«هناك باقي البشر وهناك عشّـاق السينما»، قال المخرج ريتشارد لينكلاتر ليل أول من أمس حين تسلم من «حلقة نقاد لندن» جائزة أفضل مخرج عن فيلمه «بويهود»، إنها جائزة سنوية أخرى تطرح، منذ 35 سنة، بين مزادات الجوائز الدولية في هذا الموسم. وليلة أول من أمس، احتشد نقاد بريطانيا وبعض السينمائيين لحفل توزيع جوائز «الحلقة» التي توجهت إلى 15 حقلا ومسابقة، بالإضافة إلى جائزة خاصّـة باسم ديليس باول، وهي كانت ناقدة مؤثرة عملت في «دايلي تلغراف» لعقود وماتت في سن الـ92 وهي ما زالت تمارس نقد الأفلام. تيموثي سبول، الذي تسلم جائزة أفضل ممثل بريطاني للعام عن دوره في «مستر تيرنر» وصف العلاقة بين الناقد والسينمائي على نحو أثار القبول والضحك معا: «إذا كان النقد ضدي، قرأته بـ(قرف): كيف تجرؤ على مهاجمتي يا وغد؟ وإذا ما كان معي فرحت له واعتبرت الناقد معجبا بي». كون المناسبة مقامة من حلقة نقاد توارثوا حب السينما والكتابة فيها يجعلها واحدة من المناسبات المنتشرة على جانبي المحيط ما بين نيويورك وبريطانيا، وامتدادا إلى كندا وأستراليا. مثل هذه المناسبات ليست كغيرها من المناسبات الأكبر حجما، فهي ليست بالحجم ذاته، ولا تستطيع أن تدعو نجوم السينما المرشّـحين للحضور متحمّـلة تذاكر سفرهم وإقاماتهم، ولا وجود لمحطات التلفزيون تشتري المناسبة وتملأ حساب الجمعية النقدية المصرفي بإيراد مرتفع. لكن مناسبة «حلقة نقاد لندن» لم تخل من بعض النجوم في الإخراج وفي التمثيل؛ حضرت الممثلة ميراندا رتشاردسون لتسلم جائزة الناقدة ديليس باول وتحدّثت عن متعة التمثيل وعن رسالته كفن في التعبير وحريّته، وفي النهاية ختمت بالقول: «كنت أقدم فقرة في مهرجان آسيوي قبل سنوات قليلة ومن بين من قدّمتهم الممثل جاكي شان الذي كان مدهشا. لقد قال شيئا جريئا. قال: أنا هنا، وأنا مُـتاح لقبول الأدوار، ورخيص لا أكلّـف كثيرا.. خذوني. وها أنا أقول الشيء نفسه الآن: أنا هنا ومتاحة ورخيصة لا أكلف كثيرا». حفلت مسابقات «حلقة نقاد لندن» الـ15 بالأفلام والأسماء الجديرة. العام الماضي كان رائعا، ويمكن لمس نتاجاته وتميزه عبر تلك الأفلام والشخصيات التي يتكرر ذكرها في المحافل هذه الأيام: «بويهود» ومخرجه رتشارد لينكلاتر وممثلاه إيثان هوك وباتريشا أركيت. «بيردمان» ومخرجه أليخاندرو غونزاليز إيناريتو وممثله الأول مايكل كيتون، والثاني إدوارد نورتون والممثلة المساندة إيما ستون «المواطن أربعة» Citizenfour كفيلم تسجيلي (يدور حول إدوارد سنودون وما كشفه من وثائق). «مستر تيرنر» ومخرجه مايك لي وبطله تيموثي سبول «ليفياثان» ومخرجه أندريه زفغانتسيف، «فندق بودابست العظيم» ومخرجه وس أندرسون وممثله الأول راف فاينز. ويمكن أن تضم إلى ذلك عددا آخر من الأسماء والعناوين تنتقل بين المحافل؛ فمن «غولدن غلوبس» إلى «بافتا» (التي لا تختلف ترشيحاتها كثيرا عن تلك التي وردت في سياق جوائز «حلقة نقاد لندن»)، ومن «بافتا» إلى أوسكار. الجوائز على هذا الأساس، فإن النتائج التي أُعلنت، ليل أول من أمس، في فندق Mayfair في لندن جاءت على النحو التالي: جائزة الفيلم التسجيلي: «المواطن 4». جائزة أفضل تمثيل بريطاني شاب: أليكس لوثر عن «لعبة المحاكاة». جائزة الإنجاز التقني: ميكا ليفي عن موسيقا فيلم «سوط». جائزة الممثل المساند: ج. ك. سيمونر عن «سوط». جائزة الممثلة المساندة: باتريشا آركيت عن «بويهود». جائزة الفيلم الأجنبي: «ليفياثان». جائزة كاتب سيناريو: وس أندرسون عن «ذا غراند بودابست هوتيل». جائزة الممثل البريطاني: تيموثي سبول عن «مستر تيرنر». جائزة الممثلة البريطانية: روزاموند بايك عن «فتاة مختفية». جائزة مخرج العام البريطاني: يان ديمانج عن «71». جائزة الممثل: مايكل كيتون عن «بيردمان». جائزة الممثلة: جوليان مور عن «لا زلت أليس». جائزة أتنبروه للفيلم البريطاني «تحت الجلد». جائزة المخرج: رتشارد لينكلاتر عن «بويهود». جائزة فيلم العام: «بويهودس» لرتشارد لينكلاتر. كثير من الفائزين بعثوا بشكرهم عبر «الساتالايت»، لكن الممثل الأميركي ستانلي توشي كان حاضرا ليقدم جائزة ديليس باول لميراندا رتشاردسون، وهو أغدق بذكر حسناتها، ووصف تأثيرها عليه منذ أن كان شابا صغيرا، حين رآها على الشاشة لأول مرة. لكن النجم الحقيقي للحفل كان المخرج لينكلاتر الذي تحدث في كلمته عن تأثير المخرج الروسي المشاكس أندريه تاركوفسكي عليه. وفيلمه المفضل إليه من أعماله هو «المرآة» (شاهدته أكثر من 10 مرات). أوروبا ستبقى محط الاهتمام للأسابيع المقبلة؛ فبعد هذا الحفل سينطلق السيزار الفرنسي، وجائزة الاتحاد الأوروبي، ثم البافتا. بعد ذلك سنرى الكرة تطير فوق الأطلسي لتحط عند أعتاب الأكاديمية الأميركية لحفلة الأوسكار المقبلة.