×
محافظة المنطقة الشرقية

«جيل الشباب في الوطن العربي» لمحمد العجاتي..

صورة الخبر

رابعة العدوية من الشخصيات التي شوهت سيرتها عبر التاريخ المكتوب والمرئي، وكثيرة هي الشخصيات التاريخية التي تغرق في وحل التزييف ولا تجد منفذا للخروج من فخاخ الوقائع التاريخية إلا مواصلة عبور الزمن بكم مهول من الزوائد والأكاذيب، ورابعة العدوية العابدة القانتة تم تشويهها تاريخيا ورسخت التشوهات المكتوبة عنها عبر تجسيد شخصيتها من خلال فلم سينمائي قامت ببطولته الفنانة نبيلة عبيد حمل الأخطاء المغلوطة نفسها وثبتها في جزئيات تنفيها وقائع تاريخية أخرى، ومن الأخطاء التي جسدها الفلم أن رابعة العدوية بدأت حياتها فتاة لعوبا ومعاقرة الغواية قبل أن تتبتل وتعتزل في معبدها، وقد حاول كثير من المؤرخين والمفكرين إزاحة التهم التي لحقت ببداية سيرتها كالفيلسوف والمفكر الوجودي عبدالرحمن بدوي من خلال كتابه شهيدة العشق.. إلا أن الناس يفضلون دائما إبقاء تهمة النقص والانحراف بأي شخصية تقية كنوع من الانتصار لسقوطهم أو لهفواتهم وكذلك من أجل تهدئة وخز ضمائرهم .. وكان من الممكن اكتفاء شخصية رابعة بما لحق بها من تشويه تاريخي، إلا أن الإخوان المسلمين أرادوا جمع تشوهاتهم بتشوهات التاريخ الذي ارتبط برابعة من خلال (الأربع الأصابع) التي اتخذوها شعارا لهم بعد إخراجهم من اعتصامهم بميدان رابعة العدوية، وهو الشعار الذي قيل فيه الكثير، وأخذ البعض في تعميق دلالاته لدرجة إيصاله إلى أنه شعار ماسوني.! ولأن الإخوان المسلمين لم يكتفوا بما أحدثوه من تخريب في بلدهم الأم وفي العديد من الدول العربية، فإن شهية التنظيم ما زالت نهمة لإحداث خراب شامل، فهم لم يكتفوا بالانتحار السياسي وسقوط دولتهم في مصر، ولم يقتنعوا بما آل إليه مرشدهم ورئيسهم وقياداتهم، فقرروا مواصلة التخريب في أي موقع يطؤونه، وما زال تنظيمهم العالمي يحلم بالعودة والسعي إلى تنظيف السمعة عبر التنادي على أعضائه بمساندة جماعتهم في رحلة العودة، وهي الرحلة التي لن تحدث بسبب الغباء السياسي الذي لازم الجماعة في كل تحركاتهم، ومع اكتشاف العالم العربي بأن الأخوان المسلمون نفق غربي لتمرير مخطط الشرق الأوسط الجديد بات الجميع مستيقظا لكل التحركات التي يحدثونها على الأرض أو تحتها. وهاهم اليوم يتنادون بالتظاهر وإلصاق شعار رابعة على قمة جبل الرحمة وتحويل الحج إلى مناسبة سياسية يطالبون فيها بتحقيق حلمهم المفقود. وقد مضى زمن على إخماد استخدام الشعارات السياسية في الحج حين وقفت الدولة بحزم رافضة المتاجرة السياسية من أي عرق أو لون، ولن يسمح للإخوان أو لسواهم بتغيير ملامح الروحانية التعبدية إلى صراخ ومطالب دنيوية. ويصيبك الأخوان بالدهشة وهم يخططون لهذا الفعل، فهل فقدوا لياقتهم السياسية والأدبية والدينية كاملا حتى يتنادوا لتحويل الحج إلى مطالب سياسية هم أعلم بأنها غدت من التاريخ الذي لن يكتب له العودة إلا بعد عشرات السنوات ــ هذا إن أحسن المتبقون منهم إعادة صياغة أهداف الجماعة بما يتناسب مع آمال الشعوب وتطلعاتها. المقلق في مناداتهم هذه أن كثيرا ممن ينتسبون للجماعة عالميا ومحليا هم من يشجع إلى تحويل موسم هذا العام إلى دعوة إخوانية. والسؤال الأعمق: أين يقف الإخوان المسلمون الخليجيون من هذه الدعوة، مع أو ضد!.