كشفت وزارة الداخلية السعودية أن الجهات الأمنية المختصة تمكنت من الإطاحة في أوقات متفرقة بعدة خلايا إرهابية بلغ عددها 93 شخصاً من بينهم امرأة. كذلك إحباط مخططاتهم الإجرامية قبل تمكنهم من تنفيذها، بعدما توفر لدى الجهات الأمنية مؤشرات ودلالات عبر عمليات رصد متعددة، نتج عنها، معطيات أدت إلى الكشف المبكر عن أنشطة إرهابية في عدة مناطق من المملكة يقوم عليها عناصر من الفئة الضالة. وأفصحت أيضا عن الإطاحة بخلية إرهابية سمت نفسها «جند بلاد الحرمين» تنتمي لتنظيم داعش الإرهابي في الخارج، وتتكون من 15 شخصاً جميعهم سعوديون، يتزعمهم شخصٌ متخصص في صناعة العبوات المتفجرة، والبقية تنوعت أدوارهم، بين تنسيق نشاطات الخلية، وآخرون أُوكلت لهم الجوانب المالية والأمنية، فيما أوكل لأحدهم الجانب الشرعي ليتولى مسائل الفتوى لهم. وبين اللواء المهندس منصور التركي - المتحدث الأمني لوزارة الداخلية - أنه في إطار المتابعة المستمرة لأنشطة الفئة الضالة التي يسعون من خلالها للنيل من أمن هذه البلاد، وأمن مواطنيها والمقيمين على أراضيها كهدف استراتيجي لهم مازالوا يعملون دون توقف على تحقيقه من خلال مخططاتهم الإجرامية. منوهاً بأن المتابعة أكدت أن هذه الأنشطة بلغت مراحل متقدمة في التحضير لتنفيذ أهدافها. وأوضح اللواء التركي، في مؤتمر صحفي - عُقد البارحة في الرياض - أن اجتماعات هذه الخلية كانت تعقد في أماكن برية خارج منطقة القصيم، ثم انتقلوا إلى استراحة استأجروها لهذا الغرض، وحرصوا على أن تكون في موقع آمن، حيث تلقوا فيها تدريبات متنوعة، منها صناعة الأكواع المتفجرة التي أجروا تجارب حية عليها، نفذوا إحداها في حفرة داخل الاستراحة. وأَضاف: «نحن لا ننظر إلى القاعدة أو إلى داعش أو غيرهم، ففي نهاية المطاف نحن نتعامل مع فكر منحرف ونتعامل مع من يقف وراء هذا الفكر المنحرف، ويسعون إلى تجنيد أشخاص يستخدمونهم أدوات في تنفيذ عمل إرهابي يخدم أغراضهم وأهدافهم، فالإرهاب كله وجهه واحد وأهدافه في نهاية الأمر واحدة مهما اختلفت الأساليب أو تغيرت». واستطرد بقوله: «إن كل تنظيم إرهابي يسعى الى أن يتعلم من التنظيم الذي سبقه، ويحاول أن يرى أين نجح فيكرر الأسلوب الذي نجح فيه، ويلمس إخفاقاته فيحاول أن يدرسها أو يتلافى هذه الإخفاقات في محاولة منه لأن يبقى فترة أطول، وأن يحقق ما عجز عنه التنظيم الآخر». وحذرت وزارة الداخلية - على لسان متحدثها - من خطورة مواقع التواصل الاجتماعي، خاصة المعرفات التي تتحدث عن شخص مجهول أو شخص لا تعرف هويته بعدم الوثوق فيما يقوله من شائعات أو تحريض على أعمال إرهابية. وقال: «في نهاية المطاف إذا لم نبادر في حماية أبنائنا من مثل هذه المعرفات فقد يكون تأخرنا كثيراً في حمايتهم من هذه الأفكار، واستخدامهم كأداة في جريمة إرهابية». وحول ما يتعلق بالجهود الأمنية في القبض على