شهد عدد من مناطق المملكة أزمة كبيرة في الغاز خلال الأيام الفائتة، ما جعل سعر الأنبوبة يصل إلى 100 ريال، بينما أغلقت بعض المطاعم في مدينة جدة أبوابها أمام زبائنها لعدم تمكنها من الحصول على الغاز، واضطر الراغبون في الحصول عليه للوقوف ساعات طويلة في الطوابير، ويرجع ذلك لقرار اتخذته شركة الغاز بإقالة عدد من الموظفين المرتبطين مباشرة بتوزيع الغاز، دون أن تعين بديلين عنهم يقومون بمهامهم. أزمة نقص الغاز تتكرر كل عام دون حلول، فالعام الماضي شهدت مناطق الشمال نقصا في مخزون الغاز تسبب في ارتفاع قيمة أنبوية الغاز وانتشار السوق السوداء للبيع وها هي تتكرر هذا العام في جدة والمدينة المنورة. نحن في السعودية وهي أكبر مصدر للنفط في العالم، وتملك خامس أكبر احتياطيات من الغاز الطبيعي في العالم، التي تبلغ - وفقا لتقديرات إدارة معلومات الطاقة الأميركية - 291 تريليون قدم مكعبة. وزير البترول علي النعيمي، قال في مؤتمر للغاز الطبيعي أقيم في المكسيك في 12 / نوفمبر من العام 2014م : إن المملكة ستضاعف إنتاجها من الغاز الطبيعي بحلول العام 2030، لكنها تخطط للاحتفاظ به في الداخل لتغذية النمو المحلي وزاد أنه في غضون العقد المقبل ستضاعف السعودية إنتاجها من الغاز الطبيعي ليصل إلى أكثر من المثلين. وكشف أن المملكة ستكرس ثروتها من الغاز للاستخدام المحلي، لتلبية حاجاتها المتزايدة من الطاقة بما في ذلك توليد الكهرباء وتحلية المياه، وأيضا تطوير صناعتها المتنامية من المعادن. إذا الغاز متوافر وأرامكو ليس لديها نقص في تزويد الشركة بالغاز وبالتالي فالمشكلة هي سوء تخطيط وسوء إدارة من شركة الغاز التي تخضع لمراقبة هيئة سوق المال. ويبدو لي أن المشكلة لا تتعلق بالإنتاج والتوزيع وصيانة بعض المصافي كما ذكرت الشركة بقدر ما هي تتعلق بالإجراءات والممارسات التي اتخذتها الشركة تجاه بعض موظفيها. حيث قامت بفصل عدد من موظفيها ومنهم مديرو فروع في أغلب مناطق المملكة وقامت بإصدار قرارات تعسفية والتضييق على موظفي الشركة بتقليص الحوافز والبدلات وأصدرت قراراً بنقل مديري فروع الشركة إلى الإدارة العامة بالرياض واستقال خلال تلك الأزمة ما يقارب 200 موظف سعودي من جميع فروع الشركة والإدارة العامة وقامت الشركة بإنهاء عقود الشباب المؤقتين في جميع الفروع وعددهم يزيد على 100 شخص وأحلت موظفين أجانب مكانهم وقامت بإيقاف ٨٣ موظفا ومنعهم من العمل وإيقاف مرتباتهم وحقوقهم لأنهم قاموا بتقديم شكوى لمكتب العمل مطالبين بحقوقهم. قطع الأعناق ولا قطع الأرزاق، لذلك موظفو الشركة صعدوا مطالبهم إلى جهات عليا وصدرت عقوبات من وزارة العمل على شركة الغاز والتصنيع الأهلية وغرامة مالية بعد ضبط مخالفات بالشركة، وطالبتها بإعادة كافة الموظفين المفصولين والموقوفين عن العمل ودفع حقوقهم المالية بعد أن ثبت لوزارة العمل أن إدارة الشركة هي السبب في أزمة الغاز الطارئة وليسوا الموظفين. من وجهة نظري تجب محاسبة المتسبب من إدارة الشركة في فصل الموظفين والتسبب في أزمة الغاز وإعلان العقوبة من قبل مجلس الإدارة، كما أن على الجهات المعنية العمل على فتح المنافسة لأكثر من شركة وفك الاحتكار فهل ما عندنا إلا شركة غاز واحدة مُحتكرة توزيع الغاز . لماذا نحن مُجبرون على الاحتكار في كل ما يتعلق بالشركات الخدمية؟ استمرار الاحتكار ليس في صالح الوطن ولا المواطن ويساعد على تفشي السوق السوداء. إعلامي وكاتب متخصص في قضايا الشأن العام