي الإلزامي للبنوك وإلغاء سويسرا سقف سعر الفرنك أمام اليورو. وكان قادة المجموعة قد قرروا في قمتهم المنعقدة في أستراليا في تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي، رفع الناتج المحلي الإجمالي على المستوى العالمي بنحو 2 في المائة بحلول عام 2018، ما يعني عمليا إضافة تريليوني دولار أمريكي إلى الاقتصاد الكوني، وما يمكن ترجمته إلى نحو 200 مليون فرصة عمل لملايين العاطلين عن العمل حول الكرة الأرضية، كما قرروا أيضا العمل على سد الفجوة بين الجنسين بنسبة 25 في المائة، وهذا وحده يمكن ترجمته مرة أخرى إلى ملايين من الوظائف لنساء لم يعملن من قبل.