عشنا خلال السنوات الماضية طفرة حقيقية؛ ساهمت في اعتماد الكثير من المشاريع العملاقة؛ واستطاعت كثير من المناطق تحقيق طموح أبنائها؛ فغدت كثير من المدن كخلية نحل لمشاريع طرق وأنفاق وجسور وتصريف السيول وإيصال المياه المحلاة.. والمشاريع البلدية من سفلتة وإنارة وحدائق ومنتزهات.. وعندما تعتمد الدولة الميزانيات الكبيرة لجميع القطاعات ليتم تنفيذ المشاريع الحيوية، ونفاجأ بإعادتها إلى وزارة المالية في آخر كل عام، فهذا يدل على خيانة المسؤول للأمانة التي أوكلت إليه. لقد أوضح خادم الحرمين الشريفين حفظه الله في كثير من اجتماعاته بالوزراء، خاصة عند صدور ميزانية الدولة في كل عام، أن يراعوا الله في أعمالهم، بل إنه يحمّلهم كل المسؤولية، وينقلها من ذمته إلى ذمتهم، ويطالبهم بتنفيذ الميزانيات بكل أمانة وإخلاص، وبما يعود بالنفع والفائدة والرفاهية لأبناء الوطن. لقد عاشت الطائف خلال الأيام الماضية تحركاً غير مسبوق من المواطنين الذين طالبوا بمحاسبة المقصرين من المسؤولين، الذين لم تكن لهم بصمات حقيقية في تنفيذ مشاريع التنمية، بل كان الإخفاق حليفهم. ولقد تناولت العديد من وسائل الإعلام كثيراً من التقارير التي تثبت أن الطائف ما زالت تتذيل الترتيب في التنمية. ومن تلك التقارير ما نشرته إحدى الصحف عن نسبة عجز المشاريع في أمانة الطائف، التي بلغت 86 %، بينما لم يتحقق سوى ما نسبته 14 % من المشاريع المعتمدة من ميزانيات الأمانة من عام 1431 حتى 1435 هـ. وفي تقرير آخر، وحسب مصادر رسمية، فإنه لم ينفَّذ من مشاريع أمانة الطائف خلال الفترة بين عام 2010 وعام 2014م إلا ما نسبته 18 % فقط من إجمالي عدد المشاريع المعتمدة. نحن أمام مشكلة كبيرة؛ فقد كان يعتقد غالبية المواطنين أن الخلل في الاعتمادات المالية من الميزانيات، لكنه اكتشف الآن أن الخلل إداري بحت، وإلا فكيف يُعتمد مشروع ما ويبقى لمدة قد تتجاوز خمس سنوات دون اكتمال تنفيذه؟ وخير مثال على ذلك الطريق الدائري الذي يربط طريق الشفا بطريق الجنوب. إننا نتساءل عن الوعود التي تتكرر في كل عام لتطوير منطقتَيْ الهدا والشفا، بل إن العكس هو الصحيح؛ فقد وقف هذا التطوير المزعوم حجر عثرة في طريق المستثمرين، حتى أصبحت الشوارع في الهدا والشفا المتنفس الوحيد للمصطافين، خاصة من مكة المكرمة وجدة، الذين يفدون إليهما في عطلة نهاية الأسبوع. وكم من أرواح بريئة أُزهقت، خاصة من الأطفال والنساء، في تلك الشوارع ممن يتخذون من الأرصفة جلسات لهم ولأسرهم! وأخيراً، وبعد أن كشف مواطنو الطائف حجم الفساد في محافظتهم، فهم ينتظرون تحركاً من الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد لتتبع الخلل، ومعاقبة المتسبب فيه، وإلا فإن المشكلة ستبقى دون حل، وستتكرر في كل عام.