شاب وفتاة تزوجا منذ أيام تشاهدهما في أحد (المُوْلات) بين المحلات الباهرة بأحدث الأزياء، والمطاعم الزاخرة بأطيب الأطعمة، وبين هذه وتلك محلات للعطور والمجوهرات لا تقاوم صورها فكيف بحقيقتها، لا سيما من عروس تزوجت مؤخراً وتُواجِه أحلام اليقظة بأن تسير ويدها بيد فتى الأحلام بهذه المواقع المثيرة للمشاعر الرومانسية؟! هي تريد أن تمارس الحلم كحقيقة وباندفاع الواثقة من وعود الشاب المتحمس أيام الخطوبة بكلامه الهاتفي المعسول، غير أن طعم الكلام أخذ يتغير الآن إلى شيء من المرارة في لسانه، وعَجِزت غدد التذوق عن تفسير أي طعم إلاّ طعم الأسى والكدر، كلما تذكر أن رصيده لا يحوي سوى دريهمات لا تغطي مصروفات بقية الشهر، (الحبيب الطازج) لا يريد في الحقيقة أن يتأخر عن تلبية كل ما يَسُرّ قلب فتاته، وهذه أمنية وغاية، لكن من أين؟ وهي تنتظر منه ولو جزءًا من تلك الأضواء التي كان يقول لها إنه يوقدها بأصابعه كشموع لعيونها الناعسة، وبين آمالها المتبددة أمام عجزه القسري، تمتد أعناق التساؤلات عن مصداقية المشاعر (الثنائية) التي لا تورث إلاّ الخلافات المتصاعدة، فإما شقاق مستمر أو طلاق رابع (الطلاق العاطفي)، ثم البائن، وهذا ما باتت تتحدث عنه كافة الأصوات بتعدد تخصصاتها، وإليكم مقتطفات موجزة منها: فقد نقلت الصحف عن مفتي الشرقية الشيخ خلف المطلق، قوله: إن من أهم أسباب الطلاق على مستوى المملكة عمل المرأة في القطاع الخاص، مرجعاً ذلك إلى تدني الرواتب وتغيّبها عن المنزل لأكثر من ثماني ساعات يومياً، وأن كثيراً من الرجال يرفضون عمل المرأة في بيئة القطاع الخاص المختلطة، كما نقل عن المستشار سعد الوهيبي رأى له في منبر آخر أنّ من أسباب الطلاق (المال بين الزوجين) وهو مُحفّز رئيس لارتفاع نسبة الطلاق، فعندما يكون لها مصدر رزق تكون هناك استقلالية نسبية عن الزوج، وبالتالي ينشأ نوع من المنافسة بين الطرفين في أنَّ كل واحد منهما يرغب في أن يسيطر على الآخر، وأن يكون هو سيد المواقف وبالتالي ينشأ النزاع، فيما أكد المستشار الأُسري الدكتور غازي الشمري أن من أسباب تزايد حالات الطلاق بالمملكة الانفتاح المفاجئ للمجتمع، وقلة الوعي والاستخدام الخاطئ للأجهزة الإلكترونية الحديثة، والإهمال من المرأة، والاتكالية من الزوج، والمقارنة والشك وتدخل الأهل، وأن إحصائيات الطلاق مؤشر خطير جداً. قلت، وأقول: من أراد من حديثي الزواج أن تستقيم حياته ويلذ عيشه، فلا ينتظر من زوجته أن تُمضي لياليها في رومانسيات لا تنطفئ شموعها، وهي إن أرادت ذلك مع زوجها فهي واهمة، فالزواج وتكوين الأسرة خليط بين المتعة والمسئولية المشتركة، وهي واهمة مرة أخرى إن ظنت أن الزوج المقبل على الحياة يملك مصرفاً ويستطيع أن يُنفّذ لها كل ما تطلبه مما يُعرض على شاشات الإعلانات التجارية، السعادة في الحياة الزوجية فوق كل هذه الاعتبارات، والمرأة عموماً كالملاك الرحيم، رقيقة أينما وُجدت وحلّت، ناعمة كيفما كانت، غير أنها يمكن أن توصف بمعنى آخر إذا اكتنفتها الغيرة وساورتها الشكوك وأقنعت نفسها بتقصير الزوج، فقد تتحول إلى ألعوبة للشيطان.