ينغمس نمر جمعة مختار بلدة كفركلا الجنوبية في حركة دؤوبة ومستمرة وهو يتابع شؤون أبناء بلدته الواقعة على الشريط الحدودي بين لبنان والجانب الإسرائيلي. ويؤكد جمعة للجزيرة نت، أن الأمور على الجبهة الجنوبية تسير كما هو معتاد، والمواطنون يخرجون إلى أعمالهم بشكل طبيعي، وحركة السيارات والمارة أكثر من طبيعية. لكن جمعة يلاحظ تغيرا على الناحية الثانية من الحدود، حيث يلتزم المستوطنون منازلهم أو ملاجئهم، بينما انخفض مستوى نشاط الدوريات الإسرائيلية ولم تعد تشاهد إلا ما ندر. ومنذ الغارة الإسرائيلية التي استهدفت مجموعة من عناصر حزب الله وضابطا إيرانيا رفيعا في القنيطرة السورية، يعيش جنوب لبنان هدوءا حذرا، بينما تخيم حالة من الترقب على سكان المستوطنات الإسرائيلية القريبة من جنوب لبنان، الذين يتوقعون ردا من الحزب. وفي قراءة للغارة الإسرائيلية، استبعد الكاتب السياسي طلال عتريسي المواجهة المباشرة بين حزب الله وإسرائيل، ورغم أن الأخيرة منزعجة من الأحداث الجارية في المنطقة، وتسعى لزيادة قوتها على الجبهة الداخلية الإسرائيلية، فإنها لجأت إلى ضربة محدودة عمدا، اعتقادا منها أنها ستمر دون رد من حزب الله الذي لن يفتح حربا في هذا التوقيت. 3999950117001 26da8b0c-1e86-4591-99c9-b44c3b63ac52 700ca46b-8588-4e1a-8ac3-e7a99dbb9a05 video واستحضر عتريسي في حديثه للجزيرة نت تصريحا لمصدر إسرائيلي رسمي لوكالة رويترز قال فيه إن إسرائيل لم تكن تعرف أن هناك قائدا كبيرا من الحرس الثوري في الموكب، في محاولة للتخفيف من أثر العملية وردود الفعل عليها. وأعرب المتحدث عن اعتقاده أن إسرائيل تريد توجيه رسالتين: الأولى أن يبقى حزب الله على حدود اللعبة القديمة، بمعنى أن إسرائيل تتعايش مع حزب الله في جنوب لبنان ولكنها لن تتعايش معه في الجولان. والثانية موجهة للداخل الإسرائيلي، لأن اليمين يريد رفع رصيده بين الناخبين في الانتخابات المبكرة. يذكر أن حزب الله وإسرائيل يخوضان حرب كرّ وفرّ منذ عقود، ويرى المحلل السياسي والعسكري العميد إلياس حنا أن حزب الله مُني بخسارة كبيرة في هذه الضربة. لكن حنا يصنف عمليّة الاغتيال -التي تشبه عمليات اغتيال كثيرة سابقة نفذتها إسرائيل- على أنها عملية "تكتيكية" ضمن الصورة الإستراتيجيّة الكبرى، وأشار إلى تصدعات في جسم الحزب نتيجة انخراطه في الحرب السورية. 3996462825001 d2a73c3c-4251-49c8-b432-ca16cdc830b4 3b051031-53e4-4269-bbf3-a6b926e8db04 video ويقول حنا للجزيرة نت إن هناك ثلاثة مسارح ممكنة للرد على إسرائيل، وهي: المسرح اللبناني، وله تعقيداته لأنه يعني تخلّي الحزب عن إستراتيجيّة فكّي الكماشة، وبالتاليّ فتح جبهتين على نفسه. والمسرح الدوليّ، وهذا أمر أيضا له تعقيداته بسبب الانفتاح الإيرانيّ على الغرب مؤخّرا، كما الحملة على الإرهاب. أما المسرح الثالث والأكثر احتمالا -بحسب حنا- فهو داخل "فلسطين المُحتلّة" (إسرائيل)، نظرا لتوفّر الأهداف السياسيّة والعسكريّة المهمة، وتوفّر الأرضيّة الخصبة ضدّ إسرائيل، وقدرة الحزب على الإنكار، حتى ولو أراد أن تعرف إسرائيل ضمنا أنه هو المستفيد أو المُنفّذ. وفي هذا السياق، يستبعد الكاتب طلال عتريسي أن تشتعل الجبهة الجنوبية اللبنانية، إلا أنه توقع استمرار أقصى درجات الاستنفار فيها من الجهتين اللبنانية والإسرائيلية خوفا من أي عملية ينفذها حزب الله في أي مكان ويكون الرد الإسرائيلي عليها في الجنوب. وأشار عتريسي إلى أن الاستنفار هذا لا يعني بالضرورة أن الحرب ستندلع، أحيانا يكون الهدف منه منع اندلاعها، مستبعدا أن تبدأ الاشتباكات في جبهة الجنوب لأنه أمر لا يرده حزب الله ولا الجانب الإسرائيلي. وتواصل إسرائيل التزام الصمت وعدم الإعلان عن تحمل مسؤولية الغارة الجوية ضد رتل من عناصر حزب الله والحرس الثوري الإيراني بالجولان السوري. إلا أن الجيش الإسرائيلي أعلن حالة التأهب القصوى ونصب بطاريات القبة الحديدية لاعتراض الصواريخ، وأعاد نشر واستنفار الجنود على طول الحدود الشمالية مع لبنان وسوريا.