من طرائف السعوديين في تويتر، أنهم أنشأوا (هاشتاقاً) عندما سمعوا عن سلم الرواتب المرن بديلاً عن الثابت، والطريف أن أكثر من كتبوا فيه، يتساءلون عن معنى السلم المرن، وهل فيه خير للمواطن، بالذات الموظف الحكومي؟ والأكثر طرافة أن الإجابة جاءت من نسبة غير قليلة من المشاركين، بأنه طالما جاءت موافقة الشورى عليه سريعاً، فلا خير فيه للمواطن! هكذا وصل الحال بالمواطن أن أدرك الموقف السلبي لعدد من أعضاء مجلس الشورى من المواطنين، وبصرف النظر عن مصداقية هذا للرأي من عدمه، فقد كشفته تلك المقترحات الغريبة حول الوظيفة الحكومية، التي تحتاج فعلا إلى إنعاش عاجل قبل أن تتعرض إلى سكتة دماغية، ويتدنى أداء الموظف في القطاع العام إلى مستوى لم يبلغه منذ نصف قرن! ومن آخر ابتكارات أعضاء المجلس وفرسانه، حول البحث عن رفع أداء الموظف الحكومي، ما تقدم به رئيس لجنة الإدارة والموارد البشرية، ونائبه، بزيادة عدد ساعات العمل الحكومي إلى ثماني ساعات، بمعدل أربعين ساعة أسبوعياً، في محاولة المساواة مع عدد ساعات عمل القطاع الخاص، بعد تخفيضها إلى أربعين ساعة يومياً، حسب مناشدات وزارة العمل، وهي التي رفعت مقترحاً بضرورة رفع ساعات العمل الحكومي (ولا أعرف بأمانة علاقتها بالقطاع العام، إلا إذا كانت أدركت نوم الخدمة المدنية عن الدفاع عن مصالح موظفيها). لم أتمنَ في حياتي أن أكون عضواً تحت قبة المجلس، مثلما تمنيته تلك اللحظة حين قرأت هذا الخبر، وبحث الأعضاء عن مساواة القطاعين العام والخاص، بعدد ساعات العمل، لأحتج بقوة، وماذا عن المساواة بينهما في المرتب والدخل السنوي؟ هل موظف الحكومة يحظى ب «قريد» محترم و»بونص» آخر العام؟ هل موظف الحكومة يحظى ببدل سكن؟ وبتأمين طبي له ولعائلته؟ هل يحظى بخصومات رائعة في الفنادق وتأجير السيارات و.... و....؟ يا سادة يا كرام، موظف القطاع العام في الدول المتقدمة تعتبر وظيفة محترمة جداً، تؤمن للموظف العيش الكريم، وكافة الخدمات والتسهيلات كي لا يحتاج، ولا يقع فريسة سهلة للفساد! ومن حجج أصحاب الاقتراح (العظيم) تشجيع الشباب ودفعهم للالتحاق بالقطاع الخاص، ومن قال إن الشباب يبحثون عن الوظائف الحكومية، وهم يدركون أن الجامعي يلتحق بالمرتبة السادسة، بمرتب ستة آلاف ريال؟ أي بدخل قد يستحق عليه الصدقة، خاصة إذا كان متزوجاً، ومستأجراً منزل أسرته، بمعنى أن نصف دخله يذهب للسكن، ونصفه الآخر للمستشفيات والمستوصفات لعلاج أطفاله، وسيضطر إلى الاستدانة أو استقبال الصدقة من أهل الخير، أو الكسب بطرق غير مشروعة كي يعيش! (وحاشا لله أن أبرر ذلك، لكنه واقع موظف الحكومة الشاب). معظم من أعرفه في محيطي من الشباب، لم يلتحقوا بوظائف حكومية، وآخر من التحق بها ممن أعرفه في مطلع التسعينيات الميلادية، والبقية إما التحقوا بالعمل في الهيئات العامة، التي تُقدم لموظفيها مزايا جيدة، أو في القطاع الخاص، وبالذات الشركات الكبرى! شخصياً، أدرك أن مجلس الشورى لا يريد وضع المسمار الأخير في نعش الوظيفة الحكومية، لذلك عليه أن يبحث عن تطوير الأداء والإنجاز فيها باقتراح الحوافز للموظف، وإعادة شبابنا المتميزين في القطاع الخاص إليها، وترك المقترحات الخارقة بزيادة ساعة عمل، لترشيد نفقات خارج الدوام!