أصحاب المعرفات الإرهابية، قال اللواء التركي: «بلا شك نبذل كل ما بوسعنا من جهود للقبض على من يقف وراء المعرفات التي تبث الدعاية للتنظيمات الإرهابية والأعمال الإرهابية أو تحرض على تنفيذ الأعمال الإرهابية أو تنشط في تجنيد الشباب وصغار السن». وعن نوع التقنية المستخدمة في تحديد المعرفات الشخصية في مواقع التواصل الاجتماعي، قال التركي: «من الصعب جداً تحديد أسلوب تقني واحد للقبض من خلاله على 93 شخصا و6 مجموعات مختلفة. فكل مجموعة لها قضية تختلف عن الثانية، حيث شكل 65 شخصاً تنظيما واحدا، فيما يشكل 15 آخرون خلية، و2 كل واحد يعمل بمفرده، إلى جانب 9 كانوا ينشطون في تويتر». وأضاف اللواء التركي: «كل عملية قبض عليها تمت وفق إجراءات أمنية محددة تختلف عن الأخرى، وليس بالضرورة أن تكون متشابهة، مفيدا بأن بعض القبض تحقق بفعل معلومات توافرت للجهات الأمنية من مواطنين أو مقيمين في المملكة، ويصعب جداً أن نحدد كيفية التوصل إلى كل قضية أو حالة من هذه الحالات». وحول التواصل عن معلومات عن ثلاث سيارات جاهزة للتشريك خلال التحقيق مع الإرهابيين «بنيان، ونواف» بين اللواء التركي أنه بالنسبة للمطلوب الذي شارك في تنفيذ جريمة إطلاق النار على دوريات الأمن في شرق الرياض يوم 19 جمادى الآخرة، تم القبض عليه صباح «أمس الثلاثاء»، بالتالي لابد من إعطاء الوقت للتحقيق للوصول إلى نتائج. وأضاف: «في مثل حالات هذا التحقيق لا يمكن أن تخرج بالضرورة منهم معلومات لكل ما نبحث عنه من حقائق، حيث يسعى المقبوض عليهم - خلال التحقيق - إلى المراوغة والهروب من توفير أية معلومات. وفي بعض الحالات يهدفون إلى المماطلة لإعطاء الوقت والفسحة لمن يعلمون عن نواياه بتنفيذ جريمة إرهابية أخرى، ليستطيع أن يهرب من رجال الأمن أو يجد له وسيلة يغادر فيها المملكة قبل أن يتم التعرف عليه». وفيما يخص استراتيجية إحباط أعمال الإرهابية قبل وقوعها من قبل الجماعات الإرهابية بالمملكة، بين اللواء التركي أن استراتيجية الأمن بالمملكة في مكافحة الإرهاب ثابتة وواضحة ومحددة. مفيدا بأنه ليس هناك استراتيجية تخص تنظيم القاعدة تختلف عن استراتيجية مكافحة إرهاب داعش وخلافه، لافتا النظر إلى أن الإرهاب واحدا وليس له وجه آخر، والهدف هو المحافظة على الأمن والاستقرار في السعودية. وحول الشائعات وكيفية إقلالها أفاد التركي بأن وزارة الداخلية تبذل ما في وسعها، ويجب على كل شخص أن يتحرى عن الحقيقة ويبحث عنها من المصادر الموثوقة، ولدينا العديد من الصحف الموثوق فيها، كذلك العديد من قنوات التلفزيون والإذاعة المعروفة التي تمثل جهات رسمية موثوقة. محذراً من البحث عن الخبر أيا كان هذا الخبر من مصدر مجهول، فكل ما جاء من مصدر مجهول لا يمكن الثقة فيه، والمجهول الذي يبث خبر إذا كان واثق مما يبثه لما لا يظهر هويته ويكون صريحا مع الناس حتى