أقلق الاشتباك الذي وقع أول من أمس في مدينة بعلبك البقاعية بين «حزب الله» وإحدى العائلات في المدينة، وأسفر عن سقوط 3 قتلى وعشرات الجرحى بينهم ثلاثة في حال الخطر، أركان الدولة اللبنانية والقيادات السياسية. واستدعى الاشتباك مداخلات لتطويق ذيوله ومضاعفاته لما يمكن ان يترتب عليه من تداعيات أمنية وسياسية، خصوصاً أنه اتسم بطابع مذهبي بين الشيعة والسنّة يمكن ان تتمدد في اتجاه مناطق أخرى في حال لم تنجح جهود وأد الفتنة في السيطرة على الوضع المتأزم وإعادة الهدوء والاستقرار الى بعلبك وجوارها. وعلمت «الحياة» من مصادر وزارية رفيعة أن الاشتباك المفاجئ الذي ضرب بعلبك بعد إشكال فردي بين عناصر من «حزب الله» وآخرين من احدى العائلات أحدث «نقزة» لم تنحصر ارتداداتها السلبية في المدينة بسبب وجود مخاوف من أن تتحول الى فتنة مذهبية تمتد الى أماكن أخرى في البقاعين الأوسط والغربي وصيدا وبعض أحياء بيروت. وهذا ما استدعى الدعوة الى اجتماع سياسي – أمني ترأسه ليل أول من أمس رئيس الجمهورية ميشال سليمان وشارك فيه رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي والوزراء المعنيون وقادة الأجهزة الأمنية. ووقع الاشتباك الذي أحدث قلقاً في بعلبك فيما المشاورات الجارية لتشكيل الحكومة الجديدة تراوح مكانها من دون أن تنجح الاتصالات في إحداث ثغرة يمكن ان تعيد الاعتبار الى مشاورات التأليف الذي سيكون موضع بحث في اجتماع يعقد اليوم بين الرئيس سليمان والرئيس المكلف تمام سلام في ضوء تأجيل زيارة الأول للمملكة العربية السعودية التي كانت مقررة غداً الثلثاء الى موعد لاحق يعلن في حينه، على حسب ما أفاد البيان الصادر عن مكتب الإعلام في رئاسة الجمهورية اللبنانية. وبالعودة الى تطويق ذيول اشتباك بعلبك، نجحت الجهود الرسمية والسياسية في السيطرة على تداعياته والعمل تدريجاً لإعادة الهدوء اليها من قبل وحدات الجيش اللبناني التي عززت وجودها فيها وقامت بتثبيت نقاط عسكرية في الأماكن الساخنة وتسيير دوريات مؤللة في الأحياء المتداخلة التي يتواجد فيها الشيعة والسنّة، إضافة الى عزلها الشارع الذي دارت فيه الاشتباكات. وفي هذا السياق، أجمع الذين شاركوا في اللقاء الموسع الذي عقد في دار بلدية بعلبك على نبذ الفتنة، وشددوا على التعاون لوأدها، وأكدوا دعمهم القوى الأمنية الشرعية وعلى رأسها المؤسسة العسكرية في اعادة الاستقرار الى المدينة والحفاظ على السلم الأهلي فيها وتوفير الحماية السياسية للعيش المشترك بين جميع أطيافها المذهبية والطائفية. وعلمت «الحياة» من مصادر المجتمعين أن الجهود التي بذلت من خلال الدور الفاعل للجيش اللبناني وتجاوب قيادة «حزب الله» في المدينة مع الإجراءات الأمنية المفروضة على شوارعها وأحيائها أدت الى الإفراج عن جميع الموقوفين لدى الحزب. وقالت إنه لم يعد هناك أي مفقود أو موقوف، وإن الوحدات العسكرية باشرت حملات الدهم بحثاً عن المشتبه بعلاقتهم بالاشتباكات. وعزت المصادر السبب الى ان توقيف المتورطين سيؤدي الى تبريد الأجواء وتنفيس الاحتقان لدى ذوي ضحايا الاشتباكات وأن توقيفهم سيؤدي الى خفض منسوب التوتر مع تشييع الضحايا عصر أمس، خصوصاً أن قيادة «حزب الله» تعاملت مع ما حصل على انه إشكال فردي وأبدت تعاوناً لتطويق ذيوله لقطع الطريق على مضاعفاته. وأكدت مصادر وزارية أن وزير الداخلية والبلديات مروان شربل، ومعه المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم، بقيا طوال الاجتماع الأمني على تواصل مع مسؤول التنسيق والارتباط في «حزب الله» وفيق صفا. وقالت ان الأخير أكد لهما استعداد الحزب لإعادة الهدوء الى بعلبك على ان يترك التحقيق للقضاء اللبناني لتبيان حقيقة ما حصل وتحديد من يتحمل مسؤولية التوتير وصولاً الى الاشتباك. وكشفت ان رئيس المجلس النيابي نبيه بري قام بدور ضاغط من أجل ضبط الوضع والإسراع في تسهيل مهمة الجيش لحفظ الأمن. وقالت ان ميقاتي التقى ليل أول من أمس، وبعد انتهاء اجتماع بعبدا، المعاون السياسي للأمين العام لـ «حزب الله» حسين خليل الذي نقل اليه رسالة تؤكد حرص الحزب على التهدئة والعمل لقطع الطريق على من يحاول استغلال ما حصل لتسعير الأجواء بين السنّة والشيعة في بعلبك. ولفتت هذه المصادر الى ان الاجتماع الأمني برئاسة سليمان لم تقتصر نتائجه على الإسراع في اتخاذ التدابير في بعلبك، وإنما تعدى ذلك الى رفع جاهزية القوى الأمنية، وعلى رأسها الجيش، في البقاعين الأوسط والغربي وفي بعض أحياء بيروت ومناطق التواجد الشيعي – السنّي في صيدا لتكون جاهزة للتدخل في أي لحظة لمنع انتقال الاحتكاك الى هذه المناطق.