عقد سيرغي لافروف، وزير خارجية روسيا، محادثات في موسكو، يوم أمس، مع الأمير سعود الفيصل، وزير الخارجية السعودي. وأوضح بيان صحافي مشترك أن الجانبين ناقشا في اجتماعهما العلاقات الثنائية بين البلدين وسبل تنميتها، كما نادى الجانبان بضرورة تفعيل أعمال اللجنة الاقتصادية المشتركة وغيرها من آليات التعاون الثنائي بين البلدين. وفيما يخص سوريا، اتفق الوزيران على ضرورة انطلاق جهود حل الأزمة السورية على أساس «جنيف 1» مع التركيز على أهمية الحفاظ على وحدة وسيادة الأراضي السورية. وبحسب البيان، فإن الجانبين ناقشا مجموعة من الملفات الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك بما في ذلك الوضع في سوريا، والعراق، وليبيا، واليمن، والصراع الفلسطيني - الإسرائيلي، وركزت المباحثات على الجهود الإقليمية والدولية المبذولة لمحاربة الإرهاب. كما عبر الجانبان عن استعدادهما للتعاون في المجالات التي تخص الطاقة والبترول. وفي وقت تحط الأنظار على موسكو وتحركاتها المتجددة في القضية السورية، أفادت مصادر دبلوماسية عربية لـ«الشرق الأوسط»، أن المشاورات الروسية مع كل من السعودية ومصر حول الحل السياسي في سوريا، ما زالت «مجرد أفكار عامة» للبحث عن آلية تنفيذ ترضي جميع الأطراف. وبحسب المصادر الدبلوماسية المطلعة، الجهود الروسية تصب في العمل على آلية تؤدي إلى تجميد الاقتتال ومن ثم الذهاب إلى مفاوضات بين المعارضة السورية والنظام من دون شروط مسبقة، ولفتت المصادر إلى أنّ خلفية هذه الآلية ستعتمد على ما تم التوصل إليه في مؤتمري «جنيف1» و«جنيف 2»، مشيرة إلى أنّ رؤية موسكو هي أن استمرار الرئيس السوري بشار الأسد من عدمه مسألة متروكة للتفاوض. وحصلت الرؤية الروسية على دعم ضمني من واشنطن عندما صرح الرئيس الأميركي، باراك أوباما، الأسبوع الماضي، على هامش قمة «مجموعة العشرين»، أنه لا يعمل فعليا الآن على خطط لإخراج الأسد من السلطة. وفي الإطار نفسه، رأت مصادر في الائتلاف أنّ روسيا تحاول من خلال الحراك الذي تقوم به، إجراء مفاوضات لإنتاج رؤية لا تزال غير واضحة المعالم لغاية الآن، وقالت في تصريح لـ«الشرق الأوسط»: «من بين الأفكار التي يطرحها الروس تشكيل حكومة انتقالية موسّعة»، مشيرة في الوقت عينه إلى أنّ «موسكو كانت قد أعلنت أنّه لم يعد لديها القدرة للضغط على بشار الأسد وهي كذلك مستعدة للتخلي عنه». وفيما تناقش الهيئة العامة للائتلاف في اجتماعات في إسطنبول، ضمن عدد من المواضيع، خطّة المبعوث الدولي إلى سوريا، ستيفان دي ميستورا، بشأن تجميد القتال في حلب، قالت مصادر الائتلاف، إن «التوجّه هو نحو رفض الخطة التي لا نرى أنّها تحظى لغاية الآن بغطاء دولي»، مؤكدة في الوقت عينه أنّ «هناك رغبة من قبل كل القوى المعارضة على التوافق»، وأوضحت: «لدينا شكوكا حول نجاح خطّة دي ميستورا في ضوء التصعيد العسكري من قبل النظام، وعدم تبنيها من قبل الدول المعنية بالقضية السورية لغاية الآن». من جهة أخرى، أشارت المصادر الدبلوماسية العربية إلى أهمية المباحثات التي أجراها الأمير سعود الفيصل، وزير الخارجية السعودي، مع وزير الخارجية الروسي، سيرجي لافروف، وكذلك الاتصالات المستمرة بين وزير الخارجية المصري، سامح شكري، ونظيره الروسي، معتبرة أن اللقاء الوزاري العربي - الروسي المقرر في الخرطوم مطلع الشهر المقبل على هامش أعمال المنتدى المشترك، سوف يساهم في بلورة، ربما، مبادرة واضحة من أجل سوريا، تساعد على حل سياسي يضمن الاستمرارية في مساره حتى النهاية، ولا يكون عرضة للتوقف بعض انطلاقه كما حدث في السابق. وقد ذكر المتحدث الرسمي لوزارة الخارجية المصرية، السفير بدر عبد العاطي، أن الوزير المصري، شكري، بحث