أثبتت المصالحة الخليجية الأخيرة، وقرار السعودية والإمارات والبحرين إعادة السفراء إلى قطر، أن قادة هذه الدول حكماء في تحركهم وغفرانهم ونسيانهم. كان الدور الكبير للملك عبدالله بأن يتم ترتيب البيت الخليجي، ذلك أن السياسة هي فن التسويات والقدرة على بث الحوارات، وليس هناك خلاف لا يمكن تسويته أو حله، هذه هي أمريكا العدو التاريخي لإيران و«الشيطان الأكبر»، بالنسبة للنظام الإيراني، لكن كانت هناك حوارات وجلسات وتسويات ووساطات، والبحث عن حلول، ذلك أن السياسة متحولة وسيالة بمواقفها وظروفها وشروطها. هذا الأمر يصح حتى في العلاقات بين الدول الأوروبية، وبخاصة بين روسيا وأمريكا من جهة، وروسيا والدول الأوروبية، وخصوصا ألمانيا من جهة أخرى، في السياسة ليست هناك خلافات أبدية، أو نبذ أزلي، بل هناك خطوات من هنا وأخرى من هناك إلى أن نصل إلى الحل المطلوب. وإذا كانت السعودية والإمارات استطاعتا أن تحلا مشاكل دول أخرى في العالم، فإنهما لن تعجزا عن حل مشكل خليجي. بقدر فرحتنا بهذه الحال من التصالح بقدر ما نتمنى استمرار هذا الوفاق والميثاق عبر الالتزام بما تم التعهد به، والكبار يتجاوزون القيل والقال، ولا أجد وصفا لهؤلاء المسامحين أبلغ من قول المقنع الكندي: ولا أحمل الحقد القديم عليهم وليس كريم القوم من يحمل الحقدا