من البدهيات التي يتواطأ الكتاب على تكرارها من دون كلل أو ملل ــ وحق لهم ذلك ــ ضرورة الرقابة على المنصات والمنابر والمرافق ذات التماس مع الدين، ذلك أن المعبر من تلك الأماكن لا يتكلم معبرا عن رأيه، بل يتحدث باسم الشريعة وبأدلة شرعية، فالقول ــ آنذاك ــ أقرب إلى الفتوى من الرأي، وقد حاول الملك عبدالله بن عبدالعزيز مرارا وتكرارا بأن يضبط هذه المنابر، وذلك من خلال عدة مبادرات، من بينها الأمر الملكي رقم 13876/ ب، والذي قصر الفتوى على أعضاء هيئة كبار العلماء. الأمر الموجه إلى سماحة المفتي تضمن حصر الفتوى على من تجدون فيهم الكفاية والأهلية التامة للاضطلاع بمهام الفتوى للإذن لهم بذلك، ومنهم من هو: مشمول باختيارنا لرئاسة وعضوية هيئة كبار العلماء، واللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء، ومن نأذن لهم بالفتوى، ويستثنى من ذلك الفتاوى الخاصة الفردية غير المعلنة في أمور العبادات، والمعاملات، والأحوال الشخصية، بشرط أن تكون خاصة بين السائل والمسؤول، على أن يمنع منعا باتا التطرق لأي موضوع يدخل في مشمول شواذ الآراء، ومفردات أهل العلم المرجوحة، وأقوالهم المهجورة، وكل من يتجاوز هذا الترتيب فسيعرض نفسه للمحاسبة والجزاء الشرعي الرادع. والمبادرة الثانية ما تحدث به الملك عن ضرورة رفع الكسل عن المؤسسات الدينية وملاحقة المتورطين. من المبهج أن تمتد حالات التمشيط لهذه المنابر لتصل إلى الأردن، ذلك البلد الذي تحرص قيادته على بث روح الاعتدال الديني، حين كشف وزير الأوقاف الأردني هايل الداوود عن إيقاف الوزارة لـ30 خطيبا عن الخطابة من بين 5500 خطيب يعملون في الوزارة، بسبب ترويجهم للفكر التكفيري وللمنظمات الإرهابية في خطبهم. أتمنى أن يأتي اليوم الذي تصبح فيه المنابر غير مشوبةٍ بالكوارث والتكفير والإرهاب. نقلا عن عكاظ