×
محافظة المنطقة الشرقية

الأسبوع المقبل .. الملك يخاطب الشعب في كلمة سنوية لأعمال الدورة السادسة لمجلس الوزراء

صورة الخبر

قيم كثيرة مشتركة بين مرتزقة الجيش الأميركي ومرتزقة «داعش»، وفوارق كثيرة أيضاً. القتل أهم ما يجمع الطرفين. المرتزقة الأميركيون، بعضهم يكافأ بمنحه الجنسية أو الإقامة الدائمة، يقتلون أعداء لا يعرفون عنهم شيئاً، وربما يقتلونهم لمجرد أنهم مسلمون، أو «متوحشون». أما «الدواعش» فيقتلون باسم الإسلام كل من هو غير مسلم أو يخالفهم الرأي. المرتزقة الأميركيون يستمدون قيمهم من قيم الشركات (الربح بأي وسيلة) التي تستخدمهم من دون أن يكون لهم هدف سياسي. «الدواعش» يستمدون قيمهم من السماء ومن تفسير جامد حرفي للدين. لكنهم في النهاية مثل الأميركيين يعتمدون العنف والقتل لتحقيق غايتهم. أما الفرق بينهما فالأوَل تحميهم واشنطن وتعتبرهم «متعاقدين» مع وزارة الخارجية لتؤمن لهم حصانة «ديبلوماسية»، بينما تعتبر «الدواعش» إرهابيين (وهم كذلك) وتشكل تحالفاً دولياً لملاحقتهم. لكن الارتزاق ليس جديداً، والولايات المتحدة تقننه وتسمح لشركات خاصة بتدريب وتسليح «المتطوعين». مستفيدين من تجارب الإمبراطوريات القديمة، طرح المحافظون الجدد، أيام جورج بوش الإبن، مشروعاً يقضي بخصخصة المؤسسة العسكرية. إمبراطوريات اعتمدت المرتزقة في احتلال الدول واستعباد الشعوب، مثل الإمبراطوريتين الرومانية واليونانية اللتين نجحتا في احتلال العالم القديم، وقبلهما الإمبراطورية الفارسية والأشورية... ولا بأس من ذكر الاستعمار الفرنسي الذي كانت لديه فرقة خاصة للمرتزقة الأجانب. ولأن تخصيص المؤسسة العسكرية يحتاج إلى الكثير من الوقت والتشريعات ولا تستطيع أي إدارة أميركية تبنيه، اعتمدت إدارة بوش حلاً آخر. استدعت عشرات الشركات الأمنية وأطلقت على مرتزقتها اسم «المتعاقدين» وأوكلت إليهم مهمات لوجيستية وحماية المسؤولين والديبلوماسيين وبيوتهم، فضلاً عن مهمتهم الأساسية في تنفيذ العمليات القذرة. وما زال العراقيون يذكرون شركتي «بلاك ووتر» و«هاليبيرتون» اللتين ارتكبتا المجازر. عندما أقدمت المقاومة في الفلوجة على قتل عدد من المرتزقة استنفرت كل القوات الأميركية ودمرت المدينة كلها انتقاماً لـ «المقاولين» الذين يوحي لقبهم بأنهم كانوا «يعيدون إعمار العراق»، وهم في حقيقة الأمر كانوا في مهمة «أمنية»، نيابة عن جيش الاحتلال. وعندما ارتكب مرتزقة «بلاك ووتر» مجزرة ساحة النسور في بغداد عام 2007 حاولت واشنطن التغطية على الجريمة وبقي الجناة سبع سنوات من دون محاكمة، وغيرت الشركة اسمها لتستأنف عملها كأن شيئاً لم يحصل. لكن ما الذي يجعل دولة مثل الولايات المتحدة تعتمد المرتزقة في حروبها؟ واقع الأمر أن للشركات الأمنية في هذا البلد، وشركات السلاح قوة ضغط على البيت الأبيض توازي قوة شركات النفط واللوبي اليهودي. ولديها تأثير فعلي في الحملات الانتخابية، لذا يتحاشى أي رئيس، جمهورياً كان أو ديموقراطياً، الاصطدام بها، أو وضع حد لنفوذها. فضلاً عن ذلك، الجيش الأميركي تحكمه قوانين وأنظمة (على علاتها) لا تحكم شركات المرتزقة التي تطلع بالأعمال القذرة. اليوم تستعيد الإدارة الأميركية سيرتها عندما احتلت العراق. قرر الرئيس باراك أوباما قيادة تحالف دولي للحرب على إرهابيين، شاركت واشنطن في تسليح وتدريب بعضهم، وفي السكوت عن إرهاب آخرين. وعندما كاد الوحش يأكل مصالحها وضعت «داعش» على لائحة الإرهاب وقررت ملاحقته من الجو، ومن البر أيضاً، على رغم إصرارها على نفي ذلك. فأرسلت أكثر من ثلاثة آلاف عسكري إلى بلاد الرافدين، سيتبعهم حوالى الألفين قريباً لـ «تدريب القوات العراقية». ولأن هؤلاء العسكريين يحتاجون إلى الحماية في مواقعهم كان لا بد من استخدام المرتزقة للاضطلاع بهذه المهمة. بلادنا ضحية غزو مرتزقة قادمين من ظلمات التاريخ وعصور العبودية، ومرتزقة قادمين من دولة أقيمت على جماجم أهلها الأصليين.