×
محافظة المنطقة الشرقية

سجن سعودي تواصل وتستر على أحد أعضاء تنظيم القاعدة

صورة الخبر

أعاد تراجع أسعار البترول في الاسواق العالمية نتيجة لزيادة المعروض عن الطلب في هذه الايام قضية تنويع مصادر الدخل إلى الواجهة من جديد حيث كثرت الاجتهادات وتعددت الآراء، بين محذر من خطر الاستمرار في الاعتماد على السلعة الواحدة وبين مهون للأمر لا يرى أنه مصدر قلق وإن دعا إلى ضرورة إعادة النظر في أبواب الانفاق وترتيب الاولويات لمواجهة الظروف الاقتصادية الحالية. وفي هذا السياق استطلعت عكاظ رأي مجموعة من المختصين والمهتمين بقضايا الاقتصاد الوطني حول أهمية تنويع المصادر للاقتصاد الوطني وما هي القطاعات الاولى بالاهتمام في هذه المرحلة. وقد أجمع المشاركون على أهمية تنويع مصادر الدخل في ظل تقلبات أسعار النفط في السوق العالمية، وعلى ضرورة الاسراع في اتخاذ الخطوات اللازمة لتنويع مصادر الدخل الوطني وترشيد الإنفاق واستخدام الطاقة والكهرباء وتجنب الهدر في المشاريع لأن ذلك يوفر مليارات الريالات على خزينة الدولة، مؤكدين في ذات الوقت، أن اقتصاد المعرفة لا يزال بعيد التحقق على ارض الواقع نظرا لعدم توفر شروط وجوده في المملكة خلال الفترة الحالية. * عكاظ: هذه الندوة هدفها استطلاع رأي المختصين حول قضية تنويع مصادر الدخل التي اعادتها للواجهة تراجعات اسعار البترول في الاسواق العالمية خاصة انه يشكل اكثر من 90% من موازنة الدولة، وكمدخل لهذه الندوة نريد معرفة المخاطر المترتبة على الاعتماد على مصدر واحد للدخل. وهل توجد استراتيجية لتنويع مصادر الدخل وهل يمكن تنويعها او تعديل مسارها؟ د. وديع كابلي: موضوع تنويع مصادر الدخل قديم قدم الخطة الخمسية الأولى قبل 45 سنة واذا علمنا أن النفط مورد ناضب فيكون لزاما علينا التفكير بإيجاد بدائل اخرى للدخل وننميها لتبقى لنا مصادر انتاج متنوعة. والخطة الخمسية الأولى وضعت استراتيجيتها على أسس علمية واضحة، منها ان المملكة دولة صحراوية ليس فيها مصادر مياه كافية وليس فيها انهار ولا بحيرات فلابد من تنمية الصناعة أولا ثم اقتصاد الخدمات. ثانياً: المملكة قليلة السكان فليس هناك كثافة سكانية رغم المساحة الشاسعة يعني هناك ندرة في الأيدي العاملة وهنا لابد من استخدام الوسائل الموفرة للأيدي العاملة وكثيفة رأس المال، بحيث لا نحتاج لأيد عاملة كثيرة. ثالثاً: تطوير الأيدي العاملة الموارد البشرية من الناحيتين التعليمية والتقنية لأننا هنا سنعتمد على الكيف وليس الكم. هذه كانت أبرز ملامح الاستراتيجية التي عملت في ضوئها الخطة الخمسية الأولى وكانت مبنية بناء جيدا على معطيات الواقع والمستقبل ومعطيات الحقائق الاقتصادية على الأرض. وهنا نستطيع القول إن الخطة الخمسية الأولى بدأت بداية جيدة حيث اعتمدت على البترول لإقامة المصافي والصناعات البتروكيماوية. ولا ننسى أن الخطة اهتمت بالبنية التحتية حيث تم إنشاء المطارات والطرق والموانئ والمدارس بمعنى أن كل البنية التحتية أنشئت في الخطتين الأولى والثانية. مرحلة التراجع وعن أسباب تراجع هذه المرحلة قال الدكتور كابلي: الخطط كانت ماشية في الاتجاه الصحيح إلى منتصف الثمانينيات عند الصدمة البترولية الأولى عندما انخفضت الأسعار من 40 دولارا للبرميل إلى 8 دولارات في 86، وهنا اختل التوازن في الخطط الاقتصادية نتيجة للعوامل الطارئة، بحيث كانت سنوات الخطة تنفذ بحسب الظروف وهنا بدأت المشاكل. مخاطر المصدر الواحد وعن مخاطر الاعتماد على مصدر واحد للدخل في المملكة قال الدكتور سالم باعجاجة إن تنويع مصادر الدخل يقلل من