منذ أن شعر المسلمون بالصدمة الحضارية لما بدأ الاستعمار الغربي يغزوهم وهالهم الفارق بين مستوى التقدم الحضاري والتكنلوجي للغرب وبين واقعهم وهم لازالوا في نفق مظلم بالنسبة للطرق التي يرون أنها ستجعلهم يلحقون بالحضارة الغربية ناهيك عن استعادة مكانة الريادة والصدارة الماضية، وسبب النفق المظلم هذا هو أنه استبدت بهم آليات نفسية دفاعية لاواعية وظيفتها حماية كبرياء «غرور الانـا» من التحطم، ومن تلك الآليات؛ «الإنكار» أي رفض الاعتراف بوجود مشكلة أصلا، وأيضا «النكوص» أي العودة نفسيا وعقليا إلى فترة مريحة ومرضية لكبرياء «غرور الانا» وهكذا حصلت هجرة للعقلية والنفسية الجماعية للمسلمين باتجاه الماضي وتم تضخيم إنجازات المسلمين فيه وتم التغاضي عن كل ما لا يمكن الفخر به، فصار التصور المهـيـمن عن طريقة استعادة الأمجاد هو بإعادة خلق الصور الذهنية الايقونية عن الماضي وهذا تجسد في سلوكيات داعش وأمثالها، ومن حيث المبدأ بكل مجتمع هناك طليعة من أهل المواهب الخلاقة والتعليم المرتفع والثقافة المحيطية والرؤيـة المستقبلية تعمل على تجديد مجتمعها وتوجيه دفة سيره، وهذا ما حرك الغرب بعصر النهضة، لكن في الشرق حيث لازال للدين الصدارة الواجبة استجد متغير خطير بالتعليم الديني، ففي الماضي كانت العائلة تنذر أذكى أبنائها ليتخصص بالعلوم الدينية، لكن في العصر الحديث العائلة توجه أبناءها الاذكياء للأقسام العلمية كالطب والهندسة، وللأسف إن التخصصات الدينية كانت تقبل أقل معدلات التحصيل الاكاديمي التي لا تقبلها أي كلية أخرى. مع العلم أن ضعف مستوى التحصيل يدل على ضعف الملكات العقلية وضعف مستوى انضباط السلوك الشخصي المساعد على التحصيل المدرسي، وهؤلاء لما تخرجوا وجدوا أنفسهم في مكانة طليعية عليها أن تحدد المسار العام فارضة وصايتها على أصحاب التفوق، وهنا وقعت الكارثة.