ظهرت في الأوساط النسائية بالمدينة المنورة مؤخرا ظاهرة بطلاتها بعض السيدات المتشددات يقمن بمنع السيدات من حضور الحفلات النسائية بالملابس المعتادة، في إصرار على ارتداء الملابس غير الكاشفة، مع التخلي عن الزينة، ما أدى إلى إحجام النساء عن هذه الحفلات وتسبب في قطيعة الرحم واستنكار العديد من النساء لهذه الظاهرة البدعية -على حد قولهن-. في البداية تقول معلمة الدين هناء الحربي: «دعتني صديقة إلى حفل زفاف إحدى بناتها وعندما حضرت إلى حفل الزفاف وبعد أن قمت بالسلام عليها قالت لي بصوت مرتفع أمام الحاضرات وبنبرة حادة: (ما هذا الزي الذي ترتدينه وأكتافك ظاهرة أمام الحاضرات) صعقت من طريقة حديثها معي وحاولت إخبارها عن عورة المرأة أمام مثيلاتها من النساء فلم تسمع وقامت بإعطائي شرشف صلاة وأمرتني بوضعه على كتفي في حال أردت الدخول إلى قاعة الاحتفالات لحضور حفل الزفاف ولكني رفضت الدخول لأنني أعلم منها بما أرتديه وأعلم ما هو الزي الإسلامي وقمت بمغادرة الحفل وقطع علاقتي بها». أما سلافة خالد موظفة في أحد البنوك، فتقول: «ليس لدي وقت كافٍ لحضور المناسبات والاحتفالات باستثناء احتفالات الأهل والأرحام، ورغم ضيق وقتي إلا أنني فوجئت بإحدى قريباتنا تتصل بي لدعوتي إلى حفل زفاف ابنها، وطلبت مني أثناء المكالمة عدم لبس القصير أو الكم القصير وأن التزم بارتداء فستان سهرة يغطى كامل الجسم وهذا أمر مستحيل جدا أن أجد في السوق ما يناسب طلبها فاعتذرت منها على الفور، وأبلغتها بأنني أدرى بما أرتديه، وأنني أحضر الحفلات النسائية حتى أتزين بها لأني لا أرتدي ملابس العزاء في حفلات الأعراس، ناهيك عن طريقة حديثها التي استفزتني وأغضبتني، فأنا امرأة محافظة ولله الحمد، وآثرت ألا أحضر المناسبة». أما عبير محمد، معلمة فتقول: «انتشرت في السنوات الأخيرة ظاهرة وعادة جارحة تتسبب في قطع أواصر المحبة بين المجتمع وهي ظاهرة الفرح الإسلامي والذي توضع به شروط تنطعية ليست من الكتاب والسنة فالدين الإسلامي أباح للمرأة المسلمة الزينة، وما تقوم بعض الأخوات بفعله من إجبار السيدات على ارتداء زي معين أثناء حضور المناسبات أمر غير مقبول في مجتمعنا مجتمع المدينة الذي يفتح أبوابه لاستقبال الجميع، وأعرف كثيرات من زميلاتي يقمن بكتابة عبارات ليست من اللياقة وحسن الضيافة كأن يشترطن التزام الحاضرة بارتداء فستان مغلق أو عدم لبس القصير، وهناك من تقوم بوضع مجموعة كبيرة من شراشف الصلاة في المناسبة لتغطي من ترى أن ملابسها غير ملائمة -من وجهة نظرها- ما تسبب في إحراج لكثير من الحاضرات اللاتي تركن مناسبات عديدة بسبب ما وجدنه من إحراج». من جهته يوضح أستاذ كرسي الأمير نايف لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بالجامعة الإسلامية الدكتور غازي المطيري أن هذه الظاهرة تأتي في ظل التغيرات المفاجئة التي حدثت بين الأمس واليوم ما أدخل ألوانا من ردة الفعل والفعل المقابل وعلى سبيل المثال فإن الأزياء النسوية قد أصابها من هذا التغير والتبديل ما أحدث الذهول والدهشة وردود الفعل المتغير، والحق أن الدين الإسلامي بشريعته الخاتمة وفقه يساعد كل مسلم ومسلمة على التكيف مع التغيرات والتطويرات الجديدة دون تجاوز لحدود الشريعة الإسلامية، فمن حق المرأة أن تلبس ما تشاء أمام زوجها وإذا توسعت الدائرة قليلا فإن الأدب الإسلامي يلزمها أن تتحرى من يحيط بها أدبا وأخلاقا وزيا، وهكذا حين تخرج من بيتها فإنها مدعوة إلى آداب ملزمة كمنع التعطر أو التبرج وإظهار مفاتنها. ولكن إذا دخلت المرأة إلى بيئة نسوية خالصة فإن الشريعة الإسلامية لا تمنع إشباع التشوق النفسي لدى النساء في التزين ولبس الحلي أمام النساء لقوله تعالى (أو من ينشئ في الحلية وهو في الخصام غير مبين) حيث وردت الآية في بيان طبيعة المرأة وحبها للزينة. ويضيف المطيري: «من ينادي أو يدعو إلى تحريم الزينة وفق الحدود الشرعية، ففي ذلك ولاشك تشدد في غير مكانه وتحريم في غير مسوغ شرعي، وكما لا يجوز للمرأة أن تخرج للرجال بزينتها ومتبرجة فلا يجوز أن نحرمها من التزين المشروع أمام النساء، وما ظهر أخيرا من اعتراض بعض الطيبات بنية حسنة واشتراطهن على الحاضرات اشتراطات غير مشروعة فهذا يعتبر لونا من ألوان التنطع والغلو وربما يسوق إلى الحرج والتشدد وقطيعة الرحم، ولذلك ندعو إلى حسن النوايا، بمثل ما ندعو للحفاظ على عاداتنا وتقاليدنا التي لا تخالف شرعنا الحنيف».