مخاطر عديدة ومواجهة تلك المخاطر تتطلب تعزيز الاستثمارات في التنمية الاقتصادية، للحد من تأثير تقلبات أسعار النفط لأن انخفاض الأسعار يشكل تحديا لأنه قد يعيق عجلة الاقتصاد الوطني، ومن هنا تتبين أهمية تنوع المصادر وخطأ الاعتماد على النفط كمصدر وحيد للدخل، وبناء على ذلك لابد من استخدام الطاقة النظيفة لدعم الموارد، كذلك من المخاطر الناتجة عن اعتماد عنصر النفط كمورد وحيد للدخل ضعف التنافسية في القطاع غير النفطي، ولمواجهة تحديات تعدد مصادر الدخل لابد من التنويع بين الصناعة والزراعة والسياحة. ولابد أولا أن نتفادى المخاطر لكي نستطيع تنويع مصادر الدخل فمثلا من المفروض أن نعتمد على النفط في الصناعات التحويلية، أيضا من ضمن المخاطر ندرة الأيدي الوطنية الماهرة، حيث نستورد الخبرات من الخارج وهذه تعتبر من المخاطر. فلماذا لا ندرب أبناءنا السعوديين على اكتساب الخبرة وهذه من المخاطرة التي تواجه تنويع مصادر الدخل. أما غسان بادكوك فقال: اعتقد أن المخاطرة المترتبة على عدم النجاح في تنويع مصادر الدخل كثيرة، منها عدم القدرة المستقبلية على تحقيق الأهداف الاستراتيجية للتخطيط التنموي وحين لا تكون هناك أهداف تنموية استراتيجية من الطبيعي ألا تكون لديك قدرة على تحقيق المستقبل. النقطة الثانية التي أريد إثارتها هي افتقاد فرص مساهمات القطاعات الإنتاجية في الناتج الإجمالي المحلي الذي يعتمد حاليا، بشكل رئيسي، على دخل الايرادات النفطية بنسبة 92% وحينها ستكون هناك صعوبات جمة في زيادة مساهمات القطاعات الإنتاجية في الناتج الإجمالي، النقطة الثالثة هي زيادة الاستهلاك المحلي من النفط والمنتجات المكررة، وهناك إشكالية كبيرة في الاقتصاد الوطني، فبالإضافة الى اعتماده على الدخل النفطي يواجه فرط استهلاك المنتجات النفطية المكررة حيث تستهلك المملكة ما يصل إلى 30% من إنتاجها النفطي، وهناك تقارير، بغض النظر عن مصداقيتها، تشير إلى ان المملكة ستستورد المشتقات النفطية خلال فترة زمنية ليست بعيدة هي عام 2030 ولذلك فإن تنويع مصادر الدخل ينبغي أن يكون الهدف الأساسي خلال الفترة القادمة خصوصا في هذه المرحلة التي تتميز بالاضطراب الشديد في السوق النفطية. القطاعات الأولى بالاهتمام * عكاظ: يبدو أن هناك اتفاقا على مخاطر الاعتماد على مصدر واحد للدخل والاتفاق على ضرورة تنويع المصادر، والسؤال المنطقي بعد هذا الاتفاق هو: ما هي القطاعات الاولى بالاهتمام في سبيل تنويع المصادر؟ د. وديع كابلي: سؤال جيد يجعلنا نفكر في وضع الأولويات لأن هناك أشياء متعددة تسعى إليها الدولة ولكن إذا وضعنا أولويات للأهم ثم المهم ثم الأقل أهمية فإننا نكون قد وضعنا خارطة للمسار على الطريق الصحيح. ونظرا لأن أسعار البترول تحددها الأسواق العالمية فهذا يعني أننا سنظل تحت رحمة وتهديد العامل الخارجي، عندما ينخفض الطلب العالمي على النفط أو ظهور بدائل للنفط فيقل الطلب على النفط وبالتالي تنخفض أسعاره وعليه ينخفض دخل الحكومة ويقل انفاقها وينخفض الناتج المحلي الإجمالي ويترتب على ذلك انخفاض دخل الفرد، وهذا تسلسل يدركه الجميع بعملية حسابية بسيطة. ويبقى الشيء المهم أن تنويع مصادر الدخل له عندنا أهمية بنفس أهمية تنويع مصادر الطاقة بالنسبة للدول المستهلة. منذ عام 74،حينما حصلت الصدمة البترولية الأولى وخلال 40 سنة استطاعت الدول المستهلكة الرئيسية أن تحقق نجاحا في تنويع مصادر الطاقة وهو ما نرى اثره اليوم. وهذا يعني أنهم نجحوا في الشيء الذي فشلنا فيه. وحتى نصيب أوبك من السوق البترولية لم تعد له أهمية كما كان في أواخر