أقسم جيمس بي. سميث اليمين الدستورية في 16 سبتمبر 2009 لتسليم منصب سفير للولايات المتحدة لدى المملكة العربية السعودية. عمل سميث قبل تعيينه سفيراً في العديد من المناصب التنفيذية لدى شركة رايثيون في مجال التخطيط الاستراتيجي للشركة، وصنع الطائرات، وتطوير الأعمال الدولية. وخلال مسيرته المهنية السابقة طوال 28 عاماً في سلاح الجو الأميركي، سجَّل سميث أكثر من 4 آلاف ساعة طيران في الطائرات المقاتلة إف-15 وتي-385 كقائد طائرة حربية. وتولى مهمات قتالية من خلال عملية عاصفة الصحراء وقاد سرب الطائرات المقاتلة 94، ومجموعة العمليات 325، وجناح الطائرات المقاتلة الثامن عشر (من قاعدة كادينا الجوية في أوكيناوا). خلال آخر مهمة له في القيادة الأميركية للقوات المشتركة، تولى سميث أيضاً قيادة تحدي الألفية، أكبر تجربة تحويلية في التاريخ. تمت ترقيته إلى رتبة بريغاديز جنرال (عميد) في أكتوبر 1998، وتقاعد من سلاح الجو في 1 أكتوبر 2002. وسميث متخرج بدرجة شرف من أكاديمية القوات الجوية الأميركية، وجامعة إنديانا، والكلية الحربية البحرية، وكلية القيادة الجوية والأركان ومن الكلية الحربية القومية.. ويتحدث سميث هنا عن تجربته في المملكة في ختام فترة عمله. السعودية تتطلع إلى التحديث وتسعى لتنويع اقتصادها وهي بحاجة لنقل التكنولوجيا والتدريب في مجالات التعليم وقطاع الأعمال * صحيفة بوليتيك: ما هي أنواع الخطوات التي اتخذتها لفهم الثقافة السعودية؟ وهل تعتقد أنه من الأصعب في المملكة العربية السعودية أن تقوم بذلك الجزء من وظيفتك بالمقارنة مع بيئات العمل الأخرى التي كنت فيها؟ - عليك أن تكون مستعداً لتكريس الكثير من الوقت لفهم الثقافة المحلية. وهذه ثقافة العلاقات. فالسعوديون شعب مضياف وهم من أقرب وأكرم الناس الذين قد تلتقي بهم على الإطلاق. ويستند كل شيء هنا إلى الثقة والاحترام. وعليك أخذ الوقت اللازم لبناء هذه الثقة والاحترام. وعندما تفعل ذلك فإنك تتمكن من تحقيق الكثير مما يدهشك. ومعظم هذه الأشياء تتحقق بصورة شخصية، إنها مجرد مسألة التزام. لقد أمضينا أنا وزوجتي الكثير من الوقت في السفر في جميع أرجاء البلاد. زرنا جميع المحافظات الثلاثة عشرة. ومع مرور الوقت، فإن ما نجده هو أن الناس يقدرون التزامك بالبلاد، بالعلاقة الثنائية، وبتوسيع الفرص أمام الأعمال والتعليم. وبسبب ذلك، يجري احتضانك كإنسان يحاول تقدير مصالحهم. * صحيفة ذي بوليتيك: هل واجهت هنا أي شيء غير متوقع أو مفاجئ وخاصة خلال عملك كسفير في المملكة العربية السعودية؟ - كنا نعيش سعداء سوية، ومن ثم في أيلول/ديسمبر 2010، فتحت أبواب الفيضانات على مصراعيها. فالجزء غير المتوقع كان الربيع العربي طوال العامين والنصف الماضيين والتحديات التي طرحها. وإلى درجة كبيرة جداً في المنطقة، وكانت المملكة العربية السعودية كما هي دائما واحة من الاستقرار. * صحيفة ذي بولتيك: ليس من المفاجئ أن تكون الشراكة بين الولايات المتحدة والسعودية من أهم الشراكات بين الغرب والشرق الأوسط. اقتصاد المملكة العربية السعودية هو الأقوى في العالم العربي، وتعدّ ثاني أكبر دولة عربية من حيث المساحة، ولديها أكبر احتياط نفطي في العالم. على الرغم من أنني أرغب بالخوض في كل جزء من هذه الشراكة خلال هذه المقابلة، إلا أن سؤالي لك الآن هو، هل يمكنك أن تشرح لي بعبارات سريعة طبيعة وأهمية هذه العلاقة؟ - إنها علاقة مهمة للغاية. يعود عهدها إلى 14 فبراير عام 1945 إلى اجتماع حصل على متن حاملة الطائرات الأميركية كوينسي في البحيرة المرة الكبرى في قناة السويس بين الملك عبدالعزيز آل سعود ورئيسنا فرانكلين روزفلت. إنني أتكلم حول أهمية العلاقات، والواقع أن الرجلين قد تصادقا على الفور، وكانا يكنّان احتراماً كبيراً لبعضهما البعض، هو مثال نحتذي به جميعاً. والاستقرار في المنطقة أمر في غاية الأهمية. تتحمل كل من الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية مسؤوليات عالمية. وأعتقد أن معظم الناس يفهمون مسؤوليتنا. وبصفتها القيّمة على الحرمين الشريفين – خادمة الحرمين الشريفين – تقع على عاتق المملكة العربية السعودية مسؤولية عالمية في الإسلام، التي تلتزم به التزاماً تاماً. وعندما تتطلع إلى النطاق الواسع للمسؤوليات العالمية التي تقع على عاتقنا، فإننا نرى أن السعوديين قبلوا تولي المسؤولية العالمية في دعم المسلمين في سائر أنحاء العالم. فمن نواحٍ عديدة، يمكننا إجراء حوار حول المسؤوليات العالمية لبلدينا وليس فقط مسؤولياتنا الوطنية. أحد الأشياء التي وجدتها، على الرغم من الاختلاف الكبير بين ثقافتينا، هو أننا نتقاسم الكثير من المصالح المشتركة. فالمملكة العربية السعودية تتطلع إلى التحديث، وفي عملية التحديث تلك، كنا شركاء في مجال التعليم. هناك أكثر من 71 ألف طالب سعودي يدرسون في الولايات المتحدة اليوم. وهم يحتاجون إلى توسيع وتنويع اقتصادهم. وبالتالي، هناك حاجة هائلة لنقل التكنولوجيا والتدريب في مجالات التعليم وقطاع الأعمال التي نتج عنها بصورة أساسية مضاعفة صادراتنا إلى المملكة العربية السعودية خلال السنوات الأربع الأخيرة (علاوة على المشاريع المشتركة التي تتيح لهم تنويع اقتصادهم). إن العلاقة الثنائية بين البلدين مهمة للغاية وتتيح لنا إجراء محادثات حول جميع تلك الأمور الجارية من حولنا، من أجل التوصل إلى الإجماع المشترك حول الردود المناسبة، والتركيز على الاستقرار الطويل المدى في المنطقة. * صحيفة ذي بولتيك: كنت آمل متابعة موضوع تطرقت إليه من قبل، وهو: امتلاك المملكة العربية السعودية لأكبر احتياطات نفطية في العالم. قال الأمير الوليد بن طلال مؤخراً إن ازدهار الطاقة في الولايات المتحدة من النفط الحجري والغاز يمكن أن يؤثر بشكل خطير على اقتصاد المملكة. ونظراً لتغير الوضع الراهن بالنسبة للنفط السعودي، ما الذي تتوقعه فيما يتعلق باستدامة الاقتصاد السعودي على المدى الطويل؟ ما هي الجهود التي تبذلها الحكومة السعودية للتنويع الاقتصادي؟ - إنني لست عرافاً، لذلك لن أتنبأ بالمستقبل. سوف أقول لك إننا سنشهد تغيرات في سوق الطاقة العالمية مع مرور الوقت. هناك الكثير من العوامل التي ستدفع تلك التغييرات. وأحد هذه العوامل النفط الحجري والغاز. والعامل الثاني هو جهود المحافظة على الموارد الطبيعية الجارية الآن. لقد رأيت في الولايات المتحدة أن استهلاكنا قد استقر في الواقع على نفس المستوى وبدأ بالانخفاض بنسبة واحد بالمئة أو واحد ونصف بالمئة خلال السنوات الثلاث الماضية. وعندما يتبنى باقي العالم جهود المحافظة على الموارد الطبيعية- وبالمناسبة، هذا ما يجري الآن هنا في المملكة العربية السعودية- فمن شأن ذلك أن يؤثر على الطلب العالمي. وثمة عامل آخر ينبغي أخذه في الاعتبار، وهو مصادر الطاقة المتجددة وتلك المجموعة الكاملة من تكنولوجيا الطاقة المتجددة الموجودة هناك. بدأ الناس يستخدمون هذه التكنولوجيا، لكنها لم تصبح حتى الآن مركز الثقل في سوق الطاقة العالمية. سوف تخبرك شركة أرامكو (شركة النفط السعودية) أنه بحلول العام 2035، ستكون نسبة 15 بالمئة فقط من الطاقة العالمية قابلة للتجدد، ولكن إذا حصل اختراق تكنولوجي كبير، ربما في القدرة التخزينية للبطاريات، التي قد تجعل الطاقة الشمسية أكثر قدرة على المنافسة، أو في المفاعلات الصغيرة، التي قد تجعل أسعار الطاقة النووية معقولة وآمنة ومريحة (لأنها لا تبرد بالمياه)، أو الاختراقات التكنولوجية في مجالات الوقود البيولوجي، عندئذ من الممكن تماماً أن تتغير على المدى الطويل سوق الطاقة العالمية. سوف يكون ذلك صحيحاً بالتأكيد إذا استطاع إنتاج الغاز الحجري، والذي، هو بالمناسبة، بات يشكّل إضافة جديدة جداً إلى معادلة الطاقة، أن يفي بالأغراض. إذا شهدت انتقال شبكة نقل الكهرباء في بلادنا من البنزين إلى الغاز الطبيعي في الولايات المتحدة على مدى الجيل القادم، وجرى استنساخ ذلك في أماكن أخرى كالصين (لأنه من المفروض أن يكون لديهم مخزون من الغاز الحجري الطبيعي)، عندئذ يصبح من الممكن تماماً حصول تغيير في أسواق الطاقة العالمية قد يؤثر على المملكة العربية السعودية. وهم على علم بذلك. هناك انتقال ضخم إلى مصادر الطاقة المتجددة، مع التركيز الرئيسي في الوقت الراهن على الطاقة الشمسية، وعلى الطاقة النووية للحد من الاستهلاك المحلي للنفط. أتذكر دائماً عندما طرحت هذا السؤال على وزير سابق للنفط، وأجابني بأن العصر الحجري لم ينتهٍ لأن العالم بات خالياً من الحجارة، ولن ينتهي عصر النفط بسبب نفاد النفط. سوف ينتهي لأن شيئاً آخر برز إلى الواجهة. وهذا هو ما نراه. سوف يتزايد تدريجياً ويحدث مع مرور الزمن. * صحيفة ذي بولتيك: أعلن الملك عبدالله في شهر سبتمبر من العام 2011، أن المرأة سيكون لها الآن الحق في التصويت في الانتخابات البلدية المقبلة، والانضمام إلى مجلس الشورى. هل تعتقد أن ذلك شكل خطوة مشروعة نحو المشاركة السياسية للمرأة على نطاق واسع في المملكة وهل تتوقع حصول أي حوار يؤدي إلى تغيير في دور المرأة في السياسة بأي وقت في المستقبل المنظور؟ نسبة النساء في مجلس الشورى متساوية مع نسبتهن بمجلس الشيوخ الأميركي.. والسعوديات المتعلمات يعملن باجتهاد لإثبات وجودهن - هناك 30 امرأة في مجلس الشورى. والنسبة المئوية للنساء في مجلس الشورى متساوية مع نسبة النساء في مجلس الشيوخ الأميركي. فإذا كنت تريد أن تقارن سلطتهم التشريعية بسلطتنا، أود أن أقول إن الأرقام متساوية. وهناك 27 من بين الثلاثين امرأة في مجلس الشورى هن إما طبيبات أو حاملات شهادات الدكتوراه. إذاً هناك عدد أكبر من النساء اللواتي يحملن شهادة دكتوراه