تستفيد الناس ما يتوافر لديه من معلومات. وحذر اللواء التركي من عدم الانتباه إلى الأبناء فكل رب أسرة لا بد أن يراعي مسؤوليته، فإذا أهمل الأبناء ليس بالضرورة أن يغرر بها أو به من خلال تويتر أو أي شبكة تواصل اجتماعي أخرى، فقد يكون من طرف شخص مباشر أو يكون من صديق أو صديقة لها. مبيناً أنه يجب على رب الأسرة مباشرة مسؤولياته، وألا يجعل ما يدور في تفكيرهم وفي هاجسهم بعيد عنه، ويجب عليه ملاحظتهم والتحدث والتواصل معهم، ومد لهم يد العون والنصيحة، ومشاركتهم أيضاً في حسابات التواصل الاجتماعي. من جهته، قال العقيد بسام عطية: «يجب أن نركز الحديث على بعض جوانب التنظيم، فمن حيث المسمى «جند بلاد الحرمين» الذي يدعو إلى التعبئة النفسية، فاختيار المسمى له انعكاسات حماسية في نفوس الشباب، ويؤكد على قدسية العمل المزعوم وله أبعاد نفسيه كبيرة جداً في التنظيم، وفي المتعاطفين أو المنتمين. مبيناً أن للتنظيم انتماء فكريا واضحا جداً لتنظيم داعش الإرهابي، حيث إن له نفس الأهداف ومنها الاغتيالات، واستهداف المجمعات والمقرات الأمنية. وأضاف: «ما يسمى بجماعة جند بلاد الحرمين، فقد تم القبض عليهم بعد الاشتباه في مجموعة من الأشخاص وتواجدهم في موقع خارج منطقة القصيم، وقيامهم بأعمال تدريبية، والتجهيز لعمل إرهابي. وأسقطت نتائج التحقيق عشرة أشخاص، ليكون المجموع الكلي 15 شخصاً، كلهم سعوديون ومنتمون لقوة ترتبط بتنظيم داعش الإرهابي، ولهذه الخلية مجموعة من الأدوار، وهي صناعة المتفجرات، إضافة إلى دور مالي، وشرعي وتنسيقي». وأوضح أن هذه الجماعة يسوقون إلى عناصرهم، ولها هيكلة داخلية متكاملة داخل لهذه المنظومة، أيضاً لها منظومة التهيئة والتجهيز، ويُلاحظ أن لهم أماكن للتواجد، وأماكن للقيام بأعمال الاختبارات، وأعمال التفجير، والتدريب، إضافة إلى أكثر من موقع للتواجد، والخروج خارج النطاق العمراني للتدريب وإجراء التجارب. وقال: «نحن أمام منظومة في الواقع تعددت فيها عدة أركان وعدة زوايا تؤكد وتؤصل مفهوم العمل الإجرامي داخل هذه الخلية». وبين العطية فيما يخص القبض على مواطن سعودي في منطقة القصيم لارتباطه بعناصر تنظيم داعش الإرهابي في الخارج ويسعى إلى تكوين خلية لمبايعته كزعيم لهذا التنظيم، أن المقبوض عليه كان له عدة محاولات في صناعة المتفجرات، حيث أتقن الجانب النظري وتحول إلى الجانب العملي. وأشار العميد العطية، الى أن هذا الأمر يعد حالة فردية لنواة خلية وهي حالة مستقلة في نفس الوقت لها ارتباط بداعش، منوهاً بأنه سعى للتواصل مع داعش لتطوير هذه الإمكانية لديه لتحويلها إلى مجال عملي، حيث يسعى في هذه الحالة تنظيم داعش الإرهابي إلى دعمه بشتى الطرق وهي أشبه بعملية الاستقطاب. وأفاد العميد عطية بأن كثيراً من العمليات الإرهابية يكون مفهوم المبايعة حاضراً فيها، وهي حالة من التأثير على