ارتفعت أسعار النفط أمس متأثرة بنبأ وفاة الملك عبد الله بن عبد العزيز - رحمه الله - في وقت تشهد فيه أسعار الخام هبوطا يقارب 50 في المائة منذ حزيران (يونيو) الماضي. وبحسب "رويترز"، فقد ارتفع سعر مزيج برنت الخام 90 سنتا في العقود الآجلة إلى 49.42 دولار للبرميل، وزاد سعر خام غرب تكساس الوسيط الأمريكي 29 سنتا في العقود الآجلة ليصل إلى 46.60 دولار للبرميل. وبعد أن شهدت أسواق النفط تقلبات شديدة وهبوطا للأسعار في وقت سابق من كانون الثاني (يناير) سجلت تحركات محدودة هذا الأسبوع حيث تحركت أسعار برنت في نطاق بين 47.78 و50.45 دولار للبرميل. ومن المتوقع أن يستمر الملك الجديد في انتهاج سياسة أوبك الرامية للإبقاء على مستوى الإنتاج لحماية حصة المنظمة في السوق من المنتجين المنافسين. وتأتي وفاة الملك عبد الله في وقت تشهد فيه أسواق النفط بعضا من أكبر التحولات في عقود، حيث نزلت أسعار النفط نحو 60 في المائة منذ أن وصلت إلى ذروتها في حزيران (يونيو) الماضي مع ارتفاع إمدادات معروض النفط الصخري من أمريكا الشمالية وتباطؤ الطلب. وحولت طفرة الإنتاج الصخري الأمريكي الولايات المتحدة من أكبر مستورد للنفط في العالم إلى واحدة من أكبر الدول المنتجة للخام حيث تضخ أكثر من تسعة ملايين برميل يوميا. وأظهرت بيانات من إدارة معلومات الطاقة الأمريكية أمس أكبر زيادة في مخزونات الخام الأمريكية فيما لا يقل عن 14 عاما هو ما زاد من الفارق بين أسعار برنت وخام غرب تكساس الوسيط. وسجل برميل "لايت سويت كرود (خام تكساس الخفيف) تسليم آذار (مارس) ارتفاعا من 0.99 دولار أي بنسبة 2.09 في المائة ليبلغ 47.30 دولار في التبادلات الإلكترونية في آسيا، بعد ارتفاعه بنسبة 3.1 في المائة في نيويورك. كما سجل برميل برنت بحر الشمال تسليم المهلة ذاتها ارتفاعا من 1.01 دولار أي بنسبة 2.08 في المائة فبلغ 49.53 دولار مع فارق من 2.2 دولار عن خام تكساس الخفيف، مقابل 1.04 دولار في 16 كانون الثاني (يناير). وعلى الرغم من هذه القفزة ما زالت أسعار النفط التي شهدت تقلبات منذ مطلع العام، على تراجع يفوق 3 في المائة هذا الأسبوع. وقال فاتح بيرول رئيس قسم الاقتصاد في وكالة الطاقة الدولية، على هامش المنتدى الاقتصادي العالمي المنعقد في دافوس، إنه بعد وفاة الملك، لا أتوقع تغييرا كبيرا في السياسة النفطية للسعودية وآمل أن يبقوا عامل استقرار في الأسواق النفطية، وخصوصا في هذه الأيام الصعبة. وأضاف بيرول أن الملك الراحل كان رجلا كبيرا فيما لعبت السعودية دور بنك مركزي للقطاع النفطي في العقود الأخيرة، معزيا الشعب السعودي بوفاة الملك، وتتولى وكالة الطاقة الدولية الدفاع عن مصالح الدول المستهلكة للنفط. واعتبر نيل بيفريدج المحلل في سانفورد سي برنستاين وشركاه في هونج كونج في تصريح لقناة بلومبرج، أن وفاة الملك عبد الله أثرت في أسعار الخام، ولا أعتقد بحدوث تغيير قريب في السياسة، لكن وفاة الملك تأتي في مرحلة دقيقة. وأكدت الوكالة الأمريكية للمعلومات حول الطاقة أن السعودية العضو في منظمة الدول المصدرة للنفط "أوبك" هي أكبر مصدر للنفط في العالم تليها روسيا والإمارات، وثاني أكبر منتج للنفط بعد الولايات المتحدة. وكانت سوق النفط تعتمد على أوبك لدعم الأسعار عبر تخفيض إنتاجها، لكن الكارتيل رفض، حيث فضل عدد من أعضائه النافذين حماية حصصهم في السوق على الإبقاء على أرباحهم. وبالتالي قررت دول أوبك الـ12، التي توفر ثلث النفط في العالم، في أواخر تشرين الثاني (نوفمبر) إبقاء سقف الإنتاج على 30 مليون برميل في اليوم للأشهر الستة التالية، ومن المقرر أن يجتمعوا للمرة الأولى في العام المقبل في حزيران (يونيو). واعتبر خبراء أن قرار الحفاظ على سقف الإنتاج أيا كان ثمنه يعكس إرادة في إضعاف استغلال الغاز الصخري في الولايات المتحدة، وأكد عبد الله البدري أمين عام أوبك أن سياسة المنظمة تستند إلى بيانات اقتصادية بحتة مؤكدا أنها ليست موجهة ضد أي بلد. ومن العناصر المحورية معرفة إن كان الملك سلمان سيثبت في الأيام أو الأسابيع المقبلة علي النعيمي وزير النفط الحالي في منصبه، وهو مهندس الاستراتيجية النفطية للبلاد منذ 1995، وأشار فيل فلين المحلل في برايس فيوتشرز في شيكاغو إلى أن هناك إمكانية لاستبدال علي النعيمي الذي ألمح إلى أنه يرغب في تخصيص المزيد من وقته لأنشطته الجامعية. واعتبرت فلورانس إيد-أوكدن كبيرة محللي أرابيان مونيتور في لندن أن النعيمي يحظى بالاحترام ولا يتوقع حدوث أي تغيير في المرحلة المقبلة. وكانت الأسعار قد انخفضت إلى حد كبير أول أمس نتيجة ارتفاع في مخازن الخام في الولايات المتحدة وانتعاشة بارزة للدولار، بعد إعلان البنك المركزي الأوروبي عن برنامج واسع لإعادة شراء ديون أدى إلى تعزيز الدولار، ما جعل مشتريات الخام المسعرة بالدولار أعلى تكلفة. وخسر برميل خام "لايت سويت كرود" 1.47 دولار ليبلغ 46.31 دولار في بورصة نيويورك "نايمكس" وبرنت 51 سنتا ليبلغ 48.52 دولار في بورصة إنتركونتيننتال في لندن.