في مجلس الشورى مما هناك من رجال أو نساء يحملون شهادات دكتوراه في الكونغرس بأكمله. فالتعميم حول النساء في المملكة العربية السعودية في بعض الأحيان مضلل قليلاً. وبالمناسبة، لم يُسمح فقط للنساء بالتصويت في الانتخابات البلدية، فقد قال الملك إن النساء سيتمكن من ترشيح أنفسهن أيضاً. والأهم من ذلك، كما أعتقد، من هذا المرسوم الملكي، هو ما تقوم به النساء أنفسهن في المملكة، والواقع أنهن قديرات في الحصول على ما يريدن، وإن ما ترونه هو جيل من الشابات المتعلمات تعليماً عالياً يعملن باجتهاد من أجل إثبات وجودهن. وسوف يكون لهن مستقبل زاهر. والآن، على الرغم من جميع الانتقادات التي نسمعها حول السعوديين - وفي واقع الأمر، إننا نتحدث باستمرار معهم حول وتيرة التحديث –علينا أن نتذكر أنه في عام 1965 كانت نسبة معرفة القراءة والكتابة بين النساء في المملكة 5 بالمئة. أما اليوم فإن نسبة 60 بالمئة من طلاب الجامعات هن من النساء. لقد تغير كل هذا منذ ذلك الوقت الذي كنت أنا فيه في المدرسة الثانوية. وعلى الرغم من جميع التحديات التي يواجهونها وجميع الانتقادات التي نميل لتوجيهها إلى السعوديين، علينا أن نأخذ في الاعتبار أنه حصل لديهم تحول ملحوظ على مدى جيلين. وأتوقع أن يستمر هذا التحول، وأن يستمر ضمن سياق ثقافتهم ودينهم، وليس على النحو الذي يعرفّه الغربيون ممن لديهم أفكارهم الخاصة حول ما ينبغي أن يبدو عليه هذا التحول. العلاقات الأمريكية السعودية تعود إلى 1945.. ويقع على عاتقهما مسؤوليات عالمية تجاه الأمن والاستقرار * صحيفة ذي بولتيك: والسؤال الأخير، من حيث النظرة إلى الولايات المتحدة من خلال عملك، والخدمة في جميع أنحاء العالم، كيف تشعر بأن الولايات المتحدة ممثلة في الخارج؟ - الناس في المملكة العربية السعودية يحبون أميركا. لقد التحقوا بالجامعات هناك، وأمضوا عطلاتهم هناك، لقد أصدرنا 110 آلاف تأشيرة دخول في العام الماضي. إنهم يجزئون الأشياء بطرق لا نفعلها نحن. إنهم يستطيعون رؤية الجانب الجيد لأميركا، ويستطيعون أن يفصلوا ذلك عن الانتقادات للسياسة الخارجية الأميركية. فالسياسة الخارجية في المنطقة، ابتداءً من غزو العراق عام 2003، قد أحدثت انتقادات لأميركا وسياساتها. وهناك اعتقاد طويل الأمد هنا بأن سياسة أميركا تجاه عملية السلام في الشرق الأوسط هي أحادية الجانب ولهذا السبب شكلت المبادرة الأخيرة للرئيس ولوزير الخارجية تطوراً إيجابياً جداً. سوف أقول لكم إن الرئيس أوباما أتى إلى المنطقة بأميركا جديدة أكثر إيجابية. هناك قدر كبير من الأمل والتوقع، والكثير منه يتركز على عملية السلام وإنشاء دولة فلسطين المستقلة. أما مصدر الإحباط فهو أن ذلك لم يحدث بعد. ولكن مع وجود هذا الرئيس ووزيرة ووزير الخارجية، بدأنا نشهد تحسناً حتى في مدى الانتقاد لسياساتنا. فقد أجرت مؤسسة زغبي استطلاعاً في نوفمبر من السنة الماضية. ووجدت أنه قبل أربع سنوات كان الدعم لأميركا في المملكة العربية السعودية حوالي 22 بالمئة. أما وفقاً للاستطلاع الأخير فقد بلغ الدعم نسبة 74 بالمئة. إذاً لقد حصل تغيير في هذا أيضاً. ولكن مرة أخرى أقول إنهم يرغبون بالمجيء إلى أميركا للتعلم ولقضاء العطلات.