مع لافروف تطورات الوضع الإقليمي في الشرق الأوسط، ومناقشة عدد من الملفات الإقليمية التي تعم البلدين، خصوصا الأوضاع في الأراضي الفلسطينية في ظل تصاعد وتدهور الأوضاع في القدس الشرقية، وسبل وقف الإجراءات الاستفزازية، والعمل على احتواء الموقف، ومنع الانزلاق إلى دائرة مفرغة من العنف، وأهمية استئناف عملية السلام في الشرق الأوسط وفق المرجعيات الدولية المتفق عليها واستنادا لحل الدولتين. وأشار المتحدث الرسمي إلى أن الاتصال تطرق إلى الأوضاع السياسية والأمنية في ليبيا، كما ناقش الوزيران الأزمة في سوريا وسبل الخروج من المأزق الراهن من خلال الحل السياسي الذي يضمن تحقيق تطلعات الشعب السوري، فضلا عن مناقشة الوضع في العراق وضرورة تحقيق التوافق الوطني وإشراك كافة القوي الوطنية العراقية في العملية السياسية بغض النظر عن انتماءاتها الدينية أو العرقية أو الطائفية، بالإضافة إلى التعاون في مجالات مكافحة ظاهرة الإرهاب. إلى ذلك، اعتبر الرئيس السوري في تصريحات نقلتها «وكالة الأنباء السورية الرسمية» (سانا)، أمس، أن ما «سيحدد وجهة هذه المرحلة هو صمود الشعب السوري في وجه ما يتعرض له، ووقوف الدول الصديقة إلى جانبه، إضافة إلى قناعة أطراف دولية أخرى بخطورة الإرهاب على استقرار المنطقة والعالم، وصولا إلى تعاون دولي حقيقي وصادق في وجه هذه الآفة الخطيرة»، واعتبر الأسد أنّ «الوضع الدولي فاقد للرؤية في المرحلة الحالية، خصوصا بعد الجرائم التي ترتكبها التنظيمات الإرهابية في سوريا وعلى رأسها تنظيم داعش الذي لم يأت وجوده من فراغ، وإنما نتيجة تراكم السياسات الخاطئة والعدوانية من قبل أطراف الحرب على سوريا». وأتت تصريحات الأسد قبل 6 أيام من زيارة سيقوم بها وفد سوري لموسكو برئاسة وزير الخارجية، وليد المعلم؛ حيث سيلتقي الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، بهدف مناقشة «أفكار روسية» تتعلق بإطلاق مفاوضات للسلام في سوريا. وفي هذا الإطار قال رئيس تحرير صحيفة «الوطن» القريبة من السلطة السورية، وضاح عبد ربه، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «اللقاء سيبحث بشكل خاص الأفكار التي تطرحها موسكو من أجل جمع المعارضة والدولة للبدء بحوار أولي من شأنه تفعيل العملية السياسية المتوقفة منذ جنيف». وانتشرت أخبار غير مؤكدة على مواقع التواصل الاجتماعي، أمس، أن الأسد قد يتوجه إلى روسية، ولكن لم تؤكد موسكو الخبر، وفي حال توجه الأسد إلى موسكو، وهو أمر مستبعد، ستكون هذه الزيارة الخارجية الأولى له منذ بدء الأزمة السورية. وعلى صعيد آخر، تتواصل الجهود لإقناع أنقرة بلعب دور أكبر في مواجهة تنظيم داعش، وخصوصا في سوريا؛ حيث وصل نائب الرئيس الأميركي، جون بايدن، إلى تركيا، أمس، في زيارة تستغرق 3 أيام تهدف إلى إقناع القادة الأتراك بلعب دور أكبر في التحالف ضد التنظيم المتشدد. ويتوقع أن يسعى بايدن إلى تهدئة التوترات التي نشأت بين البلدين العضوين في الحلف الأطلسي بسبب تردد تركيا في لعب دور كبير في محاربة التنظيم المتطرف الذي يستولى على مناطق شاسعة من العراق وسوريا. وحتى الآن، اقتصرت مشاركة أنقرة في التحالف على السماح لمجموعة من مقاتلي البيشمركة بالعبور من الأراضي التركية لمساعدة المقاتلين في مدينة عين العرب (كوباني) الكردية في قتالهم ضد الدولة الإسلامية. وتريد تركيا من الولايات المتحدة المساعدة في تدريب وتجهيز أعداد كبيرة من عناصر الجيش السوري الحر للقتال ضد نظام الرئيس السوري بشار الأسد، قبل خوضها دور أكبر في التحالف، خشية من أن التركيز الأميركي والروسي سيكون على تنظيم داعش على حساب المعارضة المعتدلة الواقفة ضد تنظيم داعش والأسد في آن واحد.