×
محافظة المنطقة الشرقية

(6) شركات تطرح (63) وظيفة بالقطاع الخاص للشباب 

صورة الخبر

* كانت الرؤية ومجالها أكثر اتِّساعًا وبُعدًا عند الفيلسوف سقراط، حين أطلق عبارته التي مازالت خالدة حتى اليوم، وستبقى مشاهدة في كل المواقف والحالات.. (تكلّم حتى أراك)، تلك العبارة التي أطلقها حين جلسة تأملية له مع نفر من طلابه يناقشون قضية من القضايا، فإذا بأحدهم يدلف إلى مجلسهم، وهو يختال في مشيْه، يزهو بنفسه مُغترًا بوسامته وزينته وغناه..، فنظر إليه سقراط شذرًا وأطلق عبارته الشهيرة حتى اليوم.. (تكلّم حتى أراك) التي رغم أنها جملة تتكون من ثلاث كلمات، إلاّ أن فيها من الحِكم والدلالات الشيء الكثير.. وقد أراد سقراط أن يكشف سبر أغوار مَن أمامه؛ لأنه إذا تكلم ونضح إناؤه بما فيه أفصح عن شخصيته، وأسلوبه، وثقافته، وطباعه.. فكم ممّن نراهم وهم يرتدون الأقنعة الخفية، ونعجب بشخصياتهم ومظاهرهم، ثم تُنبئنا أخبارهم بما لا يسرّنا.. وفي المقابل فإن كثيرًا من البسطاء الذين نراهم ولا نلقى لهم بالاً، ولا نقدّر حضورهم أو مكانتهم إذا ما رأيناهم في حفل، أو مكان هم في الواقع قمة في الخلق والثقافة والأدب. * وقبل الفيلسوف وغيره من المنظرّين قال الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم في حديث أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إِنَّ اللهَ لَا يَنْظُرُ إِلَى أَجْسَادِكُمْ وَلَا إِلَى صُوَرِكُمْ، وَلَكِنْ يَنْظُرُ إِلَى قُلُوبِكُمْ) رواه مسلم. * فالله جلّ في علاه لا ينظر إلى شكل الناس، وأجسادهم، ولا إلى الأنساب والأموال، قال تعالى: (إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أَتْقَاكُمْ)، فالأمر في الحكم والحساب والعقاب والثواب هو القلب الذي لا يخفى ما فيه على الله.. * ولقد كثر في عصر اليوم الحكم على الناس من خلال ما يملكون من مال وجاه، فتراهم يدنون أصحاب تلك العطايا ويواصلونهم فقط لأنهم يريدون أن يكونوا هناك ليراهم الناس!! وتراهم يتمنون أن يكونوا مثلهم، ويبلغوا مبلغهم في المال والجاه.. ولا يدرون بأنه ربما كان مآلهم إلى سوء والعياذ بالله.. ويكون أولئك من الذين يستدرجهم الله فيوسع أرزاقهم، ويزيدهم مالاً وجاهًا، ويبارك لهم حتى في الحرام؛ ليستدرجهم حتى يأخذهم أخذ عزيز مقتدر.. أقول بهذا وقد شكا لي بعضهم سوء معاملة معارفهم وتجاهلهم في الوقت الذي يدنون ويدعون غيرهم، وهم بعيدون عنهم معرفة وقرابة وصلة.. فقلت لهم لا تحزنوا.. أبشروا بانتقام المنتقم الجبار الذي يطلّع على خائنة الأعين وما تخفي الصدور.. ومثال قارون وخزائنه، وحال من كانوا يتمنون أن يكون لهم ماله من مال، وجاه خير شاهد قال تعالى: (وَيْكَأَنَّ اللَهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ. لَوْلَا أَنْ مَنَّ اللهُ عَلَيْنَا لَخَسَفَ بِنَا). وكم من إنسان فقير جدًّا لا مال ولا جاه عنده، لكنّه عند الله عظيم.. عن عمر بن الخطاب قال: (إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إن رجلاً يأتيكم من اليمن يُقال له أويس لا يدع باليمن غير أم له، قد كان به بياض فدعا الله فأذهبه عنه، إلاّ موضع الدينار أو الدرهم، فمن لقيه منكم فليستغفر لكم) رواه مسلم. وقد ورد في كتب السيرة أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال لعمر بن الخطاب وعلي بن أبي طالب -رضي الله عنهما-: (إذا لقيتما أويسًا القرني فاسألاه أن يستغفر لكما فإنه مجاب الدعوة)، ولقد ورد أنه كان بارًّا بأمّه.. وقد رفض عندما رآه سيدنا عمر أن يدعو دعاءً خاصًّا ووعظ سيدنا عمر، ولم يرد أن يكتب له أمير المؤمنين إلى عامل بغداد، أو واليها ليساعده وقال: (أحب أن أكون في دهماء الناس، ومضى إلى سبيله، ومات في غمار خيمة من خيام المسلمين خاملا في الأرض علمًا في السماء، إنها السكينة التي يسعد بها الإنسان حتى ولو فقد ما يملك، ويشقى بفقدها ولو ملك كل شيء). * كثيرون لا يدركون أن الأصل في الأمر هو مصدر ما تملك من مال وجاه؛ لأن غيرك كان يمكن أن يملك ويدخر ويزداد كيل بعير من زينة الدنيا وزخرفها، لكنه أبى إلاّ أن يراعي الله في مكسبه مأكله.. والأمر لو يعرف أولئك المحرومون من راحة البال جدّ بسيط، فالمال وسيلة، وكسبها بالحلال لغرضه يبارك الله به، ويخلف على منفقه. أمّا كسب الحرام فهو وبال ليس على الإنسان وحده، ولكن على ذريته -والعياذ بالله- يرتعون في الحرام، ويحاسب ويكتوي به في نار جهنم.. * وعود على بدء فإني رأيت الكثير ممّن كنت أظنهم من الصفوة، وكم خدعتني مظاهرهم وتشدّقهم بكلامهم في الأدب والثقافة والأخلاق، ومظهر الورع وهم بعيدون كل البُعد عن ذلك، ولم يؤتوا من ذلك نصيب.. وقد كشفتهم المواقف والصعاب، فالإنسان دومًا حين يكون الآخرون في حاجته لا يحسن اختبارهم، أو تمحيص أحدهم؛ لأن ما عنده من مال وجاه ومنصب يجعل الجميع طوع بنانه، وحاضرًا في أفراحه وأحزانه، وما أن يفقد شيئًا من مقومات الجاه وأدوات النفوذ حتى يكشف كل من حوله، فأولئك الذين لا يفترون اتصالاً بهاتفه، أو بعث رسائلهم إليه في كل مناسبة وغير مناسبة، ويلبّون دعواته، بل يحضرون حتى لو لم يدْعُهم لن يراهم اليوم أبدًا؛ لأنهم أصحاب ومعارف المنفعة والحاجة.. قلت ذلك لصديقي المسؤول بعد تقاعده.. قابلت في دنياي بعضًا قد مضى قد مَر يرجو حاجة فقضاها لما انقضْت ولـىّ؛ أدار بظهره ما عاد يعرف قبلتي فنساها alshaden@live.com