السبعينيات ومطلع الثمانينيات حيث كانت تتحكم بـ60% من انتاج النفط العالمي،اليوم اصبحت تستحوذ على أقل من 30%. وفي الدول المتقدمة، كاليابان، التي ليس لها أي مصادر طاقة أو مواد خام تمكنت من تحقيق نجاح كبير في العنصر الأساسي الذي يعتمدون عليه هو العنصر البشري، ومعروف أن القيمة المضافة للعنصر البشري تكون أعلى من أي قيمة أخرى في الاقتصاد الوطني. ويقول غسان بادكوك: بالإضافة إلى رأس المال البشري الذي تحدث عنه الدكتور وديع باستفاضة اعتقد ان هناك ايضا القطاع الصناعي المعتمد على الاقتصاد المعرفي حيث بالإمكان ان يكون هذا القطاع بمثابة حجر زاوية في جهود التنويع الاقتصادي في المملكة، وحتى نستفيد بشكل كبير من توجه كهذا يجب ايلاء اهمية قصوى لتدريب الشباب خصوصا في القطاعات الإنتاجية التي يتطلبها الاقتصاد المعرفي وهذا يعني إعادة النظر في السياسة التعليمية، سواء في ما يختص بالتعليم الأولي أو العالي الجانب الآخر،كما يجب الالتفات الى صناعة السياحة في المملكة بكل تنوعاتها. واعتقد أن الجانب الثالث الذي يمكن ان نعتمد عليه في تنويع مصادر الدخل السعودي هو الصناعات التحويلية. في حين يرى الدكتور سالم باعجاجة أن قطاع التعدين يأتي في مقدمة الاولويات التي يجب ان تنال الاهتمام. القيمة المضافة تحدد الأولويات وقال د. وديع: مشكلتنا اننا اعتمدنا على القيمة المضافة للبترول ولم نتجه للقيمة المضافة التي تأتي بدرجة اقل من القطاعات الأخرى، ومنها قطاع التعدين وقبله الثروة البشرية التي تعظم نسبة القيمة المضافة للثروة المعدنية، واستغلالها يوسع قاعدة الاقتصاد المحلي، وهناك قطاعات كثيرة يمكنها ان تسهم، بدرجات متفاوتة، في تنويع مصادر الدخل ومن اهمها قطاع الصناعات والخدمات المالية، وعندما نتحدث عن قطاع الصناعة التحويلية يجب ان ندرك ان الصناعة، في حد ذاتها، ليست مهمة إذا لم تكن ذات قيمة مضافة فالمهم في الأمر مقدار الإضافة. كما يجب أن ندرك، جميعا، أن أي صناعة أو زراعة تعتمد على الدعم فهي تشكل استنزافا لثروة البلد دون ان تأتي بقيمة مضافة. الطاقة الشمسية ويقول غسان با دكوك إن الطاقة الشمسية ستكون بمثابة بترول المملكة القادم لعدة مزايا، في حين يرى الدكتور كابلي أن موضوع الطاقة الشمسية مبالغ فيه: لأننا لسنا الوحيدين الذين نمتلك الصحارى وهذا يعني أنه ليس لدينا ميزة كبيرة عن الآخرين في هذا الجانب والقضية ليست في وجود أشعة الشمس بل في التخزين وهذا يحتاج إلى فتح علمي لأن هناك دولا كثيرة باردة ولكنها تستخدم الطاقة الشمسية، نحن نستطيع الاستفادة من الطاقة الشمسية في إحلالها محل الوقود المستخدم في تحلية المياه، والاستفادة من الوقود الاحفوري المستخدم بالتحلية في مجال الصناعات البتروكيماوية، لكن الحديث عن التصدير فيه مبالغة، أما موضوع الصناعات التحويلية فيجب ألا ننخدع بها كوسيلة في تنويع الدخل دون أن تعطينا قيمة مضافة. اقتصاد المعرفة الممكن * عكاظ: كثر الحديث في السنوات الاخيرة عن مصطلح اقتصاد المعرفة فأين هو من اقتصادنا، وهل يمكن ان يكون من البدائل المتاحة؟ د. كابلي: الحقيقة أن هذا القطاع اسمه اكبر من فعله فكل الذين يتكلمون عن اقتصاد المعرفة لا يدركون عنه شيئا، ما يقولونه مجرد كلام إنشائي كبير دون أي إضافة ولهذا انا أتحفظ عليه.. لماذا؟ لأننا إذا أردنا أن نصل إلى اقتصاد المعرفة يجب ان نكون على مستوى دول سبقتنا من حيث المعرفة والعلم والتقدم التكنولوجي كاليابان او حتى ماليزيا لأن هذا الاقتصاد يعتمد على المعرفة والعلم والبحوث. ويقول الدكتور باعجاجة: هذا الاقتصاد يقوم على التطور المعرفي وامتلاك التقنية الحديثة. فإذا لم يكن عندنا تقنية حديثة لا نقدر أن نطور اقتصادنا ولابد يكون هناك ارتباط بعدة أشياء منها توفر بنية تحتية لتقنية المعلومات وتدريب الكوادر على هذه التقنية والشرط الثالث لابد ان تكون هناك بيئة تستقبل منتجات هذه التقنية. وفي نفس السياق قال غسان بادكوك: اضيف كذلك توفير بيئة قانون لحفظ حقوق الملكية وتسجيل الابتكارات وهذا من شأنه تحفيز الشركات والأفراد على الدخول إلى هذا القطاع، ورأى الدكتور وديع أن مفهومه لاقتصاد المعرفة يتركز في انتاج لمعرفة واستهلاكها ثم تصدير المعرفة، ومن المهم ان نجد بيئة استهلاكية محلية لمنتجات هذا الاقتصاد وعلى الأقل تحقيق الاكتفاء الذاتي اولا ثم نذهب للتصدير وهذه ابرز الشروط الأساسية للاقتصاد المعرفي. * عكاظ: في الحديث عن اقتصاد المعرفة دائما ما يشار إلى تزاوج رأس المال الوطني مع البحث العلمي من خلال برامج مشتركة بين القطاع الخاص ومراكز الابحاث.. كيف يمكن إيجاد هذه العلاقة القادرة على تطوير هذا القطاع؟ غسان بادكوك: لتحقيق امر من هذا القبيل يتطلب وضع تصور استراتيجي متكامل بين رأس المال الوطني من جانب وبين تعزيز قيام اقتصاد معرفي ثم وجود تحفيز رسمي للاستثمار في هذا القطاع.. وأرى تأسيس صندوق حكومي للاستثمار في هذا القطاع من شأنه المزاوجة بين رأس المال الوطني والمعرفة وسيكون اكبر حافز لقيام اقتصاد معرفي. وقال الدكتور سالم باعجاجة: لا بد أن تشارك جميع الشركات الوطنية من خلال مسؤوليتها الاجتماعية ويكون لها دور في هذا الجانب، بحيث تساهم في تدريب وتأهيل الكوادر البشرية على الاقتصاد المعرفي. كل شركة او مؤسسة تستطيع ان تقوم كذلك. من جهته قال الدكتور كابلي: بالنسبة لرأس المال الوطني واستثماره في الاقتصاد المعرفي، لدينا رأس مال وفوائض مالية كبيرة جدا، 90% منها مستثمرة خارج البلد مع الأسف سواء كانت استثمارات حكومية او خاصة لكن يتضح ان فئة رجال الأعمال او بيئة العمل لدينا تعتمد على مشاريع الدولة وليس على الأفكار الجديدة، واذا أردنا الحديث عن المزاوجة بين رأس المال الوطني والمعرفة لابد من وجود رأس مال مغامر مثل الغرب. لكن لدينا رجال الأعمال يضاربون في الأراضي والأسهم حيث يسعون لتحيق ارباح سريعة وهذا يسري على الأسهم حيث يدخلون للمضاربة وليس للاستثمار. * عكاظ: إذا أردنا أن نلخص الكلام في اولويات تنويع مصادر الدخل ماذا نقول؟ غسان بادكوك: أنا اعطي السياسة المالية الاولوية. في حين يرى الدكتور وديع أن الاولوية لقطاع الخدمات والسياحة لأنه يمكن تنفيذها بسرعة ولأن الصناديق السيادية تخسر أيضا في أي أزمة مالية كما حصل عام 2008 بمعنى أن لها مخاطر وعلينا ألا نأخذ فكرتها بحماس أكثر. وقال غسان بادكوك: اقتصادنا معتمد على القاطرة الحكومية فاذا انخفض دخل الحكومة سوف يتناقص زخم النمو الاقتصادي في البلد وبالتالي قد يكون من المفيد التركيز على زيادة الدخل الحكومي وتنويعه في المرحلة القادمة لأن إنفاق الدولة هو الذي يؤدي إلى ازدهار الاقتصاد المحلي. والترشيد يدخل في الاولويات ويرى بادكوك أن اهم بند في ترشيد الإنفاق هو اعادة النظر في الدعم، ومجرد إعادة النظر بشيء من الحصافة والحكمة سيوفر بابا كبيرا للوفر المالي. ويقول الدكتور وديع: الاقتصاديون يرون ان الدعم له فوائد لكن الضرر في خروج الدعم خارج الدورة الاقتصادية. المشاركون في الندوة: * د. وديع كابلي أستاذ الاقتصاد في جامعة الملك عبدالعزيز. * د. سالم باعجاجة أستاذ الاقتصاد في جامعة الطائف. * غسان بادكوك باحث وكاتب اقتصادي.