بيروت: «الشرق الأوسط» يزيد تشبث الفرقاء اللبنانيين بمطالبهم الحكومية من صعوبة مهمة الرئيس المكلف بتشكيل حكومة جديدة تمام سلام، خصوصا بعد إصرار حزب الله وحلفائه على رفضه المطلق لصيغة اقترحها رئيس جبهة النضال الوطني النائب وليد جنبلاط، وسعي سلام لتلمس أفق تطبيقها خلال الأشهر الماضية. وتقوم هذه الصيغة على توزيع المقاعد الوزارية على 3 حصص متساوية على صيغة «8-8-8»، أي حصول كل من فريقي 8 و14 آذار على ثمانية مقاعد وزارية، وحصول الفريق الوسطي المتمثل في الرئيس اللبناني ميشال سليمان وسلام وجنبلاط ورئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي على المقاعد الثمانية الأخرى. وبينما لم تتضح خلفية ما نقلته صحيفة «لوفيغارو» الفرنسية عن الرئيس اللبناني الموجود في نيويورك، لناحية عزمه وسلام تشكيل حكومة مطلع الشهر المقبل، قالت مصادر سلام لـ«الشرق الأوسط» أمس إن «ثمة امتعاضا لدى الرئيس المكلف من استمرار الشروط والشروط المضادة»، موضحة أن «مساعيه لم تتوقف، وهو لا يزال يعمل لتشكيل الحكومة، والأمور خاضعة لأخذ ورد، لكن لا شيء جديدا في انتظار عودة الرئيس سليمان». وكان حزب الله وحلفاؤه في الأيام الأخيرة قد جددوا رفضهم السير بصيغة جنبلاط، أي توزيع المقاعد الوزارية الـ24 إلى ثلاث حصص متساوية، مصرين على المطالبة بما يسمونه «الثلث الضامن»، وتدعوه قوى 14 آذار بـ«الثلث المعطل»، أي حصة وزارية تزيد على 8 مقاعد. وينطلق فريق 8 آذار في مطالبته هذه من تمثيل القوى السياسية وفق أحجامها في البرلمان اللبناني، مما يعطي بالتالي فريق 8 آذار القدرة على تعطيل أي قرار على طاولة مجلس الوزراء. وقال النائب في كتلة المستقبل أحمد فتفت إن «أي مطالبة بالثلث المعطل تعني إصرار الفريق الآخر على منطق 7 أيار، واستمرار القهر ومنطق الضغط بالسلاح»، في إشارة إلى استخدام حزب الله سلاحه في بيروت عام 2008، قبل أن يصار إلى التهدئة وعقد اتفاق الدوحة. وفي موازاة اعتباره أن «منطق التهديد والاستقواء بالسلاح ما زال قائما ويتم على أساسه تحديد بعض المواقف السياسية»، طالب فتفت «حزب الله بتشكيل حكومة إن كان يمكنه تأمين الأكثرية إن بقي مصرا على موقفه»، موضحا أن «ما يحاولون أن يقوموا به هو إدخال (14 آذار) إلى حكومة معهم من أجل تغطية سياسية لما يقومون به في سوريا ولسلاحهم». ولفت إلى أن «سلام ينتظر عودة سليمان من نيويورك للتشاور معه قبل اتخاذ أي قرار في شأن تشكيل الحكومة، وهناك نية لوجود حكومة في أقرب وقت ممكن». ولم يستبعد وزير البيئة في حكومة تصريف الأعمال ناظم الخوري، المقرب من الرئيس اللبناني، أن يكون أول المطلوب من الدول الغربية مقابل دعم لبنان من قبل «مجموعة الدول الداعمة» الذي عُقد في نيويورك «تشكيل حكومة لبنانية». وقال لـ«الوكالة المركزية»: «هذا أولها وأهمها، وإلا كيف يتم دعم لبنان من دون أن تكون لديه حكومة؟». ورأى أنه على لبنان «أن يستفيد من هذا الدعم. إنها فرصة سانحة قد لا تتكرر، خصوصا في ظل الظروف التي يمر بها العالم أجمع». من جهة أخرى، تمنى البطريرك الماروني بشارة الراعي، بعد عودته أمس من زيارة إلى روما، أن «تتألف الحكومة وتحل كل المشاكل التي نعاني منها». وقال إنه «لا يجوز لكل المسؤولين أن يتمادوا إلى هذا الحد بعدم تأليف الحكومة»، مشددا على أن «البلد ليس مزرعة لأحد، وليس لهذا الحزب أو سواه، ولا يقدر أحد على أن يستقوي على أحد».