الانتماء والطاعة والملكية، وتعد المبايعة من أهم الأمور لدى هذا التنظيم لا سيما لدى السعوديين لمحاولة سلخهم من مجتمعهم ومن منظومتهم وحياتهم، وتعد المبايعة نقطة ارتكاز في أي عمل إرهابي ونقطة ارتكاز في عملية التجنيد. وأضاف : «تعتبر المبايعة عملية متقدمة في مراحل العمل الإرهابي، حيث يشعر المنتمي لهذا العمل في لحظة مبايعته أنه أصبح داخل هذه المنظومة، ويصبح هناك عنده اعتقاد راسخ وقوي تجاهه حسبما يفهم. وبذلك تتحقق فيها الدورة الإرهابية، والدورة الإرهابية هي الفكر والتجنيد والتخطيط والتمويل والتدريب والاختبارات والتنفيذ، قد تتقدم نقطة عن الأخرى في بعض الحالات». وتطرق العميد عطية، إلى القضية الثالثة التي تضم 65 شخصاً في عدة مناطق من مناطق المملكة، ومن عدة جنسيات، وقال: «هي خلية لها ارتباط كبير بتنظيم داعش الإرهابي، ولها مجموعة من الأهداف منها استهداف المجمعات السكنية، وسجون المباحث العامة، ولهم أعمال وخطوات كبيرة جداً ومتعددة لتحقيق هذه الأهداف، وهي في مجملها أهداف إرهابية يسعون إلى نشرها بشتى الوسائل في الملتقيات والتجمعات الدعوية ومواقع التواصل الاجتماعي». وبين أنه قبل شهرين تم إسقاط هذه المجموعة، التي يميزها تعدد الجنسيات، وهي ما نطلق عليها الشمولية، حيث تعددت الطرق التي تتبناها هذه المجموعة لتنفيذ أعمالها التخريبية وتحقيق أهدافها، حيث ركزوا على التجنيد، والتدريب، والهجرة، والتمويل، وهو الأسلوب الذي ينتهجه نظام داعش الإرهابي. وذكر العميد بسام عطية أن مجريات التحقيق أوضحت - حتى الآن - أن المقبوض عليهم غير مطلعين على ما سيقومون بتنفيذه أو ما سيكلفون به. مبينا أن المقبوض عليه «السوري» قدم إلى المملكة بغرض مشاركته في نشاط محدد بمدينة الرياض، لكن طلب منه أخوه الذي يقيم في إحدى الدول الخليجية أن يتجه للمدينة المنورة، وإشعاره بعدما يصل إليها دون معرفة المطلوب منه بالتحديد. وأشار إلى أن المقبوض عليه «السعودي» في المدينة المنورة كان ينشط في جمع الأموال ويرسلها إلى شقيق السوري، وكلاهما لا يعرف الآخر. مبيناً أن القضية مازالت قيد التحقيق ويجب إعطاؤها بعض الوقت، وأنه قد يتطلب الأمر القبض على العنصر الثالث، الذي يمكن أن يكون متورطا في تنسيق هذه العملية، فيما يخضع الشخص الأخير للتحقيق. وأضاف: «الأسباب التي أدت إلى القبض عليهم وما اتضح خلال التحقيقات معه يؤكد أنه يرمي إلى شيء غير واضح حتى الآن، إما سعيه لتنفيذ جريمة إرهابية منعزلة بذاتها، أو البدء في تكوين خلية إرهابية من خلال تجنيد آخرين، أو ربما التغرير بأشخاص لتنفيذ جرائم إرهابية على غرار الجريمة التي نفذت باستهداف دورية الأمن في غرب الرياض، ودورية أخرى في شرق الرياض». ضبط أموال مع الفكر الضال خلال مداهماة سابقة انجازات كبيره سجلتها الأجهزة الأمنية ضربة قاصمة للإرهاب كشف مخططات الإرهابيين