×
محافظة المدينة المنورة

تعاوني المدينة المنورة يقيم برنامجاً توجيهياً لنزلاء دار الملاحظة

صورة الخبر

يعيش المجتمع السعودي تحولات كبيرة، ونقلات نوعية في مختلف المجالات، سواء على الصعيد الثقافي، أو الاجتماعي، أو حتى من الناحية الاقتصادية والسياسية؛ فمن جهة التطورات الحاصلة في الفرد السعودي وانفتاحه على الآخر، ومن جهة أُخرى التغيّر في التركيبة السكانية للمملكة؛ وبالتالي التغيير الجيوغرافي الذي ينعكس على سلوك الفرد وتصرفاته وانحناءاته وقبوله لما كان مرفوضاً سابقاً. هناك إلزامات كانت في السابق من المحرَّمات، وتحمل في طياتها القداسة، ويحوم حولها ألف شائك وشائك، ولا تستطيع الاقتراب منها إلا وتجد نفسك خارج الدائرة ومن المغضوب عليهم!! هذه الموضوعات السابقة أصبحت الآن من الأمور المحبَّب فِعلها، والمسموح لك بالاقتراب منها، بل إنك تتلقى دعوات للحديث عنها والنقاش حولها، وتمريرها - إن كنت إعلامياً أو في مجال الكتابة ونحوه - من المواقع التي تصل لأكبر شريحة من الناس، وأن يُسمح لك بمزيد من الاطلاع والآراء؛ لإيصال هذه الرسالة وكسر روتين الملل والخوف وإبعاد هاجس التحريم أو الممانعة حول هذه القضية أو تلك. إذاً، ما كان في الماضي ممنوعاً أصبح الآن في الحاضر مرغوباً.. وبقوة.. ** هذه التحولات في المجتمع قادت إلى ما نسمِّيه التطوُّر في مجالات عدة، إلا أن هناك مجالاً ما زال المجتمع يرفض تطويره أو حتى الحديث عنه، وأحياناً يعيد الكَرَّة إلى المربع الأول حول هذه النقطة. والمؤلم حقاً أن هناك من يربط أغلب أمورنا وقضايانا وتخلفنا وتطورنا وانكساراتنا وانهزاماتنا وانتصاراتنا وهمومنا وآلامنا وجراحنا وأحزاننا وأفراحنا بـقضيتنا الأساسية (المرأة)! فلماذا يربط البعض قضية المرأة بالدين والأخلاق، والاتصالات، والتجارة، والثقافة، والمهرجانات، والمسرح، والسينما، وقيادتها للسيارة، وكشف وجهها، والاختلاط، والتعليم، والعمل في المحال التجارية، وعملها في المجالات الطبية، وخروجها من منزلها و... و... إلخ. لماذا يحاول البعض إعادة أي قضية لموضوع المرأة؟ تُناقشه عن التعليم يخرج إليك بموضوع المرأة! تناقشه عن الاقتصاد وأنها النصف الآخر المُعطّل.. يناقشك عن الفجور والفسق والاختلاط! تناقشه عن الحقوق والواجبات يدخل معك في أمور لا علاقة لها البتة بموضوعك! حتى إن هؤلاء البعض حرَّم خروج المرأة من منزلها وحرَّم على العوائل زيارة المهرجانات (كالجنادرية وغيرها)، وحرَّم عليها مصافحة أخيها، وحرَّم عليها العمل والرزق! أصبحت المرأة محور قضايانا لدى هؤلاء، وكأنه لا جديد لدينا، ولا تطوُّر، ولا تقدُّم، وأن جميع ما يدور من مشاكل حولنا وفي محيطنا من نتاج هذا المخلوق! يا سادة يا كرام.. يا أبناء الوطن.. المرأة مواطن، مثلها مثلك، لها ما لك وعليها ما عليك. المرأة أمٌّ وزوجةٌ وبنتٌ وأُختٌ قبل كل شيء. دعونا نتخطَّى هذا الهاجس، ونعيش للوطن لحمة واحدة، نتعايش مع الجميع، ونتقبل الآخر أياً كان، ونتدارس أمور نهضتنا وعزَّتنا من منظور واعٍ متطور! دعونا نفكِّر بالحاضر ليكون مُشرقاً، لمستقبل واعٍ يتخطى حواجز الخوف.. والتحجير، والانطواء، واتهام الآخرين الذين هم من لحمنا، ودمنا، حينما يطالبون في كتاباتهم وأحاديثهم بمشاركة المرأة، لماذا ننعتهم بالغربيين والعلمانيين؟ ثم ما بال الغربيين؟ أليسوا صُنّاع حضارة في الوقت الراهن؟ ألست تستخدم مطيتك من صنع أيديهم، وتأكل من خبزهم، وتستخدم تقنيتهم؟ دعونا نخرج من هذه العباءة الزائفة المُنغلقة الرائجة في هذا الوقت بالذات، التي لا تخدم سوى دعاة التخلّف والجهل والمُتشبثين بالازدواجية، فالمجتمع ليس بحاجة إلى هؤلاء، عكس ما هو بحاجة إلى الخروج من مأزق المكوث خلف قضبان أصحاب الأقنعة، ممن يُعيدون تيار الوطن ومسيرته إلى الوراء، كلما خطا خطوة واحدة.. هؤلاء المنتفعون لا يتخلّصون من الأنا ومضغ الكعكة صباح مساء، ويتلذذون بنهم الوطن وسرقة الوطن.. نغمتهم واحدة، وتجدهم مثلما - حصل بالأمس وكل أمس - بزرع هواجس الخوف في أفراد المجتمع في مخيلتهم وتفكيرهم.. في قوانينهم ومن منظورهم الاستمرار في السيطرة على مقومات المجتمع، وفرد عضلاتهم للإنقاذ؛ فهم في عقولهم الباطنة والظاهرة (وبتصفيق المُطبلين لهم) مُنقذو الأُمة، ومتعهدو إخراجها من الظلمات إلى النور. دعوة لإخراج المجتمع من مأزقه.. دعوة بعد أن تجاوزنا عيد الوطن الـ83 إلى أن نُكوِّن عاماً آخر.. ووطناً يليق بنا، وكفانا زعزعة واختلافات وانشقاقات.. وأخيراً أقولها بالفم المليان: المجتمع لم يعد هو ذلك الفتى الذي يجري خلف الأوهام.. أفيقوا فقد أفاق المجتمع!