×
محافظة المنطقة الشرقية

مجلس التعاون الخليجي.. ضمير الأمة

صورة الخبر

لا بد أن قرائي الكرام لاحظوا أن نبرة الحزن والتشاؤم زادت في كتاباتي أخيرا. لا أعلم إن كانوا يشاركونني الرأي والموقف أم لا، ولكنني آمل أنهم في قرارة أنفسهم لا يشكون في صدق نيتي. الوضع العربي لا يحسدون عليه وهو في تقهقر من جميع النواحي العلمية والاقتصادية والتربوية والفكرية والثقافية والسياسية وغيرها. بدلا من أن تكون هناك نهضة أرى نكسة ومأساة تضرب الدول والمجتمعات العربية برمتها. حتى الذين هم حاليا خارج سرب العنف والاقتتال الذي يضرب أغلب الدول العربية، فإن تأثيره عليهم كبير. المنخرطون في العنف والاقتتال غير العقلاني ينتظرون منهم - ليس مواقف سياسية محددة - دعما ماديا وعسكريا يستخدم في القتل والتدمير وليس البناء والتعمير. والأمم الراقية والمتمدنة تأخذ كلام الآخرين عنها بجدية وتمتحنه وتختبره. وإن أخذنا ما يدور في الأروقة هنا في الغرب من حديث حول الشؤون العربية لرأينا تحولا كبيرا في النظرة ليس إلى العرب بل المسلمين قاطبة. الناس هنا ذاكرتها قصيرة وتنسى التاريخ والماضي عكس العرب حيث يحدد، لا بل قد يسيّر الماضي الحاضر والمستقبل لهم. الغربيون صاروا أبناء وبنات اليوم وليس الأمس. يقيسون أنفسهم وغيرهم على ما هم عليه اليوم وليس على ما كانوا عليه البارحة. لست في صدد تقييم هذا المنهج الفكري والتوجه صوب الحكم على أنفسنا والآخرين من خلال ما نحن عليه اليوم، ولكنه يوائم الحياة الغربية والرفاهية والرخاء المذهل الذي تعيش فيه هذه المجتمعات والحريات الكبيرة التي تتمتع بها. وطالما استمر الرخاء وبقيت الرفاهية متاحة للغالبية لا يعير الناس هنا اهتماما يذكر لما يفعله قادتهم أو ما تقوم به حكوماتهم ضمن برامج السياسات الخارجية وإن تدخلوا من خلال برلماناتهم يكون الأمر مجرد تصفية حسابات شخصية أو حزبية أو تلبية لما يرونه ضمن مناهج المصالح الاستراتيجية. وهكذا تدور ماكينة الإعلام الغربية المهولة الفاقدة للذاكرة وتلوك الحاضر بيومه وساعته ولحظته. وإن أخذنا حدث اليوم والساعة واللحظة يكون العرب وما يحدث بينهم من صراع مرير وقتل على الهوية والوجهة الفكرية والمذهبية والطائفية أبرز حدث في الحاضر الإعلامي الغربي. انفجارات رهيبة وعمليات انتحارية مرعبة وهدم وتدمير وبطش وحرق وقتل بالجملة ودون رحمة ودون تمييز وبأي سلاح متوافر من السكين إلى أسلحة الإبادة الشاملة، كل هذا ينقله إعلام اليوم ــ الإعلام بمفهومه الواسع الذي يضم قنوات التواصل الاجتماعي التي لا قيود ولا أحكام مهنية أو أخلاقية تقيدها. أغلب هذه الصور المروعة يبثها على الهواء ناشطون عرب ومسلمون وأخذت القنوات الإعلامية الغربية التقليدية وغيرها تعيد بثها دون تمحيص ما إذا كانت ذات مصداقية أم لا ــ ولماذا التمحيص إذا كانت مدن بأكملها تهدم على ساكنيها. قد لا يعرف العرب مدى الخسارة التي تلحق بهم. إدامة ماكينة قتال بهذه السعة وهذا المدى الذي لا أفق له لا يأكل الأخضر واليابس بل يجعل أمر إعادة الأمور إلى نصابها مستحيلا. نحن نتحدث عن تدمير بلدان وشعوب بأكملها وليس حوادث عرضية. كيف تقبل شعوب أن يحدث هذا لها؟ لست أدري ولكنني أدري من حيث موقعي في العالم الغربي أنه لأول مرة أخذ الإسلام فيه بالانحسار، وبدأت نظرة الناس هنا تتغير جذريا عن دين حنيف متسامح يؤدي الكل كما كان شأنه في فترة انطلاقته وازدهاره. أقرأ أن هناك ردة من الكثير، ولا سيما من قبل الغربيين الذين اعتنقوا الإسلام، لأن أغلب هذه المظالم والانتهاكات الفظيعة لحقوق الإنسان يقترفها أصحابها باسم الدين، حيث صار نداء "الله أكبر" الذي كان مؤشرا طوال التاريخ إلى مقدم الحضارة والمدنية مثار شك وريبة وإدانة، وربما تهمة قد يقضي مطلقها بصوت عال في مطار مثلا وقتا طويلا وراء القضبان. واستغل أعداء العرب حاضرهم المرعب هذا كي يطلقوا عبارات تستدل حسب رأيهم على "مدنيتهم" وما يرونه أنه "همجية" العرب. وهذا نتنياهو الذي لا يكن حبة خردل من العطف للعرب يقول: "العرب يتقاتلون ونحن نبني لصالح بعضنا البعض".