×
محافظة المنطقة الشرقية

لبنان: انهيار اقتصادي في طرابلس نتيجة العجز السياسي عن ردع المسلحين

صورة الخبر

ذكرت كتب الحديث اعتراف أحد أشهر الوضاعين في الحديث النبوي الذي يقول فيه: "كذبت على رسول الله صلى الله عليه وسلم بخمسة آلاف حديث تقرباً لله". في الحقيقة لم يتغير حال الوضاعين كثيرا منذ العصر الأموي حتى الآن، فما زالوا يستخدمون الكذب لهداية الناس، وما زال مبررهم التقرب من الله عز وجل إلا أنهم أصبحوا يستخدمون التكنولوجيا مثل "واتس أب" أو "تويتر"، كما أن تفكيرهم بدأ يتطور بطريقة ما، فالناس الآن تثق في آراء الشقر من ذوي العيون الزرقاء لذا شهادة أحدهم ستقلب المواجع وتذكرنا كم نحن سيئون ولا نساوي شيئا. وصلني "برودكاست" يحكي قصة يقول صاحبها: إن طالبا مبتعثا حكاها له، يقول فيها إنهم عملوا معرضا للتعريف بالإسلام فزارهم رجل إسكتلندي وقال له لقد عشت بينكم وأعرف أنكم سارقون غشاشون لا تهتمون بالنظافة وفوضويون و...الخ من الشتائم والرذائل، حتى ظننت أنه سيقول اقتلوا أنفسكم أو ألقوا بأنفسكم في البحر، لكنه ختم كلامه بقوله: عودوا لكتابكم عودوا لربكم عودوا للإسلام الحقيقي، وتلك الخاتمة استوقفتني، الرجل يعيب مجتمعا مسلما مما يعني فخره بمجتمعه، فلما لم يقل الحقوا بركاب الليبرالية تنقذوا أنفسكم من الجحيم الذي تعيشونه خاصة أن كاتب الـ"برودكاست" لم يذكر أن الرجل مسلم، بل إنه رفض الحديث عن الإسلام واندفع يشتم وينتقص من مجتمع مسلم. أهنئ هذا الوضاع الجديد، باختياره شخصية الإسكتلندي، لأنها شخصية ما زالت تحظى باحترام الكثيرين، ليست على الأقل أميركية لأننا نعرف جميعا مستوى الجريمة والانهيار الأخلاقي الذي يعانيه المجتمع الأميركي، لكن الرجل نسي أن الإسكتلنديين يتميزون بتهذيبهم وأدبهم واحترامهم القانون الذي يمنعهم من الحكم على الآخرين أو سب المجتمعات باعتباره عنصرية بمجرد شكوى واحدة تقدم ضده، فقد يقضي أربع سنوات مسجونا مثل المراهق البريطاني الذي تعرض للإسلام فحكم عليه بأربع سنوات قبل أشهر قليلة، ليس سهلا أن يتقدم رجل من أشخاص ويبدأ في الانتقاد وهو غير متأكد من درجة قبول الآخر لما يقول! كما أن المجتمعات الغربية معروفة لأهلها، وهم دائمو الانتقاد لها خاصة في قطع الصِّلات وعدم بر الوالدين والقسوة تجاههما، كرد على تخليهما عن المسؤولية مبكرا، حيث يتوقفان عن الإنفاق على أولادهم بعد سن 16، ويتم دفعهم لسوق العمل، كما أنك طوال سيرك في الطرقات تشاهد المشردين الذين خسروا منازلهم واختاروا الشارع للحياة، وتشعر بقسوة الإنسان على أخيه الإنسان، استجابة لما تمليه الرأسمالية على أتباعها، إذ تجلدهم بالضرائب وتشاركهم أرزاقهم. كان صلى الله عليه وسلم يقول: "إذا قال الرجل هلك الناس فهو أهلكهم"؛ بمعنى هو بنفسه هالك، أي أسوأ رجل فيهم، وهذا معروف نفسيا، أن الشخص دائما يعيب على الآخرين ما يقترفه، وقد يكون معنى الحديث أنه تسبب في هلاكهم، وهذه تستحق وقفة كبيرة منا، ورسالة خطيرة منه صلى الله عليه وسلم يتحدث عنها المفكرون اليوم، وهي قضية نشر السلبية داخل المجتمع، والتي يتزعمها ـ للأسف ـ بعض الوعاظ وبعض الكتاب والمثقفين في بلادنا، حتى إنك تسأل نفسك كل يوم هل نحن بهذا السوء؟ بعد ورود الـ"برودكاست"، من أكثر من صديقة سألتهن: كم لصا تعرفين.. كم نصابا.. كم غشاشا.. كم صديقة وقفت بجوارك.. كم مرة أعانك أبوك أو إخوتك؟ هل سبق أن مرضت وتجاهلك من حولك؟ كم مرة ساعدت المملكة العربية بلدا شقيقا وغير شقيق؟ كم مرة سألك شخص لا يعرفك وأنت تعاني هل أنت بخير؟ إذا كان ذلك حدث على الأقل مرة، فلا شك أننا بخير. إننا لسنا أفضل مجتمع في الكون، لكننا خير من كثيرين، أقول لصديقاتي عندما نكون ننتظر الباص أو في مقهى ويقترب منا رجل مشرد أو عجوز ضعيفة لتسألنا "باوند" تشتري به كوب حليب: ألا تلاحظن أنهم لا يسألون سوى المحجبات رغم اكتظاظ المكان بالناس، لأنهم اعتادوا علينا كمسلمين نتبع (وأما السائل فلا تنهر). إنه قدر هذا الدين والمجتمعات الإسلامية، أن تعاني من بائعي الكلام وتجار المواعظ الماهرين جدا في إيلامنا وجرحنا والكذب علينا، وكل هذا يمكن إنهاؤه، لو أن كل شخص منا رفضه ورفض نقله بدعوى أنا لا أنقل سوى الإيجابية وأركز على النور وليس الظلام.. البناء وليس صكوك الجحيم. نحن بشر معرضون للخطأ والكمال وحده لله - عز وجل -، والطريق نحو الرقي لا يتم عبر الأكاذيب، فهي مردودة على أصحابها الذين يحتاجون لطبيب نفسي، وليس إلى منبر أو زاوية في صحيفة.